في الوقت الذي يواجه فيه الائتلاف الحكومي الإسرائيلي جملة تحديات تنذر بسقوطه، بسبب الخلافات داخله ومع المعارضة، فإنه برز في الساعات الأخيرة تهديد جديد أمامه يتعلق بمشروع قانون تسعى لتقديمه عضوة الكنيست كاتي شطريت من حزب الليكود الذي يقود المعارضة، يتعلق بفرض عقوبات وأحكام قضائية مشددة على الفلسطينيين راشقي الحجارة على دوريات جيش الاحتلال والمستوطنين.
ومن المتوقع أن يتم طرح هذا المشروع يوم الأحد القادم أمام اللجنة الوزارية للتشريع، وسوف يتسبب في إحراج الائتلاف الحكومي، في ظل انقسامه حوله، مع العلم أن وزيرة الداخلية آياليت شاكيد سبق أن قدمت مشروع قانون مشابه في الماضي، ويطالب بفرض عقوبة لا تقل عن أربع سنوات على الشبان والفتيان الفلسطينيين الذين يرشقون دوريات الجيش ومركبات المستوطنين بالحجارة وقنابل المولوتوف، بهدف إلحاق الضرر بهم، وهي عقوبة مشددة جدا.
حنان غرينفود مراسلة صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، ذكرت في تقرير ترجمته "عربي21" أن "هذا اختبار جديد للتحالف الحكومي، مع العلم أن المحكمة الإسرائيلية العليا خففت في وقت سابق عقوبة راشقي الحجارة، لأنهم قاصرون من الناحية القانونية، لكن إعادة طرح مشروع القانون من جديد تأتي على خلفية موجة الهجمات الفلسطينية الأخيرة، وتزايد حوادث رشق الحجارة، وهي ظاهرة انتشرت في أجزاء كبيرة من فلسطين المحتلة".
وأضافت أن "شهر أيار/ مايو الماضي وحده شهد وقوع 227 حادث رشق حجارة في الضفة الغربية، و59 زجاجة حارقة، وفي شهري آذار ونيسان اللذين سبقاه، وقعت 1064 حالة رشق حجارة مختلفة، وإلقاء 209 زجاجات حارقة على حافلات المستوطنين، وإحراق 297 إطارًا، فيما كشف مركز المعلومات والأبحاث في الكنيست أنه من بين 7,143 حالة فتحتها الشرطة لرشق الحجارة في الأعوام 2015-2021، تم التعرف على منفذي 2,191 حادث، بينما في ثلثي الحالات لم يتم العثور على مشتبه بهم على الإطلاق، والنتيجة أنه تم إغلاق 95 في المائة من القضايا دون تقديم لوائح اتهام".
يشكل طرح مشروع القانون الإسرائيلي الجديد على خطورة ما تشكله حوادث رشق الحجارة في الضفة الغربية وشرق القدس على جيش الاحتلال والمستوطنين، لاسيما أنها تتم في مناطق جبلية وعرة، وتحمل مخاطر جدية على الجنود والمستوطنين، ما يجعل الإسرائيليين يعتبرون الحجارة في بعض الأحيان لا تقل خطورة عن السلاح الناري.
ويلجأ الفلسطينيون في تصديهم لدوريات الاحتلال ومركبات المستوطنين للحجارة والمقاليع والزجاجات الحارقة والإطارات المشتعلة، والعصي، كونها "أسلحة" في متناول أيديهم على مدار الساعة، وهم يستعيدون بذلك أمجاد "انتفاضة الحجارة"، حتى غدت اليوم أداة فعالة في رشق قوات الاحتلال وآلياته العسكرية، وإقامة الحواجز وإغلاق الطرق وبناء السواتر والمتاريس والكمائن.
ويعود كثرة استخدام الحجارة في الضفة الغربية في السنوات الأخيرة، بسبب توفرها في كل مكان، ولا تستورد من الخارج، وبالتالي فهي في متناول الجميع، كما أن المولوتوف صناعة محلية، وبقية الأسلحة المعتمدة، فضلا عن كونها جماهيرية، قادرة على تلبية طبيعة المرحلة، ولم تعد المقاومة مقتصرة على المجموعات الفدائية، بحيث أمكن لجميع الفلسطينيين من كل الأعمار استخدامها، وارتجال طريقة إلقائه بالطريقة التي تريحهم، وتضمن في ذات الوقت إصابة الهدف.
اقرأ أيضا: مدير الأقصى يوضح حجم اقتحامات المستوطنين بحماية الاحتلال
فضلا عن ذلك، يدرك الإسرائيليون مخاطر استخدام الفلسطينيين للحجارة، لأنها بعكس الأسلحة النارية، يمكن استخدامها عدة مرات، وربما إلى ما لا نهاية، ولا يمكن نزعها أو مصادرتها، ولا يتطلب استخدامها دورات تدريبية أو حلقات توعية، وبوسع المقاوم أن يلقيها ويفر، فيضمن لنفسه البقاء، ولا يتطلب عملية تنظيم مركزية أو قيادة قوية، وفي النهاية فإن لجوء الفلسطينيين للحجارة، ضد الإسرائيليين، جنودا ومستوطنين، جاء بسبب إجراءات الاحتلال والسلطة الفلسطينية في مصادرة وإجهاض كل محاولة لإيجاد مقاومة مسلحة توجع الاحتلال، وتجبي منه أثمانا باهظة.
صحيفة عبرية: غموض حول زيارة بايدن في ظل أزمات حكومة الاحتلال
خبير إسرائيلي: هذه مخططات جيش الاحتلال تجاه أهالي الـ48
"هآرتس": لماذا طردت الكونغو الديمقراطية رئيس "الموساد"؟