طرحت الفكرة التي لمّح إليها رئيس مجلس الدولة الليبي، خالد المشري، حول تشكيل حكومة مصغرة تجهز للانتخابات المرتقبة، عن واقعية الطرح ومدى قبوله من الحكومتين المتنازعتين، في ظل تلاحق الأزمات على البلاد.
وطالب المشري رئيس الحكومة المكلف من البرلمان، فتحي باشاغا، بتقديم استقالته، وكذلك لرئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبدالحميد الدبيبة، بقبول التغيير من أجل إنقاذ العملية الانتخابية، متهما الحكومتين بعدم قدرتهما أو نيتهما في إجراء انتخابات في أجل قريب"، وفق تصريحات تلفزيونية.
ولاقت هذه التصريحات صدى لدى لجنتي البرلمان ومجلس الدولة المجتمعتين في العاصمة المصرية القاهرة، ففي حين رفضها أعضاء البرلمان، وأكدوا تمسكهم بحكومة باشاغا، رحب بها أعضاء في مجلس الدولة، معتبرينها قد تكون حلا وسطا لأزمة الحكومتين.
اقرأ أيضا: باشاغا والدبيبة يتمسكان بمنصبيهما.. والمشري يهاجمهما
"فوضى وفشل الانتخابات"
من جهته، رأى السفير الليبي وعضو اللجنة الوطنية لتنفيذ خطة عودة الأمانة للشعب (رسمية)، إبراهيم قرادة، أن "فكرة حكومة ثالثة كانت متوقعة في ظل إخفاق حكومة "باشاغا- حفتر- عقيلة" في الحصول على اعتراف دولي وتأييد شعبي، ودخول طرابلس، وتراجع هذه الأطراف ومعهم تيار المشري".
وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "الأغلبية الشعبية والسياسية سترى في هذا الطرح محاولة لإطالة عمر هذه الكيانات الجاثمة على صدر الشعب، وكذلك ستعتبر ضربة أخرى لأي انتخابات قريبة يطالب ويلح عليها الشعب والعديد من الأطراف الدولية الفاعلة، وبالأخص الغرب وأمريكا"، وفق رأيه.
وتابع: "بعد نجاح الدبيبة في الإفلات من كمائن خصومه، وشعبيته الأفضل بالمقارنة بغيره، وبالأخص في غرب ليبيا، يجعل هذه المحاولة مجرد لعبة محلية وإقليمية أخرى، أقصى نجاحها هو تزايد الفوضى والصراع، وهذا المقترح بتكليف المشري هو مواصلة لنهج تفتيت قوى المنطقة الغربية، ونقل الصراعات إليها وفيها، وكلما اقتربنا من شهر يونيو الموعود والمرتبط بالانتخابات ستزداد سخونة التناطح السياسي"، كما صرح.
"ماذا عن باشاغا والدبيبة؟"
عضو لجنة التواصل بهيئة الدستور الليبي، سالم كشلاف، قال: "أعتقد أن فكرة تشكيل حكومة جديدة في هذا التوقيت لن يكتب له النجاح؛ فمن جهة يتمسك الدبيبة بعدم تسليم السلطة إلا لحكومة منتخبة بعد الانتخابات، كما أنه من المستبعد جدا تسليم باشاغا تقديم استقالته من المهام التي كلف بها من قبل مجلس النواب".
وأشار خلال تصريحه لـ"عربي21" إلى أن "طرح مسألة حكومة ثالثة الآن من شأنه تأزيم الأوضاع أكثر، وتعقيد المشهد، لاسيما في ظل الانقسام الدولي وعدم وجود إرادة دولية موحدة في ليبيا سوى ما يتم التصريح من كل الجهات الدولية والإقليمية من ضرورة الذهاب إلى الانتخابات في أسرع وقت ممكن، والتي لم تعدو كونها مجرد تصريحات دبلوماسية عامة لم تترجم بشكل واضح وواقعي عبر الضغط على الأطراف الليبية المعنية للقبول بخيار الانتخابات، وتجديد شرعية المؤسسات السياسية في ليبيا"، حسب تقديره.
"قاعدة دستورية"
وصف الباحث الليبي في الشأن الدستوري، محمد محفوظ، هذه الخطوة بأنها توجه واضح من بعض القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة، وليست مجرد مبادرة من المشري، خاصة بعدما أكدت السفارة الأمريكية وسفيرها لدى ليبيا أن القيادة لا تأتي بالاستيلاء على السلطة ولا الاحتفاظ بها".
وأضاف: "ومن المؤكد طبعا أن المقصود بذلك هما: باشاغا والدبيبة، لكن أعتقد أنه بمجرد أن تُحل قضية القاعدة الدستورية والقوانين اللازمة لإجراء الانتخابات، فإن ذلك سيأتي بشكل متوقع بالنسبة لتغيير الحكومة والتسليم بالأمر الجديد"، كما قال لـ"عربي21".
مهاجرون مصريون نجوا من الموت في ليبيا يروون قصصهم
لماذا خصصت حكومة "باشاغا" 13 مليار دينار لدعم قوات "حفتر"؟
لماذا تعترف الجزائر بحكومة الدبيبة وتتجاهل باشاغا؟