واصل القطاع الخاص غير النفطي في مصر انكماشه مدفوعا بانخفاض حاد في طلب العملاء وارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج، على الرغم من الارتفاع الهامشي الذي حققه خلال نيسان/ أبريل الماضي، بحسب تقرير وكالة "ستاندرد آند بورز غلوبال".
وقالت الوكالة في تقرير نشرته، الأحد، إن قراءة مؤشر مديري المشتريات في مصر سجلت ارتفاعا هامشيا الشهر الماضي إلى النقطة 46.9 مقابل 46.5 نقطة في شهر آذار/ مارس، إلا أنه ظل في نطاق الانكماش بسبب تداعيات الأزمة الروسية الأوكرانية.
وأضاف التقرير: "ظلت ظروف الأعمال في الاقتصاد غير المنتج للنفط في مصر تحت ضغط التضخم ومشاكل الإمداد والتوترات الجيوسياسية في شهر نيسان/ أبريل".
وأوضح التقرير أن الشركات استمرت في تقليل نشاطها الشرائي مع خفض أعداد العمالة بأسرع معدل في فترة عام واحد بالضبط، وسط توقعات باستمرار شدة ضغوط الأسعار، مؤكدا أن الشركات المصرية غير المنتجة للنفط سجلت انخفاضا ملحوظا في الطلبات الجديدة بالشهر الماضي.
اقرأ أيضا: إجراءات مؤلمة تنتظر اقتصاد مصر بعد قرار "الفيدرالي الأمريكي"
وفي وقت سابق، أظهرت بيانات البنك المركزي المصري تراجعا كبيرا في نصيب القطاع الخاص من الاستثمارات المنفذة في مصر من 64 بالمئة عام 2012 إلى 26 بالمئة فقط عام 2021.
وبحسب البيانات الرسمية، بلغ إجمالي الاستثمارات المنفذة في مصر خلال العام المالي 2020-2021، ما قيمته 761 مليار جنيه مصري (نحو 36.3 مليون دولار)، كان نصيب القطاع الخاص منها 200 مليار جنيه (10.8 مليون دولار)، بحصة 26 بالمئة، وهو ما يعني أن حصة القطاع الخاص من إجمالي الاستثمارت انخفضت عن العام السابق، الذي بلغت فيه قيمتها 305 مليارات جنيه (16.5 مليون دولار)، بنسبة انخفاض 38 بالمئة من إجمالي الاستثمارات.
وأرجع الخبير في الإدارة الاستراتيجية مراد علي، التراجع الحاد في نصيب القطاع الخاص من الاستثمارات المنفذة في مصر على مدار العقد الماضي، إلى استحواذ الجيش على غالبية المشاريع في مصر.
وقال علي، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "التراجع الشديد سببه تكليف شركات الجيش بمعظم المشاريع"، متسائلا: "هل هذا يفيد الاقتصاد؟".
والشهر الماضي، نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا سلطت فيه الضوء على تضييق السلطات المصرية على رجال الأعمال المصريين لصالح شركات الجيش.
وقالت المجلة إن الحكومة المصرية تمارس "ابتزازا" على رجال الأعمال والمستثمرين؛ للحصول على حصص في شركاتهم، كما حدث مع مؤسس شركة جهينة للألبان صفوان ثابت ونجله سيف.
وأكدت أن الجيش المصري يستحوذ على كل ما يريد من شركات، الأمر الذي تسبب في سوء الاقتصاد والفشل في بناء قاعدة تصنيعية، وكبح قدوم المستثمرين الأجانب.
وأشارت المجلة إلى أن السطات المصرية اعتقلت صفوان ثابت مؤسس شركة جهينة للألبان بعد رفضه الموافقة على التنازل عن حصة من الشركة لأحد الشركات التابعة للحكومة، كما أنها اعتقلت أيضا ابنه سيف بعد رفض الموافقة على الصفقة.
وأضافت: "بالرغم من مرور أكثر من عام على القبض على ثابت ونجله فلم تنظر المحاكم قضيتهما حتى الآن".
اقرأ أيضا: إيكونوميست: نظام السيسي ابتز شركة "جهينة" كما تفعل المافيات
وأشارت المجلة إلى الضغوط التي تعرض لها رجل الأعمال رامي شعث، للموافقة على التنازل عن حصة في شركته للأجهزة الإلكترونية لتتبع استخدام الكهرباء والمياه والغاز لشركات المرافق الحكومية، لصالح شركة عسكرية.
وقالت المجلة إن شعث عندما رفض تم القبض عليه بتهمة "مساعدة جماعة إرهابية" ونشر أخبار كاذبة، لمدة سنتين قبل الإفراج عليه بعد تنازله عن جنسيته المصرية.
وأضافت: "قلة من رجال الأعمال في مصر يجرؤون على الوقوف في وجه الجيش، إذ تظهر معاملة آل ثابت ما يمكن أن يحدث إذا فعلوا".
ورغم ارتفاع مستوى الناتج المحلي العام منذ حزمة الإنقاذ عام 2016 إلا أن الاقتصاد في وضع فقير، وفشلت مصر في بناء قاعدة تصنيع لها والصادرات بطيئة. وبحسب آخر تقدير، فقد ارتفع العجز في الحساب الجاري إلى 18.4 مليار دولار، وزادت معدلات الفقر.
والشهر الماضي خفض البنك المركزي المصري قيمة الجنيه المصري بنسبة 14 بالمئة. وكصورة عن المشاكل، تلاشت مبيعات أذون الخزانة قصيرة المدى. وأقنع رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي دول الخليج الصديقة بإيداع مليارات الدولارات في البنك المركزي والتعهد بالاستثمار، إلا أن حالات مثل جهينة من غير المحتمل أن تجذب المستثمرين وتجعلهم يدقون على الباب، وفقا لـ"إيكونومست".
ارتفاع هامشي لمؤشر أداء القطاع الخاص في مصر
مصر تعتزم إشراك "الخاص" بأصول للدولة وشركات الجيش بالبورصة
بلومبيرغ: عقبات أمام الاستثمارات الإماراتية في مصر