"رمضان العاشر في غياب زوجي الدكتور
أحمد عبد العاطي، سنوات غيابه أصعب سنوات العمر، وشهور غيابه أصعبها على الإطلاق
شهر رمضان"، بهذه الكلمات عبرت عن مشاعرها قبيل رمضان، الدكتورة منى المصري
زوجة سكرتير الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، والمعتقل منذ رمضان عام 2013.
وفي الوقت الذي يتسابق فيه الأطفال والنساء في
مصر على تعليق الزينات والأنوار في الشوارع والحارات وفوق البيوت استعدادا
لاستقبال شهر رمضان؛ تغيب فيه تلك الزينة وهذه الأضواء عن بيوت آلاف المعتقلين في
مصر منذ الانقلاب العسكري 3 تموز/ يوليو 2013.
ومنذ ذلك الحين مرت 9 رمضانات متتابعة على نحو
65 ألف سجين ومحبوس سياسي بينهم صحافيون ومحامون وأكاديميون ومن جميع المهن إلى
جانب نشطاء وإسلاميين في سجون النظام العسكري الحاكم بدون أمل في الخروج من تلك
الأزمة وبعيدا عن أسرهم وهم محرومون من فرحة رمضان ولمة الأسرة والإفطار مع الأحباب
ولقاء الأصدقاء.
نحو 120 ألف سجين، بينهم نحو 65 ألف سجين
ومحبوس سياسي، هم عدد السجناء والمحبوسين احتياطيا والمحتجزين في مصر حتى بداية
آذار/ مارس 2021، وفق تقدير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، في
نيسان/ أبريل 2021.
"قلوبنا مكسورة"
وفي حديثها لـ"عربي21"، أضافت زوجة عبد
العاطي: "منذ غاب زوجي، غابت معاني الفرحة في البيت؛ نعم وإن كان لرمضان
انتظار قدوم وبشر بالطاعة والأمل في القبول من الله والرضا، إلا أنه يبقى في غياب
الأب والزوج أصعب الشهور".
وتابعت: "وما يزيد الأمر سوءا أضعافا
مضاعفة هو الحرمان من رؤيته وزيارته لسنوات طوال، فمنذ 6 سنوات لا نراه ولا
يرانا"، متسائلة: "في أي قانون هذا يا من تتشدقون بحقوق الإنسان ألا يرى
الأب أولاده، ولا يعرف أخبارهم ولا نعرف عنه شيئا".
وأكدت أن "سجن العقرب حيث يقبع زوجي منذ 3
تموز/ يوليو 2013، مقفول تماما وممنوع على الجميع الدخول والزيارة، وسنوات لا نرى
حتى ظله لا في موسم ولا مناسبة ولا حتى في رمضان".
وتساءلت: "في أي قانون يحرم هو لعاشر سنة
في رمضان من سحور يعينه على الصيام، وإفطار يقويه بعد تعب الصيام، ويحرم من الهواء
والشمس، ويُحرم حتى من زيارة أهله ولو لدقائق معدودة، نُطعمُه ولو لمرة في
رمضان".
وفي وصفها لمشاعرها قالت: "رمضان العاشر
هو نفس المزيج في القلب من الطمع في رحمة الله والعون على الطاعات والقبول وأسى
وألم في القلب ليس بأيدينا؛ ولكنه من فعل الظالمين".
وأضافت: "رمضان العاشر الذي ينقص فيه أهم
فرد في البيت، الأب والزوج، ما زالت مكسورة فيه القلوب بالقلق عليه ونحن لا نعلم
عنه شيئا مشتتة فيه الأرواح بين الحاضر والغائب، ولكن حسبنا أنه يبقى اليقين في
رحمة الله وعفوه وإن تجبر الظالمون".
وختمت: "تتجلى الرحمات في هذا الشهر
العظيم، عسى الله أن يطمئن قلوبنا على أسرانا، ويكتب لهم فرجا وعفوا ويكتب لنا
جميعا جمعا".
"وجع لا يوصف"
زوجة عضو مجلس الشوري السابق والأكاديمي بكلية
الهندسة جامعة بني سويف، الدكتور محمد محيي الدين، المعتقل منذ 23 شباط/ فبراير
2019، السيدة ندى مقبل، أعربت عن ألمها لغياب زوجها عنها وعن نجليها زياد وياسمين،
لأكثر من 3 سنوات.
وفي حديثها لـ"عربي21"، أشارت لحالة
الألم والمرارة التي تعيشها في غياب زوجها، معربة عن أسفها من أن هذا هو رابع
رمضان يمر عليها دون محيي الدين.
وقالت مقبل: "ليس هناك أي كلام يمكن به
وصف حالة الوجع والألم التي نعيشها وخاصة مع المناسبات التي تحمل ذكريات وكانت
تمثل لنا فرحة أسرية"، معربة عن أملها في أن "يرجع ويقضي رمضان
معنا".
"ما ذنب الصغير؟"
ابنة أحد المعلمين الذين تعرضوا للاعتقال مرتين
(61 عاما) هو وأخوها الأكبر (35 عاما)، قالت: "لا توجد كلمات تعبر عما يحدث
معنا، وخاصة مع قدوم شهر رمضان؛ أيام ثقال تمر بصعوبة".
وفي حديثها لـ"عربي21"، تحدثت عن
حالة نجل أخيها الصغير متسائلة: "ما ذنب طفل صغير يُحرم من أبيه بلا أي سبب،
ويقول دائما أين أبي؟ حينها؛ لا نعرف كيف نشرح له، فعقله الصغير البريء لن يستوعب
ما سيسمعه".
وأضافت: "أما بالنسبة لنا كبنات والدنا
رهن الاعتقال، فهو إحساس لا يوصف بالظلم والمهانة، ولكن كلنا أمل بالله أن يزيح
هذه الغمة، ونحلم بالطبع أن يكون هو وأخي بيننا في رمضان".
"ألم ضاعفته الأسعار"
أحد المهتمين بملف المعتقلين، قال: "يأتي
رمضان هذا العام في ظل سعار حمى الأسعار على آلاف الأسر التي غيبت الأسوار عائلها،
وكاد عقد من زهرة شبابهم أن ينقضي لتشمل العقوبة أسرة السجين".
وأضاف لـ"عربي21": "لا دخل لهم
ولا حاضنة شعبية تواسيهم وبيوت مغلقة على أناس يحسبهم الجاهل أغنياء من
التعفف".
اقرأ أيضا: مركز حقوقي: السجون المصرية تحولت لمراكز للتجنيد في داعش
وتابع: "نحن نفتقد فرحة الاحتفال بالضيف
الكريم، وكأن سرادق الحزن قد خيم في جنباتها؛ فما بالك بأسر المعتقلين الذين يُعاد
تدويرهم بقضايا وهمية، والآلاف فقدوا وظائفهم والآلاف يعانون التهجير القسري بين
المحافظات".
وأشار إلى أن "ما زاد الطين بلة الحملات الأمنية
المسعورة قبل قدوم رمضان".
"عادت بهجتنا"
والدة إحدى المعتقلات السابقات، قالت
لـ"عربي21": "الحمد لله، له الحمد والشكر الكثير، ابنتي خرجت من
معتقلها قبل 3 شهور، وبيتنا يتزين بها في رمضان بعدما ظل معتما لسنوات".
وتمنت السيدة أن "تتزين بيوت جميع
المعتقلات بهن"، مضيفة: "عقبال بلدنا ربنا يفك كربها ويردها لنا سالمة
معافاة".
لكنها قالت في نهاية حديثها: "شعوري مع
قدوم رمضان لم يختلف كثيرا بعد خروج ابنتي، لأن لنا بنات معتقلات وكلهن أعراضنا
وبناتنا، فك الله بالعز أسرهن وردهن سالمات إلى بيوتهن وذويهن".
"حرمان من الظل"
وفي كلمات تحمل كما من الحزن والأسى كتبت حنان
توفيق، زوجة وزير التموين المصري الأسبق والمعتقل منذ منتصف العام 2013، الدكتور
باسم عودة: "ويمر رمضان وراء رمضان.. وعيد وراء عيد ولا نستطيع أن نراه أو
نسمع صوته أو نطمئن عليه حتى بخطاب مكتوب".
وفي منشور لها عبر "فيسبوك"،
الأربعاء، أضافت: "نفسي أشوفه وأقوله كل سنة وأنت طيب، بقالنا سنين ما
اتقابلناش (لم نلتق)، عايشين مع بعض على نفس الكوكب ومش عارفين نشوف بعض، بتعدي
مناسبات وأحداث ما يعرفش عنها حاجة".
وتابعت: "إلى متى تظل الزيارة ممنوعة؟ وحتى متى
لا يمكننا رؤية ظله؟ لماذا غير مسموح بزيارة استثنائية في المناسبات، إذا كانت
الزيارة العادية ممنوعة من 5 سنوات؟".
وختمت بالقول: "الزيارة حق إنساني لكل
إنسان مسجون في أي مكان في العالم".
وكتبت سهام حسن، والدة المعتقلة إسراء خالد سعيد: "للعام الثامن يأتي رمضان وأنت بالسجن يا ابنتي الحبيبة"، مضيفة: "كم أشتاقك ابنتي الغالية لسماع صوتك، وضجيجك، وضحكتك، وبكل حالاتك أنت غاليتي، وكل دنيتي".
زوجات معتقلين بمصر يواجهن الواقع ويحاولن توفير لقمة العيش
السلطات المصرية تنفذ حكم الإعدام على سبعة معارضين