مع كل عيد تتجدد آلام أسر المعتقلين في مصر، إلا أن عيد الأضحى له ألم خاص بعد أن كان له طعم ومذاق خاص لديهم.
وكانت شعائر عيد الأضحى عادة وعملا أساسيا لدى كثير منهم، يجري تنظيمه بدقة لسنوات طويلة.
وكانوا ينظمون صلاة العيد في الساحات، والمسابقات الدينية والثقافية وفي حفظ القرآن الكريم، وكذلك ذبح الأضاحي وتوزيع لحومها على الفقراء وجمع جلودها من الأهالي وبيعها للتجار والتبرع بقيمتها للمحتاجين.
وكذلك الإعداد لإفطار يوم عرفة، وتوزيع وجبات الطعام الجاهزة على الفقراء والصائمين، وتوزيع الملابس والنقود والعيديات على ملايين الفقراء في مصر، وهي العادات التي تجرى الآن على خجل خوفا من التصنيف الأمني لمن يقوم بها.
اقرأ أيضا: صلاة "الأضحى" عربيا.. دول منعتها و11 دولة تقيمها بقيود
وافتقد الشارع المصري العديد من هذه العادات التي كانت تمارسها جماعة الإخوان المسلمين بشكل خاص، وسمح بها نظام حسني مبارك لهم لنحو 30 عاما، لكنها اختفت تدريجيا منذ الانقلاب العسكري منتصف عام 2013.
"ذكريات دور غائب"
وبشأن ذلك، تقول "هـ"، زوجة أحد المعتقلين المصريين بمحافظة الشرقية: "لم تمر سنة منذ زواجي قبل 30 عاما دون مشاركة زوجي احتفالات العيد".
وتضيف لـ"عربي21": "شاركت في الإعداد لترتيبات حفل صلاة العيد، وفي ترتيبات ذبح الأضاحي وفي إعداد كشوف بأسماء الفقراء والتوزيع عليهم بيتا بيتا".
أما "اليوم ومنذ الانقلاب العسكري، ومع اعتقال زوجي، فلا تقام صلاة عيد في الساحات، وإن أقيمت فبلا طعم أو لون، ولا توزيع للحوم على الفقراء، ومن يضحي يكتفي بأقرب الأقارب لديه".
وتؤكد أن "قدوم العيد لم يعد يمثل لدينا أي نوع من أنواع الفرحة، بل إننا على العكس نجتر فيه الذكريات ويتضاعف الألم مع عناء الزيارة يوم العيد".
وتوضح أن الزيارة "تبدأ من الساعة الثانية قبل الفجر، وتنتهي مع غروب شمس اليوم التالي، لأجل 10 دقائق ألتقي فيهما زوجى من خلف أسوار شائكة غليظة جدا، أعود منها بأمراض وأوجاع وآلام نفسية".
"فرحة منقوصة"
"هاني"، أحد عناصر الإخوان الذين تعرضوا للاعتقال عدة مرات، يقول إن "مشاعر المعتقلين في أيام الأعياد لا يمكن وصفها فهي فرحة بقلب المسلم، ولكنها ممزوجة بكثير من الألم ومشاعر الفقد للأسرة، الأبناء والزوجة والأب والأم".
ويضيف لـ"عربي21": "كنا نحسب بالساعات والدقائق موعد قدوم العيد الذي يعني محاولات من المعتقلين لرسم البسمة على وجوه الجميع، وانتظار الزيارات الاستثنائية وتناول بعض الطعام من رائحة العيد".
ويتابع: "ومع كل تلك المحاولات إلا أن الفرحة كانت منقوصة دائما؛ بعيدا عن لمة الأسرة والأبناء، وبعيدا عما كنا نقوم به من أنشطة دعوية، ودعم للفقراء وذبح للأضاحي وتوزيعها، ومشاركة الأهل والأصدقاء الولائم".
ويوضح: "اليوم لا يمكنني ولا أحد من الجماعة أو غيرنا ذبح أضحية والمشاركة فيها لعمل تضامني مع الفقراء، أو جمع جلود الأضاحي وبيعها والتبرع بقيمتها للفقراء أو المرضى، أو توزيع الأطعمة على الصائمين يوم عرفة".
ويتابع: "لم يعد بمقدورنا تنظيم صلاة عيد الأضحى في الساحات، ولم شمل الأسر وعمل المسابقات للأطفال ومنحهم الجوائز، بعدما منعها الأمن وسيطر عليها وفرض قيودا عليها مع جائحة كورونا".
الحقوقي المصري خلف بيومي، يقول: "مهما تحدثنا عن معاناة أسر المعتقلين، الزوجة والأبناء والآباء والأمهات، فلن تعبر الكلمات عن حجم المعاناة".
وأضاف مدير مركز "الشهاب لحقوق الإنسان"، لـ"عربي21": "إننا كحقوقيين نعيش المعاناة معهم لحظة القبض على ذويهم وننشغل بغيرهم، ولكنهم يعيشونها طوال الوقت".
ولفت إلى أن "معاناة المعتقلين ومعاناة أسرهم تتضاعف في المناسبات الدينية في شهر رمضان والأعياد، وهي مناسبات اعتادت الأسر فيها على التجمع".
وأوضح أن "معاناة المعتقلين وأسرهم تزداد أيضا مع منع الزيارة عنهم أو إتمامها من وراء أسلاك شائكة، أو عدم السماح بدخول الطعام".
وختم بيومي: "ولا تتوقف المعاناة مع منع الزيارة بل إنها تزداد مع باقي الأيام، إذ تأبى بعض الأسر المشاركة في مظاهر العيد، وتفضل المكوث في البيوت".
وعبرت الدكتورة شيرين العزب، زوجة الدكتور أسامة ياسين، وزير الشباب المصري الأسبق والمعتقل المحكوم بالإعدام الشهر الماضي، عن آلام أسر المعتقلين في هذه المناسبة الإسلامية.
وقالت عبر "فيسبوك": "يارب بحق يوم عرفة والدعاء فيه مستجاب ونحن ندعوك أن تجعل لزوجي ومن مثله مخرجا ونجاة من حيث لا نعلم، وتقر أعيننا بهم وأنت القادر، يارب إنهم لا يعجزونك".
عربي21 تكشف ثروة المصري حسن راتب المتهم بـ"الآثار"
برلمان السيسي يسعى لتجاوز دور مجلس الدولة في إصدار القوانين
ما هي خيارات مجلس الأمن للتعامل مع ملف سد النهضة؟