كشفت
وثائق بريطانية عن استخفاف الزعيم المصري الراحل، جمال عبد الناصر، بقدرة الإثيوبيين
على حجز مياه النيل.
وتكشف
الوثائق، حسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، عن أن مسؤولي
السفارة البريطانية في القاهرة ناقشوا قضية العلاقات الإثيوبية المصرية مع المسؤولين
المصريين خلال عامي 1960 و1961.
فقد
جمع لقاء، يوم 20 من شهر كانون الأول/ ديسمبر عام 1961، أحد دبلوماسيي السفارة
البريطانية في القاهرة مع محمد فائق، مستشار الرئيس ناصر للشؤون الأفريقية. ونوقشت
في هذا الاجتماع مسألة قدرة إثيوبيا على حجز المياه عن مصر.
ووفق
تقرير عن اللقاء، قال الدبلوماسي البريطاني إنه "كان في حيرة ناتجة عن إدراكه
أن حكومة الجمهورية العربية المتحدة (مصر) تبدو مستعدة جدا لإغاظة الإثيوبيين".
وخلال
النقاش، قال فائق: "أود أن أوضح أن الدراسات الفنية التي أجريت في القاهرة أظهرت
أنه حتى لو توفرت للإثيوبيين أموال لا حدود لها، فإنه لا يمكنهم حجز أكثر من 1 من
13 من مياه النيل الأزرق"، الذي هو مصدر أكثر من 80 في المئة من مياه النيل المتدفقة
على مصر.
وأضاف
فائق أنه "بمجرد ملء خزان سد أسوان العالي، فإن هذا الأمر لن يهم".
في تلك
الفترة، تردد أن إثيوبيا تخطط لتحويل مجرى مياه النيل الأزرق، الذي ينبع من بحيرة تانا
في إثيوبيا، بعيدا من مجرى وادي النيل.
وأبلغ
فائق الدبلوماسي البريطاني: "باعتقاد المصريين أن تحويل إثيوبيا مجرى مياه النيل
الأزرق غير ممكن". وأضاف: "على أي حال، لن يحصل الإثيوبيون أبدا على الأموال
الكافية لتنفيذ أكثر من جزء ضئيل من المخططات الممكنة فنيا.. وليس لدى المصريين والسودانيين
ما يخشون منه بخصوص هذا الأمر".
وتابع
المسؤول المصري وفق الوثيقة البريطانية بأن سياسة مصر تجاه إثيوبيا هي "في العموم
ليست غير ودية".
وقال
الدبلوماسي إنه "لا يعلم ما إذا كان كلام فائق يستند إلى أدلة قوية".
وخلص
الدبلوماسي البريطاني، من النقاش، إلى أن ما طرحه فائق "عزز رأيه بأن المصريين
لا يعبأون بالإثيوبيين".
وأشار
تقرير الدبلوماسي البريطاني من القاهرة إلى أن نظرة المصريين المستقبلية تقوم على
"الاعتقاد بأن من المرجح أن تتفكك الدولة الإثيوبية، عندما يموت الإمبراطور (هيلا
سيلاسي)".
وحذر
التقرير من عواقب وخيمة للغاية لمثل هذا التصور، قائلا إنه "لو تبين خطأ المصريين،
فستكون تلك نهايتهم".
واستنادا
إلى هذا التصور، توقعت الخارجية البريطانية أن تواجه مصر مشكلة لا قبل لها بها مع الإثيوبيين
بسبب المياه.
وبعد
خمسين عاما من التحذير البريطاني، تمكن الإثيوبيون من تدبير حوالي 5 مليارات دولار
لتمويل بناء سد النهضة، الذي تساور مصر مخاوف قوية من أنه سوف يخفض حصتها الحالية من
المياه البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنويا.
اقرأ أيضا: مجلس الأمن عن خلاف سد النهضة: خارج نطاق عملنا
8 سنوات على انقلاب السيسي بمصر.. "ذكرى تأبى النسيان"
مجلس الأمن عن خلاف سد النهضة: خارج نطاق عملنا
غوتيريش: ملف سد النهضة يمكن حله فقط بالحوار بين أطراف الأزمة