قضايا وآراء

إلى أين تقود معضلة وقف تصعيد الكيان الإسرائيلي؟

1300x600

للمرة الرابعة وفي أقل من أسبوع يتصل بايدن برئيس وزراء الكيان الإسرائيلي نتنياهو ليطالبه وبشكل أكثر حسما بضرورة خفض التصعيد مع نهاية نهار يوم أمس الأربعاء؛ تبعه الاتصال الثالث من نوعه والثاني في أقل من 48 ساعة لوزير الدفاع الأمريكي لويد أوستين يطلب فيه من وزير حرب الكيان الإسرائيلي بيني غانتس وقف العمليات العسكرية في قطاع غزة بحسب قناة كان العبرية.
 
الحسابات الأمريكية الداخلية والخارجية لإدارة بايدن تزداد تعقيدا يوما بعد الآخر؛ فمواصلة العمليات العسكرية تعني مزيدا من الضغط والانقسام والتشظي داخل الكتلة النيابية للحزب الديمقراطي، فاليسار التقدمي والليبرالييون غير مقتنعين بموقف بايدن من العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في حين أن المحافظين التقليديين في الحزب الديمقراطي والكونغرس قلقون من تداعيات الحرب على وحدة الحزب وقدرته على مواجهة خصومه الجمهوريين في الانتخابات النصفية من العام 2022 ما يجعل من الملف الفلسطيي اختبارا حقيقيا للحزب الديمقراطي والرئيس بايدن ومناصريه.

الحسابات المعقدة لا تقتصر على الداخل الأمريكي بل تعدته إلى السياسة الخارجية من خلال إرباك الاستراتيجية الأمريكية الهادفة لمواجهة التحدي الروسي والصيني؛ فالصراع المشتعل في الشرق الأوسط هدد بإغراق الولايات المتحدة الأمريكية بتفاصيل المشهد في الشرق الأوسط وإحباط جهودها الرامية لاحتواء الأزمات في إقليم غرب آسيا (الملف النووي الإيراني) وسطها (الانسحاب من أفغانستان) للتفرغ للتحدي الروسي والصيني.

تحدي دفع رئيس هيئة الأركان للجيش الأمريكي مايك ميلي وقائد المنطقة المركزية في (الشرق الأوسط وغرب آسيا) الجنرال ماكنزي التحذير من تداعيات المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي على الأمن والاستقرار في المنطقة؛ وإمكانية توسعها لتشمل لاعبين جدد وبقعة جغرافية أوسع؛ وهو تهديد يعيق الجهود الأمريكية لإعادة التموضع وبناء استراتيجيتها في الباسفيك لمواجهة الصين وفي بحر البلطيق لمواجهة روسيا.

 

وقف إطلاق النار سم بات على نتنياهو وقادة الكيان تجرعه؛ فاستمرار المواجهة ستعني مواجهة مباشرة مع إدارة بايدن تمتد لأعوام؛ فاستمرار المواجهات تعني فقدان للسيطرة على أراضي الـ 48 والضفة الغربية وتوسع القتال والمواجهة لدول الجوار ونزيف سياسي وأمني تمتد آثاره على المصالح الاستراتيجية الأمريكية المباشرة.

 



حسابات استراتيجية تتجاوز إقليم الشرق الأوسط نحو مواجهة التحدي الروسي والصيني؛ فروسيا والصين وجدتا في المواجهة الأخيرة بين المقاومة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي متنفسا تكتيكيا وفرصة لمحاولة لعب دور سياسي وأمني في المنطقة عبر عنها المبعوث الروسي الخاص للمنطقة ميخائيل بوغدانوف بعرض وساطة بلاده لوقف التصعيد بعد اتصال جمعة بنائب رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" موسى أبو مرزوق ؛ في مقابل نشاط صيني لاستصدار قرار أممي يطالب بوقف إطلاق النار في الأراضي المحتلة محملا الكيان جزءا من المسؤولية عما يحدث؛ نشاط صيني وروسي يركز على إظهار عجز أمريكا وفشلها في وقف التصعيد؛ وإنهاء المواجهة وتحقيق الاستقرار في منطقة طالما تمتعت واشنطن فيها بنفوذ كبير على مدى عقود طويلة. 

الحسابات الأمريكية تزداد تعقيدا بمرور الوقت وتدفع الإدارة الحالية إلى مضاعفة ضعوطها على قادة الكيان لإنهاء عدوانهم وحملتهم العسكرية على قطاع غزة؛ مسألة يجد قادة الكيان صعوبة كبيرة في معالجتها؛ ما يدفعهم للمراوغة بالحديث عن أيام معدودة وساعات لإنهاء العمليات العسكرية تارة؛ وتارة أخرى بحشد دبلوماسي ضم 70 هيئة دبلوماسية التقاها نتنياهو للضغط على الإدارة الأمريكية معلنا بأن هزيمة الكيان الإسرائيلي أمام المقاومة هزيمة للغرب؛ حشد يحاول من خلاله الضغط على واشنطن وتجنب الخضوع لشروط المقاومة بوقف الاستفزازات والاعتداءات في حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى.

وقف إطلاق النار سم بات على نتنياهو وقادة الكيان تجرعه؛ فاستمرار المواجهة ستعني مواجهة مباشرة مع إدارة بايدن تمتد لأعوام؛ فاستمرار المواجهات تعني فقدان للسيطرة على أراضي الـ 48 والضفة الغربية وتوسع القتال والمواجهة لدول الجوار ونزيف سياسي وأمني تمتد آثاره على المصالح الاستراتيجية الأمريكية المباشرة.

ختاما.. وقف إطلاق النار والتهدئة تتحول يوما بعد الآخر إلى مصلحة أمريكية أساسية تفوق في أهميتها تنازلات نتنياهو وقادته الأمنية في الشيخ جراح والمسجد الأقصى؛ فهل يخضع قادة الكيان للإرادة الأمريكية ويتجرعون السم الذي صنعوه بأيدهم؛ أم يتحدون إرادة واشنطن ويضاعفون من أزمتهم السياسية والأمنية بتحدي حليفهم الأساسي في الإقليم؟ إنها أسئلة صعبة بات على نتنياهو وطاقم حكومته وأجهزته الأمنية الإجابة عنها خلال الساعات القليلة المقبلة؛ فهامش المناورة والمراوغة يضيق ومخاطر اتساع نطاق المواجهة وفقدان السيطرة في الأراضي المحلتة والإقليم تزداد ساعة بعد أخرى؛ ما يجعل من خيار وقف إطلاق النار والقبول بشروط المقاومة الخيار العقلاني الوحيد المتوفر لنتنياهو ومن معه من قادة الكيان.

hazem ayyad
@hma36


الأكثر قراءة اليوم
الأكثر قراءة في أسبوع