أعلنت الحكومة
المصرية عن إنشاء عدد من
السجون الجديدة، تضاف إلى عدد من
السجون التي أنشئت خلال فترة ما بعد الانقلاب في ظل تصاعد القمع.
وعبر عدد من الخبراء عن استهجانهم لهذه القرارات وتوجيه موارد الدولة لمزيد
من السجون، مؤكدين في حديثهم لـ"عربي٢١" على أنه كان من الأولى أن يتم
توجيه هذه التكلفة لهذه السجون لمزيد من الخدمات في مجالي الصحة والتعليم ومحاربة
البطالة, وخاصة المستشفيات التي تعاني من انهيار كبير ظهر جليا في أزمة كورونا
الأخيرة.
ومؤخرا قررت وزارة الداخلية إنشاء سجنين مركزيين جديدين بالفيوم أحدهما في
مركز شرطة سنهور والآخر في مركز شرطة يوسف الصديق بالإضافة إلى سجن آخر بمدينة
السادات، فضلا عن مجمع آخر على طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي.
وفد بلغ عدد السجون قبل الانقلاب 42 سجنا، وكان هناك سجنان تحت الإنشاء
بالمنيا وجمصة بتكلفة 1,4 مليار جنيه عام 2009 والسجن الواحد منهم كان معدا لسعة
15 ألف سجين في حين الـ 42 سجنا الأخرى كانت تتسع لـ 76 ألف سجين وقتها.
وقد بلغ عدد السجون 68 سجنا في ٢٠١٩ منها 26 سجنا شيدت في عهد
السيسي وبذلك
يزيد العدد عن 70 سجنا بأنحاء البلاد بعد الإعلان عن بناء السجون الأخيرة.
وفي سياق تعليقه أكد مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان هيثم أبو خليل، على أن
نظام السيسي لا يتوقف عن التوسع في السجون بشكل كبير، خاصة أن هناك معلومات تم
تداولها بأن هناك مجمع سجون على طريق القاهرة- اسكندرية الصحراوي، مؤكدا على أن المستهدف
من هذه السجون هم المعارون السياسيون وما يؤكد هذا التوجه هو الإفراج المستمر عن
السجناء الجنائيين في قرارات العفو الرئاسي والإفراج الشرطي.
وقال إن عدد السجناء السياسيين الذين يتم الإفراج عنهم لا يكاد يعد على
أصابع اليد, وهو ما يؤكد أن التوسع في بناء هذه السجون ليس له معنى سوى المزيد من
الاعتقال والتضييق على
المعارضة المصرية.
وأوضح أبو خليل لـ"عربي21": "الغريب أن السيسي دائما ما يؤكد على عدم
وجود تعليم أو صحة بشكل جيد في مصر، وهو ما ذكره في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفرنسي ماكرون
عام ٢٠١٧ في سياق رده على انتقادات حقوق الإنسان بمصر، ومع ذلك لا يتم الاهتمام
بهذه الخدمات مثل بناء مستشفيات أو مدارس، حيث أن هناك من يبحث عن سرير في مستشفى فلا
يجده أو مكان لتلميذ بمدرسة فلا يجد سوى الأرض ليجلس عليها".
وينهي كلامه بالقول: "السيسي لا يهتم سوى بمشروعه المجنون بالعاصمة
الإدارية وفقط، ومصر لا تزال في مرحلة السراب ومرحلة الهدم وليس البناء كما حدث
لمصنع الحديد والصلب وليس لدينا المستشفى التي بها عشرة آلاف سرير مثلا، لكن لدينا أكبر برج وهكذا".
ويرى البرلماني السابق جمال حشمت أن الاهتمام بالسجون هو جزء أصيل لحكم
العسكر للسيسي كي تكتمل منظومة القهر والسيطرة على الشعب المصري، فهو له دور في
بناء مصر فقط لمن يحكم لا لشعبها".
وقال إن "القصور والمنتجعات والقطار السريع والمطارات الخاصة لطبقة
الصفوة، والفقر والعشوائيات لشعب مصر والسجون لمن استعصى عليهم ورفض فسادهم، وهذا
أمر طبيعي لحاكم ديكتاتور لا يريد سوى القمع والسجن لخصومه ومعارضيه".
وحول تأثير ذلك على الميزانية وموارد مصر وتناقضه مع شكوى السيسي المستمرة
بأن مصر "فقيرة قوي" أكد البرلماني السابق لـ"عربي٢١" أن
هذا "تضارب غريب أو قل حججا واهية للسيطرة على مقدرات البلاد وتوظيفها لخدمة
أغراض هذا الحاكم وحاشيته، وللأسف في ظل مثل هذه الأنظمة لا توجد مؤسسات للمراقبة
والمحاسبة، ولعل ما حدث مع رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات الأسبق المستشار هشام
جنينة يؤكد ذلك بوضوح، وبالنسبة للبرلمان فإنه مصنوع على عينه وتم اختيار أعضائه
بعناية حتى يتم تمرير ما يريده السيسي".
أما الخبير الاقتصادي أحمد خزيم فيرى في هذا التوسع مبالغة كبيرة في بلد
يحتاج إلى فرص عمل حقيقية وإنهاء مشكلة البطالة لعشرات الشباب تحديدا، وحال
استمراره فهذا يمثل خطورة كبيرة على هذا المجتمع، سواء باللجوء لأفكار العنف أو
ممارسة أعمال تهدد المجتمع وأمنه، من قبيل السرقة وانتشار المخدرات والجرائم التي
تهدد هذا المجتمع.
وحول ما يقال عن أن هذه السجون ربما يكون لها جانب إيجابي وهو تخفيف
الكثافات بالسجون القديمة، أكد خزيم لـ"عربي21" على أن هذا ربما يكون
صحيحا، لو أن الحبس والسجن للمعارضين توقف بالفعل، ولكن استمرار حبسهم لا يجعل هذا
الأمر يؤخذ مأخذ الجد، بل العكس تماما وهو التوسع في الحبس.
وناشد خزيم الحكومة الاهتمام بالتنمية خاصة المشروعات الصغيرة، التي يتمكن
الشباب من إنشائها ودعمها بقروض ميسرة، حتى يمكن التغلب على البطالة والاستفادة من طاقة الشباب، التي سيتم تفريغها لا محالة، فبدلا من أن تكون بالسلب تكون بالإيجاب
وعمل مشروعات منتجة، ليس هذا فقط ولكن إشعار الفقراء أن الدولة تهتم بهم عبر خدمات
صحية وغيرها، مما يعين هذه الطبقات الفقيرة على الحياة والتي تزيد شريحتها عاما بعد
عام.