عقب التفجيرات الانتحارية في العاصمة العراقية بغداد، والتي أودت بحياة 32 شخصا، انطلقت حملة شرسة من وسائل إعلامية مملوكة لمليشيات موالية لإيران تتهم السعودية بتنفيذ هذه الهجمات، وتحرض على ضرورة الرد عليها بعد تحسن ملحوظ في العلاقة بين البلدين.
وأعلن التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، السبت الماضي، اعتراض وتدمير هدف جوي معاد كان متوجها نحو العاصمة الرياض، متهمة الحوثيين بإطلاق الصاروخ، إلا أن الأخيرة نفذت ذلك في تغريدة للمتحدث باسمها، يحيى سريع.
تبني الهجمات
وكان لافتا زعم هذه المليشيات مسؤوليتها عن مهاجمة أهداف في العاصمة السعودية الرياض، حيث نشرت قناة "صابرين نيوز" على التلغرام، التي يعتقد أنها تابعة لفصائل عراقية تابعة لإيران، الأحد الماضي، أن "الهجوم نفذه فريق فني عراقي ثأرا لشهداء ساحة الطيران".
وفي السياق ذاته، أشاد المسؤول العسكري لكتائب حزب الله العراقي، أبو علي العسكري، بالقصف الصاروخي الذي كان موجها تجاه الرياض، وتبنته جماعة تطلق على نفسها ألوية الوعد الحق "أبناء الجزيرة العربية".
وقال العسكري في تغريدة على "تويتر"، الأحد الماضي: "نجدد تأكيدنا أن قرار القتل وآلة الإبادة الصهيو- أمريكية- سعودية، وأن الرد يجب أن يكون على مصدر النيران لا أطرافها".
وأضاف: "بهذه المناسبة نجدد على يد أبناء الجزيرة (ألوية الوعد الحق) ونبارك استهداف وكر ابن سلمان، كما نوصي الإخوة المجاهدين في العراق والمنطقة أن يسيروا على هذا النهج، وأن لا تأخذهم في الله لومة لائم".
ونشرت قناة التلغرام ذاتها بيانا لجماعة ألوية الوعد الحق "أبناء الجزيرة العربية" التي تبنت القصف، ذكرت فيه أنه "بعد تمادي أعراق الخليج في جرائمهم بحق شعوب المنطقة ومواصلتهم دعم عصابات الإجرام الداعشي والجماعات التكفيرية التي أوغلت بدماء الأبرياء، ها هم أبناء الجزيرة العربية يفون بوعدهم ويرسلون طائرات الرعب المسيرة إلى مملكة آل سعود ويدكون حصونهم في قصر اليمامة وأهداف أخرى في الرياض ويعلنون بداية نقل معادلة الردع إلى داخل مشيختهم ثأرا لدماء الشهداء".
وأضاف البيان: "ستكون الضربة القادمة على أوكار الشر في دبي إذا ما تكررت جرائم محمد بن سلمان ومحمد بن زايد".
تعكير العلاقة
من جهته، علق عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي النائب ظافر العاني في حديث لـ"عربي21" قائلا: إنه "لا يمكن لمتابع أن يعتقد بأن استهداف السعودية من المليشيات يجري خارج الأوامر الإيرانية".
وأضاف العاني: "المليشيات الولائية ليست أكثر من أداة إيرانية لتسوية علاقاتها الخارجية، واستهداف المملكة ينطوي على أسباب عديدة ومعقدة، من بينها البعد العقائدي الديني، وثانيها كسب أوراق ضاغطة في حوارها مع أمريكا، وثالثها تصعيد المنسوب الطائفي كبديل عن الهوية الوطنية".
اقرأأيضا : قتلى وإصابات في تفجيرين بسوق وسط بغداد (شاهد)
وزاد النائب العراقي قائلا: "لا شك في أنه كلما شهدت العلاقات الرسمية العراقية العربية تحسنا ملحوظا، فإن إيران تعمل من خلال أدواتها على تعكير هذه العلاقة".
وأشار العاني إلى أن "طهران تريد بقاء العراق يدور في فلك الولي الفقيه وإبقاءه مكبا لبضاعتها لاستنزاف ثرواته لاسيما وأنها تواجه منذ سنوات حصارا اقتصاديا دوليا".
وفي 18 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، أعلنت هيئة المنافذ الحدودية في العراق، افتتاح منفذ عرعر الحدودي مع السعودية بشكل رسمي، أمام التبادل التجاري بين البلدين.
تحقيق مكاسب
وعلى نحو مماثل، قال أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور مؤيد الوندي إن "أطرافا عراقية دائما ما تعيق وتحول دون أي علاقات عراقية عربية بشكل عام، ومع السعودية تحديدا كدولة جارة أن تسير بإطار متواز مع علاقات العراق بدول الجوار الأخرى، وهذه ليست المرة الأولى على مدى السنوات الطويلة الماضية".
وأضاف الوندي في حديث لـ"عربي21" أن "هناك مليشيات تعلم تتبع ولاية الفقيه، وأنها على استعداد- كما عبر بعض قادتها- للقتال إلى جانب إيران حتى لو كان ضد بلدها، لذلك فإنها يمكن أن تفعل أي شيء ينسجم مع متطلبات وغايات السياسة الخارجية الإيرانية بما فيها سياسة التدخل وإقلاق الأوضاع الأمنية".
وتابع: "الشي الأهم الآخر، فإن هناك مؤشرات وتقارير تؤكد أن إيران تستخدم الأراضي العراقية لتوجيه ضربات إلى المنشآت السعودية، وهناك دراسات كثيرة تفيد بأن الضربات التي تعرضت لها المنشآت النفطية السعودية قد انطلقت أو كانت عبر الأراضي العراقية".
ولفت الوندي إلى أن "هذا التصعيد سواء بالاحتقانات الطائفية في عموم العراق أو مع قدوم الإدارة الجديدة في واشنطن، فإن إيران من الطبيعي أن تعمد إلى تأزيم الموقف بحدود معينة كي تحصل على أفضل الشروط عند الجلوس على طاولة المفاوضات".
وبخصوص تحميل السعودية مسؤولية الهجمات في بغداد، قال الوندي: "لم يظهر أي تقرير رسمي يكشف عن جنسية الانتحاريين، وبالتالي نحن أمام حملة واضح أن فيها جزءا كبيرا مفتعلا لإثارة احتقانات طائفية، فعندما يحدث تفجير في ساحة الطيران وسط بغداد تجري اعتقالات في شمال العاصمة".
وأردف: "هذه المليشيات كانت قد روجت كثيرا قبل يوم من تنصيب بايدن، أن ترامب قد يكون أهوجَ ويستهدف العراق. إذن هي مجرد ضوضاء تحدثها المليشيات لإحداث مكاسب سياسية سواء داخل العراق أو لتقديم ما ينفع إيران في أي مفاوضات محتملة لمستقبل المنطقة".
بعد هدوء نسبي.. ماذا وراء توقيت التفجيرات الدامية ببغداد؟
الإمارات تتبرأ من صحيفة لندنية هاجمت السعودية والكويت
تحركات لمليشيات إيرانية وإعادة انتشار بعد استهدافها بدير الزور