أعلن
رئيس حزب الإصلاح والتنمية المصري (الليبرالي)، محمد أنور السادات، تجميد عضويته في
الحركة المدنية، بعد قرار الحزب بالمشاركة في انتخابات مجلس الشيوخ ضمن تحالف
"القائمة الوطنية من أجل مصر"، الذي يقوده حزب "مستقبل وطن"،
المؤيد للنظام، وهو حزب الأكثرية في البرلمان الحالي.
وأشار
السادات، في بيان له، الخميس، وصل "عربي21" نسخة منه، إلى أن موقفه يأتي
"من منطلق حرص على العلاقة القوية التي تربطنا معا، والصداقة التي جمعتنا
لسنوات، ومعايشتنا معا لأحداث ومواقف عديدة لم يتخل فيها أحد عن أداء دوره الوطني،
حرصا على صالح الوطن ومصيره ومستقبله" .
وأضاف:
"لما كان قرار الهيئة العليا لحزب الإصلاح والتنمية بالمشاركة في انتخابات مجلسي
الشيوخ والنواب على خلاف ما ترتئيه الحركة لأسباب أقدرها وأتفهمها .لذا فقد قررت أن
أبادر رفعا للحرج عن الإخوة الزملاء بتجميد عضويتي في الحركة المدنية الديمقراطية".
وأكد
السادات أن يده "ستظل ممدودة للتعاون مع الجميع في كل ما يحقق الصالح العام لمصر
والمصريين. خالص تمنياتي بدوام التوفيق والسداد".
"أول
انشقاق"
ويمكن اعتبار هذا الموقف بمثابة أول انشقاق داخل صفوف الحركة المدنية الديمقراطية التي ظلت متماسكة
طوال السنوات الماضية منذ تأسيسها قبل نحو عامين ونصف.
وكان
حزب التحالف الشعبي الاشتراكي (يساري) قد أعلن، الأربعاء، عدم مشاركته في انتخابات
مجلس الشيوخ المقرر إجراؤها خلال الشهر المقبل، مؤكدا أن "الحكومة المصرية
جعلت انتخابات مجلس الشيوخ مسألة منتهية ولا مجال للمشاركة فيها".
اقرأ أيضا: لماذا فشل "مستقبل وطن" في استكمال قائمته لشورى مصر؟
وشدّد
حزب التحالف الشعبي الاشتراكي على رفضه "التعيين، وتذيل قوائم الموالاة، وكل
توجه يقوم على الإقصاء"، كاشفا عن أنه سوف يراجع "تحالفاته" على
ضوء التزام أطرافها بهذه المعايير، وهو ما اعتبره مراقبون دليلا واضحا على حجم
الخلافات داخل الحركة المدنية.
حيث
أكد الحزب اليساري أنه "يقبل التنسيق مع أي طرف في أي موقف مشترك، ولكنه لن
تجمعه قائمة واحدة أو إطار جبهوي منظم إلا مع القوى التي تؤمن بقيم الديمقراطية
والتنوع وضرورة استقلال المجال السياسي ويترجم هذا التوجه إلى سياسة عملية".
ورغم
أن أمين عام حزب تيار الكرامة، محمد البسيوني، أعلن أن حزب تيار الكرامة في تشاور
مع أحزاب التحالف الشعبي الاشتراكي، والدستور، والعيش والحرية، وأنه تم التوافق
بين الأحزاب الأربعة على رفض دخول الانتخابات على القائمة التي يعدها حزب "مستقبل
وطن"، وأن الحركة المدنية الديمقراطية لم تحسم موقفها بعد من الانتخابات
البرلمانية.
"خلافات
كبيرة داخلية"
إلا
أن مصادر داخل الحركة المدنية لـ"عربي21"، أكدت أن هناك خلافات كبيرة
داخلية بسبب الموقف من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، حيث قررت مجموعة من الأحزاب
مقاطعة تلك الانتخابات، وهي تيار الكرامة، والدستور، والعيش والحرية، والتحالف
الشعبي، بينما قررت أحزاب أخرى المشاركة ضمن قائمة "مستقبل وطن" الموالي
للسلطة، وهي أحزاب المصري الديمقراطي، والإصلاح والتنمية، والعدل.
وذكرت
المصادر أن "موقف المقاطعين لتلك الانتخابات واضح، حيث إن الحركة أعلنت قبل فترة
طويلة مجموعة من الشروط والمحددات كي تشارك في العملية الانتخابية، أهمها إصلاح
المناخ السياسي العام الذي تجرى خلاله الانتخابات، والإفراج عن سجناء الرأي.
والتمسك
بإجراء الانتخابات بنظام القائمة عن طريق القوائم النسبية، وتعزيز وتوفير شروط
التنافسية العادلة والضمانات المصاحبة للعملية الانتخابية، وهو ما لم تستجب له السلطة، بل أنها ضرب عرض الحائط بكل تلك المطالب، بالإضافة لقصر فترة الاستعداد للانتخابات،
وباعتبار أن الأجهزة الأمنية هي التي تسيطر على إعداد قوائم الموالاة".
وأشارت
المصادر إلى أنه كانت هناك مساع قبل أيام لإعداد ما وصفوه بـ "قائمة
انتخابية وطنية" مقابل "القائمة الموحدة الموالية" للنظام، والتي
يقودها حزب "مستقبل وطن"، إلا أن تلك المساعي فشلت تماما على وقع الخلافات
التي حدثت داخل الحركة المدنية وأحزابها.
ولفتت
إلى أن هناك اجتماعا جديدا مرتقبا للحركة المدنية خلال أيام قليلة، وقد يصدر بيان رسمي حاسم لموقفهم من المشاركة في الانتخابات البرلمانية، مشيرين إلى أن هناك مطالبات
تدعو لموقف مستقل وخاص بانتخابات مجلس الشيوخ فقط بعيدا عن موقفهم من انتخابات مجلس
النواب والمحليات المقبلة، والتي قد يشاركون فيها على ضوء التطورات التي قد تعقب
إجراء انتخابات مجلس الشيوخ.
وأعلن
أمين شباب حزب الإصلاح والتنمية، أسامة بديع، أن "الحزب توافق على المشاركة
بالقائمة الوطنية لائتلاف دعم مصر بانتخابات مجلس الشيوخ، بعدد 3 مقاعد"،
مؤكدا أن الحزب "يسعى للتوافق مع الأحزاب المشاركة حول الاستحقاقات
الانتخابية القادمة من أجل استقرار مؤسسات الدولة".
"ملء
فراغ الإخوان"
وفي
ذات السياق، اعترف قيادي بارز بالحركة المدنية الديمقراطية، الأربعاء، في تصريحات
خاصة لـ"عربي21"، بأن أحزاب وشخصيات الحركة فشلت تماما في ملء الفراغ
السياسي والانتخابي الذي خلّفته جماعة الإخوان المسلمين، والتي تم إقصاؤها بالكلية
من المشهد السياسي.
اقرأ أيضا: الحركة المدنية بمصر: فشلنا في ملء الفراغ الذي تركه الإخوان
وقال
القيادي البارز، الذي رفض الإفصاح عن هويته، وهو أحد رؤساء أحزاب الحركة:
"علينا أن نعترف أن إمكانيات الحركة المدنية محدودة ومتواضعة كثيرا، وتأثيرها
ضعيف في الشارع، حيث لا يوجد لديها ظهير شعبي بالمعنى المعروف، رغم أن لها كوادر
وأعضاء بأحزابها، لكنها لا تملك القدرة الكبيرة على التأثير أو إحداث التغيير أو
حتى المساهمة الفاعلة في هذا التغيير المأمول".
والسبت
الماضي، أعلنت السلطات المصرية عن فتح باب الترشح لأول انتخابات لمجلس الشيوخ.
وجاء
مجلس الشيوخ، نتاج بنود تعديلات دستورية أُقرت في نيسان/ أبريل 2019، وتسمح ببقاء
رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، في السلطة حتى 2024، وسط رفض واسع من المعارضة،
وفي القلب منها الحركة المدنية.
ووفق انتقادات المعارضة، يتشابه المجلس الجديد مع
"مجلس الشورى" (1980ـ 2012) الذي تم إلغاؤه نهائيا في 2014، كونه بلا
صلاحيات، ومجرد أداة للحصانة البرلمانية، وزيادة النفقات العامة، إضافة إلى أن ثلث
نوابه معينون من الرئيس.
وفي 14 كانون الأول/ ديسمبر 2017، أعلنت 8 أحزاب سياسية و150 شخصية عامة في مصر تأسيس "الحركة المدنية الديمقراطية"؛ لمواجهة ما سموه "تدهورا شديدا في الأوضاع بالبلاد، مع غياب شبه تام للعدالة الاجتماعية"، داعين الشعب المصري إلى العمل معهم من أجل الخروج مما وصفوه بـ"النفق الكارثي المظلم" الذي تسببت فيه سياسات وممارسات النظام.
وضمت وثيقة إعلان مبادئ الحركة 11 هدفا ومطلبا، كضرورة لـ"فتح مجال العمل العام، وخلق حراك سياسي، ومواجهة تدهور اقتصادي وسياسي وأمني في البلاد".
الحركة المدنية بمصر: فشلنا في ملء الفراغ الذي تركه الإخوان
حزب يساري مصري يعلن مقاطعة انتخابات "الشيوخ"
تقدير إسرائيلي يرجح فشل السيسي في حل أزمة سد النهضة