حذّر تقرير استراتيجي من أن سوق مبيعات السلاح الإسرائيلي آخذ في التوسع ليشمل دولاً كانت أقرب بشكل كبير من الحقوق الفلسطينية، مثل فيتنام والهند وبعض الدول الأفريقية، وأكد أن ذلك يستدعي من قوى المقاومة الفلسطينية التواصل مع هذه الدول، والعمل على توظيف التراث السياسي السابق لها للتمسك بمواقفها التقليدية.
وأكد تقرير استراتيجي أعده الدكتور وليد عبد الحي بعنوان "الاقتصاد السياسي لمبيعات السلاح الإسرائيلي"، لصالح مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، وأرسل نسخة منه اليوم لـ "عربي21"، أن ازدهار تجارة السلاح الإسرائيلية التي شملت ما يقارب 130 دولة، أمر يحتاج لقدر كبير من الروية والتفكير الديبلوماسي العميق.
وأشار التقرير إلى "أن بعض الدول العربية بل وبعض التنظيمات السياسية العربية أصبحت أقرب لتلقي التكنولوجيا العسكرية المتقدمة أو الأسلحة التقليدية من إسرائيل"، مما يستدعي ـ برأي التقرير ـ ضرورة مواصلة الحوار بين قوى المقاومة والقوى السياسية العربية ذات التوجهات الوطنية في هذه الدول دون أي تأخر في هذا المجال.
وقال: "تتضح هذه المسألة في تنظيمات الأقليات القومية في العالم العربي وفي بعض الأنظمة العربية، وفي الوقت الذي تشير فيه كل الوثائق لدور إسرائيلي في تسليح حركة الانفصال في جنوب السودان، فإن الرد السوداني انتهى إلى اجتماعات علنية بين القيادة السياسية السودانية ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو".
ودعا التقرير إلى إحياء الدراسات العربية الخاصة بمخاطر المشروع النووي الإسرائيلي على منطقة الشرق الأوسط، مع تركيز إعلامي على هذه المسألة وعلى مسألة البحوث الإسرائيلية في مجال الأسلحة الكيماوية والبيولوجية ومشاركات العلماء الإسرائيليين في هذه النشاطات.
وقال: "أضحت اتفاقيات إسرائيل السابقة مع نظام الفصل العنصري في جنوب أفريقيا والتعاون النووي معه والتجارب النووية أمراً معلوماً بعد ما تمّ نشره عن هذه الجوانب، مع التأكيد على أن إسرائيل لم توقع أيّاً من اتفاقيات منع انتشار الأسلحة النووية أو البيولوجية أو الكيماوية في السنوات 1970 و1975 و1997 على التوالي".
وأكد التقرير أنه من غير الممكن الفصل بين وزن المؤسسة العسكرية في القرار السياسي الإسرائيلي، وبين توظيفها لمبيعات السلاح لتعزيز هذه المكانة في عملية صنع القرار.
وشدد على "أن السمة العامة لمبيعات السلاح الإسرائيلي هي أنها تُوَجَّه لأكثر الدول ديكتاتورية وانتهاكاً لحقوق الإنسان، أو أنها مرتبطة باستثمار انتهازيٍ للحروب الأهلية أو الصراعات على السلطة خصوصاً في الدول النامية".
وأشار التقرير إلى أن "عمليات غسيل الأموال والتجسس تتشابك مع مبيعات السلاح بشكل عام، لكنها في الحالة الإسرائيلية هي الأكثر وضوحا طبقاً لتقارير الهيئات الدولية أو الدراسات الأكاديمية الموضوعية"، مؤكدا أن "مبيعات السلاح الإسرائيلي تشهد تزايداً من ناحية، وتسارعاً من ناحية أخرى مقارنة بأغلب الدول المتصدرة لتجارة السلاح".
ووفق التقرير فإن الصناعات العسكرية الإسرائيلية قديمة، وتعود إلى مطلع العشرينيات من القرن العشرين، من خلال "وُرش" صغيرة سرية مخفية عن عيون سلطات الانتداب البريطاني في تلك الأيام في فلسطين، على الرغم من كل المساندة البريطانية للحركة الصهيونية.
وذكر التقرير أنه تم الإعلان الرسمي عن إنشاء مؤسسة الإنتاج الصناعي الحربي سنة 1933، والتي تطورت تدريجياً وبمساعدات غربية مختلفة، وأضحت الآن هي الأكبر في هذا المجال في "إسرائيل".
وذكر التقرير أن إسرائيل وظفت تجارة السلاح في البداية للحصول على الشرعية الدولية، وأنها بعد ذلك تحولت إلى هدف اقتصادي أيضا، حيث بلغت مبيعات السلاح الإسرائيلي في الثمانينيات من القرن العشرين 25% من مجموع الصادرات الإسرائيلية، كما أن هذه المبيعات وصلت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى نحو 130 دولة حالياً.
ولفت التقرير الانتباه إلى أن "إسرائيل" رفضت توقيع اتفاقية تجارة السلاح التي صادقت عليها 82 دولة سنة 2012، وأصبحت نافذة المفعول في سنة 2014، وكان المبرر الإسرائيلي لعدم التوقيع هو أن هذه الاتفاقية تربط تجارة السلاح بشرط الالتزام بحقوق الإنسان، وهو ما رأته "إسرائيل" قيداً على تعاملاتها، فهي تريد فصل موضوع حقوق الإنسان عن مبيعات السلاح.
ونبّه التقرير إلى تعامل "إسرائيل" مع شركات الأمن الخاصة التي تقوم بشراء ونقل الأسلحة لصالح "إسرائيل" لا سيّما في العمليات السرية، وأن 80% من البنود المتصلة بميزانية الدفاع ومنها تجارة الأسلحة لا تناقش في الكنيست الإسرائيلي ضمن الميزنية.
وحذّر التقرير من أن خطورة تجارة السلاح الإسرائيلية لا تقف عند هذا الحد، وإنما تجاوزت ذلك إلى تكنولوجيا التجسس، مشيرا إلى شركة أن أس أوNSO Group Technologies؛ وهي الحروف الأولى من أسماء مؤسسيها نيف كارمي Niv Carmi، وعمري لافي Omri Lavie، وشاليف هوليو Shalev Hulio.
وقال التقرير: "تدعي أن أس أو أنها تزود الحكومات بتكنولوجيا تساعدها في مكافحة الإرهاب والجريمة. وأشارت بعض الدراسات إلى أنه تم استخدام برامج هذه الشركة الإسرائيلية في هجمات تجسسية ضد نشطاء حقوق الإنسان والصحفيين في دول مختلفة، كما تم استخدامها في التجسس الحكومي ضد باكستان، ولعبت دوراً في قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018".
وأضاف: "واجهت الشركة الإسرائيلية مشكلات قضائية مع كل من شركة الواتسآب WhatsApp والشركة الأم فيسبوك Facebook على أساس مخالفة الشركة الإسرائيلية قانون الاحتيال وإساءة استخدام الكمبيوتر الأمريكي سي أف آي آي Computer Fraud and Abuse Act (CFAA). [7 وقد وصلت مبيعات هذه الشركة لعدد من الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة والمغرب والبحرين والسعودية، كما تصاعدت قيمة مبيعاتها من 40 مليون دولار سنة 2013 إلى 125 مليون سنة 2018"، وفق التقرير.
ومركز الزيتونة للدراسات والاستشارات هو مؤسسة دراسات واستشارات مستقلة، تأسس في بيروت، في منتصف عام 2004م، وهو مرخّص كشركة مساهمة محدودة. يُعنى بالدراسات الاستراتيجية واستشراف المستقبل، ويُغطي مجالُ عملِهِ العالمين العربي والإسلامي، ويعطي اهتماماً خاصاً بالقضية الفلسطينية، وكل ما يرتبط بذلك من أوضاع عربية وإسلامية ودولية.
إقرأ أيضا: إسرائيل الثامنة عالميا في تصدير الأسلحة والوسائل القتالية
بروكينغز: كيف يرى الأمريكيون "ضم الضفة" وصفقة ترامب؟
13 صحفيا فلسطينيا يقبعون بسجون الاحتلال.. هذه معاناتهم
ما تأثير تقارب روسيا و"حماس" على القضايا الفلسطينية؟