يجب فهم كيفية إدارة دولة ديمقراطية، وهذا ليس شعارا، ولكنه يُطبق بمفهومه الحقيقي؛ فنجد من يدير أمور الدولة إن كان رئيس جمهورية أو رئيس وزراء، هو في الأساس مُنتخب من الشعب ودوره محدد بناء على ذلك، وفي المقام الأول هو خدمة الشعب كله دون تفرقة، ولذلك يعمل طوال الوقت لتحقيق ذلك في وقت السلم والحرب، وفي أوقات الأزمات التي تمر بها البلاد أيا كانت.
خدمة الشعب تعني الاهتمام بكل صغيرة وكبيرة لتحقيق مطالب هذا الشعب، صاحب السلطة الحقيقية الذي قام بتعيين هذا الحاكم للقيام بالعمل لصالحه. والحاكم من المفترض أنه يعرف دوره، ويقوم بتحقيق مطالب الشعب، فهو يعلم أن الشعب سيسأله ويحاسبه إن لم ينجز تلك الخدمات، وأنه لن يستطيع أن يستمر في المستقبل لأن الشعب سوف يلفظه ويختار الشخص المناسب في الانتخابات المقبلة، بالإضافة إلى أنه سيُحاسب على إنجازاته أو فشله، ولذلك يتفانى الحاكم في القيام بدوره المنوط بدون تردد، لأنه انتُخب ليعمل من أجل الشعب، وليس من أجل نفسه أو من تحقيق مكاسب شخصية أيا كانت.
وفي زمن
كورونا تتصارع الدول في شراء المستلزمات الطبية لحماية طواقم الخدمات الطبية ولحماية المواطن العادي، وسمعنا عن التضارب في الأسعار بين الدول لكسب صفقة معدات لصالح كل دولة، وهذا أمر طبيعي، لأنه جزء من ضمن الخدمات الهامة في تلك اللحظة.
والعجيب أن يقوم
السيسي بإرسال أدوات ومعدات طبية لدول كبرى وعظمى مثل الصين وإيطاليا مؤخرا، والسؤال: هل يقوم بذلك لأن لدى
مصر زيادة في تلك الأدوات والمعدات ونتبرع بالزيادة لمساعدة الدول الأخرى؟ بالطبع الإجابة "لا"، حيث نعرف جميعا أن هناك نقصا كبيرا في احتياجات العاملين في المنظومة الطبية في كافة المواد والأجهزة في العديد من المستشفيات، والكثير من الأخبار تقول إن عدد من الأطباء والعاملين تمت إصابتهم بفيروس الكورونا لنقص تلك المواد والأجهزة الطبية.
وقد تمت تلك الإصابات لأسباب كثيرة؛ منها استهتار الكثير في التعامل مع الإرشادات المطلوب اتباعها عند التعامل خارج المنزل من مواصلات مزدحمة، والخروج للتسوق، وغيرها، بالإضافة لدخول مرضى مشتبه فيهم أنهم قد يكونون مُصابين بكورونا، ولكن الأطباء يدخلونهم المستشفيات لأنهم من ضمن زبائنهم في عياداتهم الخاصة، وعدم حجزهم في غرف خاصة لمنع انتشار المرض.
ونقص الأدوات وأجهزة الحماية للعاملين يتسبب في انتشار المرض بشكل قد يسبّب مشكلة كبيرة تتفاقم، وسيكون ضحيتها العديد من خط الدفاع الأول من العاملين في مجال التمريض، وبالتالي ينتشر بسرعة بين العامة من العاملين والمرضى وأقاربهم، والغالبية يتنقلون في مواصلات عامة، مما قد يسبب كارثة إنسانية للمواطن المصري بصفة عامة. ولا ننسى المثل المصري المعروف "اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع".
فهل تبرع السيسي سيكون هو سبب انتشار المرض في مصر؟ والإجابة نعم أنه الاحتمال الأكبر، لأننا نرى الشكوى بين العاملين من نقص أجهزة الحماية، وكذلك نجد أنه يزداد عدد المصابين بينهم يوميا، بالإضافة لوجود حالات وفاة بينهم.
السيسي لم يتم انتخابه من الشعب بالطرق المتعارف عليها ديمقراطيا، ولكنه استولى على الحكم، ويستخدم العنف منذ أن جلس في منصبه، ويُرعب الشعب عن طريق القمع العنيف وكتم الآراء، والقبض عمن يعبر عن آرائه في وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة لخطف وإخفاء الكثير قسريا من الشباب ومن عائلات المعارضين في الخارج.
ولذلك، السيسي ليس مسؤولا أمام الشعب لينفذ ما يريده الشعب تحت هذا الحكم العسكري الدكتاتوري، وذلك لأنه الحاكم بأمره الذى لا يقبل المعارضة، ولذلك نجده يفعل ما يشاء، كما باع الأرض وفرط في مياه النيل وفي حقول الغاز، وهو يقوم بذلك ويعرف أن معارضته لن تؤثر على قراراته، فهي نهائية، والمعارضة بصفة عامة ضعيفة ولا تتفاعل بقوة في الداخل ولا في الخارج، وذلك لنجاح السيسي في إرهاب الجميع بوجود جماعات إرهابية تهدد الدولة، والحقيقة أنه صنع الإرهاب منذ استولى على السلطة، وأقنع المعارضة المستأنسة بعدم الحديث في أي حريات لأن صوت "الإرهاب" يجب أن يقف أولا.
كل ما يفعله السيسي هو من أجل مصلحته الشخصية فقط، حيث أنه لا يعبأ بالشعب المصري غير بالكلام فقط، والذي يفهمه الشعب ويعرف أنه كاذب ومنافق وسارق لخيراتهم. السيسي متورط في قتل جوليو روجيني بعد تعذيبه بشكل رهيب، حيث أن والدته لم تتعرف على جثته إلا من شكل أذنيه كما قالت، وعلى كل أم أن تتخيل تلك الصدمة.
السيسي يشتري رضا
إيطاليا وغيرها، وهو يبحث عن شرعية دولية لم يحصل عليها حتى الآن، لأن كافة الدول تتعامل معه بالطبع، ولكنهم على علم بأنه ديكتاتور عسكري لا يبالي بأرواح الشعب المصري ولا غيره، ولكنه متحكم بيد من حديد في شعب أكبر دولة في المنطقة ويمنع قيام ديمقراطية في المنطقة، وهذا ما يهم تلك الدول، حيث أنها تستغل المنطقة في كل خيراتها لمصلحة شعوبها، والمواطن المصري بعيد عن أي استفادة من نظام يخدم ويسرق لمصلحة أفراده فقط.