لليوم الخامس عشر على التوالي، يواصل آلاف العمال
في شركة يونيفرسال للصناعات الهندسية اعتصامهم المفتوح بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة؛ للمطالبة
بصرف رواتبهم المتأخرة، والانتظام في صرف الرواتب والحوافز، وذلك رغم القبضة الأمنية
واعتقال العشرات في حوادث سابقة.
وضرب العمال بالتهديدات الأمنية عرض الحائط. ورغم
حظر الاعتصام ووقف الإنتاج، واصل العمال اعتصامهم، ورفضوا العودة لأعمالهم، أو القبول
بأي حلول مؤقتة، وسط تجاهل الشركة لمطالبهم أو التفاوض معهم بشأنها.
وكانت قوات الأمن اعتقلت عشرات العمال دخلوا في
إضراب واعتصام ضمن آلاف العمال في شركة الشرقية للدخان (ويسترن كومباني)، إحدى أكبر
مصانع التبغ في أفريقيا والشرق الأوسط، ويقع مقر الشركة بالقرب من شركة يونيفرسال بالمنطقة
الصناعية بمدينة 6 أكتوبر.
وقال عضو نقابة الشرقية للدخان، مبروك علواني، لـ"عربي21": "أفرجت النيابة فجر اليوم (الثلاثاء) عن 25 عاملا، وتحملت
الشركة كفالاتهم، وتبقى سبعة عمال سيتم الإفراج عنهم في وقت لاحق"، مشيرا إلى
أن "عودة العمل جاء بعد التوافق حول دراسة المطالب والوعد بالاستجابة لها".
اعتصام مفتوح
وقال عمال وزوجاتهم في حوار مع "عربي21"
إن العمال والإداريين بشركة يونيفرسال دخلوا في اعتصام مفتوح؛ بسبب سياسة الشركة في
عدم الانتظام في دفع مستحقاتهم، والتأخر في صرفها، ولن يتراجعوا تحت أي تهديد أمني
أو وظيفي؛ لأنهم جميعا "يد واحدة".
فيديو اعتصام وإضراب لليوم الخامس عشر
وكشف العامل مصطفى كمال اعتزام العمال مواصلة
الاعتصام داخل الشركة إلى حين "استجابة الشركة إلى مطالبهم العادلة في صرف رواتبهم
المتأخرة".
وأكد رفضهم أي حلول جزئية فيما يخص الرواتب بصرف
الأجر الأساسي وتأجيل الحافز، وقال: "كل مطلبنا هو الحصول على رواتبنا في موعدها؛ لأننا تعرضنا لمشكلات كثيرة نتيجة لهذا التأخر، خاصة مع عودة المدارس وتأخر دفع إيجار
مساكننا، وتعرض البعض لغرامات بنكية لعدم سداد أقساط القروض في موعدها".
وعن جملة المشكلات في الشركة تجاه العمال، أوضح
أنها تتلخص في تأخير الرواتب الشهرية والحوافز، والفصل التعسفي لمئات العمال، والمعاملة
السيئة، سواء من قبل بعض الإداريين، أو المسؤولين في الشركة، وتجاهل الحديث إليهم.
وأضاف: "لم يكن أمام آلاف العمال، نحو أربعة
آلاف عامل وإداري، إلا الدخول في اعتصام سلمي مفتوح، يوم الاثنين، الموافق 7 أكتوبر،
بعد تأخر الرواتب، التي لم نستلمها حتى اليوم، ولك أن تتخيل حجم المعاناة للعمال وأسرهم
في موسم المدارس".
"لا خوف من الأمن"
ورغم القبض على الكثير من العمال في العديد من
الشركات في حالات مشابهة لحالتهم، أكد كمال أنه "لا أحد يكترث بأي تهديد عندما
تفرغ الجيوب، وتجوع الأفواه، من أين سننفق على أسرنا، نموت أفضل لنا من ترك حقوقنا،
وأكل مستحقاتنا، لا نخشى أحدا في مطالبنا المشروعة، وإلا فليتفضلوا وينفقوا علينا".
واشتكى كمال من عدم قدرة بعض العمال على القدوم
للمصنع بمدينة 6 أكتوبر بالجيزة؛ لأنه "لا يتوافر معهم أي نقود للمجيء إلى المصنع،
في ظل حجم الإنفاق اليومي للأسرة، وعدم وجود مدخرات، والاعتماد على مساعدات الأهل والأصدقاء".
وبشأن حجم أجور العمال، أوضح أن "أول تعيين
يبدأ عند 1200 جنيه (74 دولارا)، ومتوسط أجر العمال العاديين غير الفنيين 1800 جنيه
(110 دولارات)، وعمال الإنتاج تتراوح أجورهم
من 2500 إلى 3500 جنيه (154 / 215 دولارا) ، حسب سنوات العمل والخبرة".
وكشف أن "الشركة أحجمت عن صرف الأرباح، بعد
أن أقرتها في 2012 بعد تظاهرات عمال الشركة ومنحهم أرباحا سنوية، وهذا العام تم حرمان
الإداريين من الأرباح".
"لا رواتب ولا حوافز"
وأشار كمال إلى أن الشركة "حاولت منع الأرباح
عن العمال، ولكن بعد ضغوط كبيرة، وافقوا على منح العمال ألفي جنيه أرباحا سنوية فقط
بدلا من ثلاثة، ومقسمة على أربعة شهور، حصلنا على ألف واحد، ولم نتحصل على الباقي إلى
الآن".
ونفى كمال، الذي يعمل في الشركة منذ سنوات ويمتلك
خبرة طويلة، أن تكون الشركة تتكبد خسائر كما يروج البعض، قائلا: الشركة من أكبر الشركات
في الشرق الأوسط في إنتاج البوتاجازات، وتقول للحكومة إنها تصرف أرباحا للعمال 13 ألف
جنيه، وفي الحقيقة لا تصرف أكثر من 3 آلاف فقط ".
"اتساع رقعة غضب العمال"
وأعرب كمال عن مخاوفة من اتساع نطاق إضرابات واعتصامات
العمال، ففي أقل من أسبوعين تفجرت أزمات عمالية في أكبر شركتين بمصر هما الشرقية للدخان
ويونيفرسال، وتضمّان آلافا من العمال، وفي مدينة صناعية واحدة، وهناك شركات صغيرة لا
يسمع بها أحد.
ولفت إلى أن "العديد من الشركات تعاني من
أزمات مادية حقيقية، وأخرى تتعنت في صرف أجور وحوافز العمال، ويعتمدون على مساندة الدولة
لهم، ومساعدة قوات الأمن لهم في التصدي لأي إضرابات، لكن العدد هذه المرة أكبر من
أن يدخل الأمن معهم في مواجهة".
بدورها، قالت الصحفية رشا محجوب، زوجة أحد المديرين الإداريين في الشركة، لـ"عربي21":
"الإداريون لم يحصلوا على رواتبهم منذ ثلاثة شهور، وتزعم الشركة أنها متعثرة؛
نتيجة الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد".
لكنها شككت في حقيقة مزاعم الشركة، قائلة:
"قد يكون لصاحب الشركة هدف من وراء هذا المشهد العبثي، ولكن لا أحد يعلم كيف تتعامل
شركة تضم هذا العدد من الشركات الإنتاجية مع عمالها وموظفيها".
مشيرة إلى أن "مجلس الإدارة أغلق بعض الشركات
في السنوات الماضية، وما يحدث اليوم ليس هو الواقعة الوحيدة للشركة، فلقد تكررت مرارا،
ولكن ليس بهذه الصورة"، محذرة "من تضرر آلاف الأسر من تردي أوضاعهم المعيشية".
وأوضحت: "ما يجري هذه الأيام من تسريح عمال
وتعنت في صرف رواتبهم وأجورهم سيخلق مجتمعا متأزما؛ بسبب ارتفاع تكاليف الحياة، وعدم
قدرة الكثيرين على التكيف مع زياد الأسعار".
وبخصوص دور وزارة القوى العاملة، أكدت محجوب أن
العمال تقدموا بشكاوى لوزارة القوى العاملة، وردت الشركة على الوزارة بأنهم سوف يمنحون
العمال الراتب الأساسي فقط، لكن يوم 20 في الشهر الجاري، ولا أحد لديه القدرة المالية
على الانتظار".
"من قتل مرسي؟".. ملف يطرح أمام "حقوق الإنسان" في جنيف
هل تنجح "ثورة محمد علي" في الإطاحة بالسيسي؟
رئيس وزراء السودان يلتقي السيسي بأول زيارة لدولة عربية