بدأت النفايات الصلبة حول العالم تتسبب بصداع
لبعض الدول والحكومات، وسط انعدام حلول معالجة بعضها لكونها غير قابلة للتدوير أو
التحلل، فيما يبحث آخرون عن طريقة لمنع تفاقم المشكلة مستقبلا.
والحل الوحيد بحسب مراقبين ومختصين لمشكلة
النفايات الصلبة، هو عدم إنتاجها من الأساس.
وتسببت مشاكل النفايات بتوترات بين بعض الدول،
إذ رفضت دول نامية وشرق آسيوية، أن تكون مكبا لنفايات الغرب المتقدم، وأعادت تلك
النفايات إلى بلدان المنشأ.
وقالت وزيرة البيئة الماليزية إن ماليزيا ستعيد
نحو ثلاثة آلاف طن من نفايات البلاستيك إلى البلدان التي أتت منها.
وأصبحت ماليزيا العام الماضي الوجهة الرئيسية
لنفايات البلاستيك بعدما حظرت الصين الواردات منها، وحدد مسؤولون ماليزيون ما لا
يقل عن 14 بلدا تأتي منها النفايات بينها الولايات المتحدة واليابان وفرنسا وكندا
وأستراليا وبريطانيا.
وشنت الفلبين هجوما على كندا التي نقلت
النفايات إلى مانيلا على مدار أعوام، حيث دخلت حاويات إلى البلاد باعتبارها مخلفات
بلاستيكية لإعادة التدوير، إلا أن مفتشين في الفلبين اكتشفوا أنها غير قابلة
لإعادة التدوير.
وتلجأ الكثير من الدول المتقدمة إلى نقل
مخلفاتها إلى الخارج بهدف إعادة تدويرها.
وليست المنطقة العربية خارج المشكلة، فمعظم
الدول العربية تعاني من مشكلة النفايات، ومعالجتها، وقليل منها يعتمد إعادة
التدوير كمنهجية تشرف عليها الدولة، وتبقى في أحيان كثيرة على شكل مبادرات.
الخبيرة بالشأن البيئي والتغيرات المناخية،
صفاء الجيوسي، قالت لـ"عربي21" إن الدول العربية في الغالب لا تعالج
النفايات، وتتجه إما للطمر أو الحرق بدلا من الفرز وإعادة التدوير.
وأشارت إلى أن معالجة النفايات الصلبة في أغلب
الدول ليست على سلم الأولويات، مؤكدة على أن للطمر والحرق أضرارا بيئية كبيرة.
اقرأ أيضا: لحماية بيئتك.. إليك بدائل تجنبك البلاستيك (إنفوغرافيك)
ولفتت إلى أنه بالرغم من أن الدول العربية هي
دول مستهلكة وليست منتجة، إلا أن الإرادة السياسية في الوطن العربي لا ترى أن
موضوع معالجة النفايات أولوية حاليا.
ولفتت إلى التجربة المغربية في منع استخدام
وتداول الأكياس البلاستيكية، مشيرة إلى أنه لا توجد دولة عربية اتبعت هذا النهج بعد.
عالميا، اتفقت الخبيرة بالشأن البيئي مع الأمم
المتحدة في أن الحل للتخلص من النفايات هو عدم إنتاج هذه النفايات بحيث لا نضطر
للبحث عن حل للمشكلة.
ولفتت إلى أن الحل الحالي في الوطن العربي هو
إعادة التدوير، إلى حين الوصول إلى مبدأ "صفر نفايات"، مؤكدة على أن
النفايات في الوطن العربي "كثيرة".
ووافقت نحو 180 دولة الشهر الجاري على تعديل
اتفاقية بازل بخصوص التجارة في نفايات البلاستيك والتخلص منها لتصبح التجارة
العالمية في نفايات البلاستيك أكثر شفافية وأفضل من الناحية التنظيمية.
ولم توقع الولايات المتحدة، أكبر مصدر لنفايات
البلاستيك في العالم، على الاتفاقية المبرمة قبل 30 عاما.
وتتصدر فرنسا على سبيل المثال قائمة الدول
الملوثة في منطقة المتوسط، وأنتجت في عام 2016 وحده قرابة 4.5 ملايين طن من النفايات البلاستيكية،
10 آلاف طن منها وجد طريقه إلى مياه البحر شبه المغلق، بحسب الصندوق العالمي
للطبيعة.
أما في الهند، من المتوقع أن يزيد ارتفاع أعلى
جبل نفايات في العاصمة الهندية عن علو ضريح تاج محل خلال العام المقبل، ليصبح رمزا
نتنا لنيودلهي التي تعتبرها الأمم المتحدة أكثر عواصم العالم تلوثا.
وتعد المدن الهندية من أكبر منتجي النفايات في
العالم، إذ تخلف 62 مليون طن من النفايات سنويا. وبحلول العام 2030، قد يرتفع هذا
العدد إلى 165 مليون طن، وفق الأرقام الحكومية.
أمين عام وزارة البيئة في الأردن، المهندس أحمد
القطارنة، قال في حديث لـ"عربي21" إن بلاده تعد استراتيجية جديدة، فيما
يتعلق بالنفايات البلاستيكية، التي تشكل أرقا عالميا.
اقرأ أيضا: يوم الغذاء الآمن.. تلوث الطعام يقتل مئات آلاف البشر (إنفوغراف)
وأشار القطارنة إلى أن قانونا جديدا سيصدر في
المملكة، يحوي نصوصا واضحة تمنع تداول الأكياس البلاستيكية إلا تحت شروط معينة،
خلال الأشهر القليلة القادمة.
ولفت إلى أن الحكومة ستشجع على استخدام الأكياس
الورقية أو البلاستيكية القابلة للتدوير، أو أكياس التسوق القابلة للاستخدام
المتكرر، كما سيصبح الكيس البلاستيكي في الأردن مدفوع الثمن، كما في دول عديدة،
للحض على تقليل استخدامه.
وتابع القطارنة بأنه قد يكون هنالك بعض
التجاوزات في الدول بما يخص موضوع تصدير النفايات، مؤكدا على أن بلاده تملك استراتيجية
واضحة للتعامل مع النفايات والتخلص منها بطريقة صحيحة، أو إعادة تدويرها.
وبحسب المنتدى الاقتصادي العالمي، تولد مدن
العالم أكثر من ملياري طن من النفايات سنويًا، لكن ربع سكان العالم لا يحصلون على
نظام مناسب لجمع النفايات، في البلدان المنخفضة الدخل، حيث يتم حرق النفايات
الصلبة أو طمرها.
وأشار المنتدى إلى أن هذه البلدان الفقيرة هي
التي تتحمل الكثير من عبء النفايات العالمية. ويقدر عدد الفقراء الذين يموتون كل
عام في البلدان النامية بين 400 ألف إلى مليون شخص بسبب الأمراض الناتجة عن سوء
إدارة النفايات، حسب تقديرات مؤسسة "تير فند" الخيرية.