ينتظر الفلسطينيون بفارغ الصبر أيام شهر رمضان، لتلتقي جباههم بحجارة المسجد الأقصى، وليجددوا شد الرحال إليه والاعتكاف فيه على مدار اليوم.
وتستعد أركان المسجد ومصلياته وساحاته بكل ما أوتيت
من تحضيرات لاستقبال شهر رمضان، وتقوم دائرة الأوقاف الإسلامية بالتنسيق والترتيب
لتحضير المسجد ومرافقه لاحتضان عشرات آلاف المصلين فيه، بينما ترسم سياسة الاحتلال
التهويدية شكلا أكثر قساوة هذا العام من العراقيل والتحديات التي يواجهها
الفلسطينيون في سبيل الحفاظ على مسجدهم ومنع المستوطنين من السيطرة عليه.
على قدم وساق
ويؤكد الشيخ عمر الكسواني مدير المسجد الأقصى
المبارك بأن هناك عدة برامج تقوم دائرة الأوقاف على تنفيذها لاستقبال شهر رمضان في
المسجد الأقصى؛ أبرزها الاستعدادات داخل الساحات من تركيب للمظلات لتقي المصلين حر
الشمس، حيث يتم نصبها في جميع الساحات والعمل على إتمام هذا الأمر قبل بداية الشهر
الفضيل.
ويوضح الكسواني في حديث لـ"عربي21" بأنه
تم عقد اجتماع مع لجان الإسعاف التي ستقدم الخدمات الطبية وتقوم بنصب العيادات
الميدانية في ساحات المسجد خصوصا في أيام الجمعة والعشر الأواخر وليلة القدر، كما
يتم الاتفاق مع لجان الفرق الكشفية داخل القدس التي تريد أن تنظم الصفوف وحال
المصلين في كل ليلة بالمسجد من أجل تنظيم رواده والصلاة وغيرها من أحوال المسجد.
اقرأ أيضا: تحذيرات من تصاعد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى
ويضيف قائلا: "تم الاتفاق مع اللجان الاجتماعية
من أجل أن تأخذ دورها في شهر رمضان وكذلك تم ترتيب البرامج الدينية وتنظيم برامج
لدروس الوعظ والإرشاد بعد صلاة الفجر وقبل صلاة الظهر وبعدها وقبل صلاة العصر
وترتيب برنامج قراءة القرآن في المصلى القبلي ومسجد قبة الصخرة، كما تم العمل على
ترتيب برامج صلاة التراويح داخل المسجد في صلاة موحدة وبرنامج الأئمة الحافظين
لكتاب الله من أجل ختم القرآن الكريم، وكذلك الدروس اليومية".
ويشير الكسواني إلى أنه تم التنسيق مع الجمعيات
المتبرعة التي تريد توزيع ووضع طعام الإفطار للمصلين ومكان ذلك، وتعيين مشرف صحي
من أجل أن تكون الوجبات ضمن المواصفات المناسبة وكذلك وجبات السحور، بينما تم
الاتفاق على ترتيب الخيم الرمضانية ابتداء من ليلة الخامس عشر من رمضان من الساعة
الثانية عشرة ليلا حتى صلاة الفجر بحيث تتم إمامة المصلين بصلاة موحدة واستقبال
المعتكفين خلال العشر الأواخر، فيما تم التعامل مع مقاول لتنظيف الساحات ودورات
المياه وتجهيز المياه النظيفة لأكبر عدد من المصلين وكذلك تم التعميم على المساجد
المحيطة للمساعدة في استقبال المصلين من أجل استخدام دورات المياه خاصة في أيام
الجمعة من أجل التخفيف على المصلين وتقديم الخدمات بأنواعها.
ويتابع: "تم تجهيز لجان للتوعية فيما يخص
التعامل مع الطوارئ لا سمح الله إن حدث شيء داخل الأقصى وخلال الاعتكاف، كما أن
مصليات المسجد كافة ستكون مفتوحة للصلاة خلف إمام واحد وبصلاة موحدة بما فيها مصلى
باب الرحمة".
عوائق "إسرائيلية"
وعلى الجانب الآخر لتلك التحضيرات، تظهر مشقات يضعها
الاحتلال متعمدا أمام الفلسطينيين كي يواصل حربه على مسرى رسول الله، فالاستعدادات
تلك جوبهت بتضييقات "إسرائيلية" حوّلت فرحة استقبال رمضان إلى قلق من
إمكانية تنغيص أيامه على المصلين.
وفي هذا الشأن، يؤكد مدير قسم المخطوطات في المسجد
رضوان عمرو أن هذا العام كان من أصعب الأعوام تحضيرا لشهر رمضان، حيث أن الاحتلال
ومنذ عام 2017 اتخذ إجراءات مقيدة للمصلين شملت مضاعفة أعداد عناصر الشرطة وتشديد
إجراءات الدخول للمسجد على جميع أبوابه، وعرقلة عمل حراس وموظفي الأقصى.
ويقول عمرو في حديث لـ"عربي21" إن "الاحتلال
هذا العام عرقل وضع المظلات الحامية من الشمس في ساحات الأقصى والتي كانت عادة
توضع قبل شهرين من بدء رمضان، كما أن هناك مواد يمنع حتى الآن إدخالها للمسجد
لتكتمل تحضيرات الشهر الفضيل".
اقرأ أيضا: مئات المستوطنين يقتحمون الأقصى بحماية الجيش (شاهد)
ويتابع: "خلال التجهيزات لاستقبال رمضان قام
الاحتلال باعتقال فتى فلسطيني فقط لأنه قام بوضع خزانة للأحذية على مدخل باب
الرحمة؛ وهذا الأمر كشف كم أن الاحتلال مغتاظ من الترميمات والإصلاحات في الجهة
الشرقية من الأقصى".
وفي ملف مصلى باب الرحمة الذي سيتمكن الفلسطينيون من
أداء الصلاة فيه في شهر رمضان للمرة الأولى منذ 16 عاما؛ يرى عمرو أن الاحتلال لن
يتخذ خطوات مفاجئة أمام آلاف الوافدين إلى الأقصى، وربما ينحني خلال رمضان وبعد
انتهائه يقوم بخطوات ردا على دخول المصلى الذي يرفض أن يفتح للمسلمين.
ويلفت إلى أنه العام الماضي انتظر حتى انتهاء الشهر
الفضيل ثم قام بوضع نقطة مراقبة عسكرية فوق المصلى بحجة أن الشبان قاموا خلال
رمضان بأعمال ترميم وتنظيف في الجهة الشرقية.
ويبين أن مصلى باب الرحمة ما زال يعاني من إجراءات
الاحتلال التعسفية، حيث يمنع إدخال مكبر صوت له أو فرش سجاده بالشكل المطلوب كي
يضغط على المصلين لتركه، ولكنهم رغم ذلك مصممون على الصلاة فيه بكثافة ما يخرب
خططه التهويدية التي تريد انتزاع المصلى من سيطرة المسلمين، وهذا أكد للاحتلال بأن
المصلى إسلامي خالص لا يقبل القسمة على اثنين.
أما حول إمكانية دخول المصلين للمسجد خاصة من الضفة
المحتلة والتي يُمنع أهلها من دخول القدس منذ عام 2002؛ فيؤكد عمرو بأن الاحتلال
في كل عام ينشر عبر الإعلام تسهيلات جديدة للمصلين ولكنها على أرض الواقع تكون عكس
ذلك، حيث أن العامين الأخيرين شهدا أقل نسبة توافد للمصلين من خارج القدس خلال 20 عاما نتيجة إحكام الجدار العنصري حول المدينة والحواجز العسكرية والتضييقات
الممنهجة.
أما حول اقتحامات المستوطنين للمسجد، فيقول عمرو إنه
لم يكن مسموحا لهم باقتحامه خلال شهر رمضان، ولكن الاحتلال منذ ثلاث سنوات بدأ
باستباحة حرمة المسجد والشهر الفضيل والتجرؤ عليه، حيث فتح المجال لمستوطنيه
وللسياح حتى خلال العشر الأواخر وهو مكتظ بالمعتكفين ما كان يؤدي إلى احتكاكات
ومواجهات والاعتداء على المصلين.
تحذيرات من تصاعد اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى
المسجد الإبراهيمي بالخليل.. أذان يمنع وحواجز تخنق المصلين!
قائد شرطة الاحتلال ومئات المستوطنين يقتحمون الأقصى