قضت محكمة النقض في مصر، الخميس، برفض طعون 262 من أعضاء جماعة
الإخوان المسلمين على أحكام الحبس التي تصل للمؤبد بحق بعضهم، في القضية المعروفة إعلاميا
بـ"فض اعتصام النهضة" إبان الانقلاب العسكري منتصف عام 2013.
وتضمنت الأحكام، التي أصبحت نهائية وباتة لا طعن عليها، معاقبة
17 شخصا بالسجن المؤبد، و223 آخرين بالسجن المشدد 15 عاما، و22 آخرين بينهما حدثان
بالسجن 3 سنوات، وبراءة 115 آخرين، وانقضاء الدعوى الجنائية لاثنين لوفاتهما.
المتهمون الذين من بينهم أساتذة بالجامعات ومشايخ بالأزهر والأوقاف
وأطباء ومهندسون وطلاب، غرمتهم المحكمة أيضا 137 ألف جنيه لحديقة الحيوان، و2 مليون لحديقة الأورمان، و10 ملايين لمحافظة
الجيزة، و25 مليونا لكلية الهندسة.
وكان قد تم اعتقال 379 من أنصار جماعة الإخوان المسلمين من المعتصمين
بميدان "النهضة" بالجيزة، إثر فض الاعتصام يوم 14 آب/ أغسطس 2013، وتوجيه
اتهامات لهم بالتجمهر ومقاومة السلطات وتخريب الممتلكات، وغيرها من الاتهامات.
ويقبع أكثر من 60 ألف معتقل سياسي بسجون النظام العسكري الحاكم،
ويحاكمون بقضايا وصفتها منظمات حقوقية مصرية ودولية بأنها مسيسة وخالية من معايير النزاهة،
وحكم عليهم بأحكام بين الإعدام والحبس المشدد من بضع سنوات وحتى المؤبد 25 عاما.
"مؤشر خطير"
وتعليقا على تلك الأحكام، قال الحقوقي المصري محمود جابر فرغلي
إن "محكمة النقض المصرية دأبت على رفض الطعون المقدمة من المحكوم عليهم بالسجن
المؤبد أو المشدد، خاصة في القضايا السياسية"، مضيفا لـ"عربي21" أن
"هذا مؤشر خطير؛ حيث بات تسييس القضاء واضحا جليا لا لبس فيه ولا غموض".
وحول اعتبار حكم النقض اليوم مؤشرا على احتمال أن تتعامل أعلى
محكمة للفصل في الطعون بالمثل مع بقية قضايا معتقلي الإخوان، أكد مدير مؤسسة
"عدالة لحقوق الإنسان" أنه حتى الآن "نستطيع القول إن محكمة النقض
لم تعد محكمة قانون، بل هي محكمة مواءمات سياسية حسب الظرف السياسي تقضي"، مشيرا
إلى أن "هذه دلالة من دلالات عدم استقلال القضاء بمصر".
وبشأن إمكانية إثبات ذلك الوضع حقوقيا، وبالتالي البناء عليه بأن
المحكمات فاقدة لقانونيتها، يرى المحامي والمحكم الدولي أنه "بالفعل يتم رصد
كافة الانتهاكات التي تقع تحت بند مخالفة ضمانات المحاكمة العادلة"، مبينا أن
"هناك جهودا حقوقية كثيرة تبذل في ذلك الأمر، وتم تقديم تقارير حقوقية حول عدم
استقلالية القضاء بمصر للآليات الدولية المعنية بذلك".
"العصف بموازين العدالة"
وفي تعليقه، قال القيادي بجماعة الإخوان المسلمين طارق مرسي:
"حسبنا من دلالات أن العسكر الذين يحكمون مصر الآن لم يقتلوا السياسة أو القانون
فحسب، لكنهم يحكموننا بشريعة الغاب، الانتقام فيها من رموز مصر بنفس قدر كراهيتهم
وانتقامهم من إرادة الشعب واختياراته".
عضو البرلمان المصري بالخارج، وصف تلك الحالة في حديثه لـ"عربي21"،
بأنها "الاستبداد الكفور في أسوأ صوره ووجهه القبيح الدامي، إنه العصف بكل موازين
العدالة وركل نزاهة القاضي وحقوق الإنسان".
وأضاف: "إذا كانت هذه محكمة النقض، فيتوجب تلقى العزاء في
مؤسسة كانت تسمى زورا وسذاجة مؤسسة القضاء".
أما عن الإطاحة بآمال آلاف المعتقلين بهذا الحكم وغيره من الأحكام
المماثلة والمحتملة، أكد السياسي المصري أن المعتقلين أصحاب قضية عادلة ومبدأ، وأصحاب
المبادئ لا يفقدون الأمل مهما بلغت سوءات الواقع، ولا يبنون أملهم على منصة قضاء موتور
ولا سطوة مستبد فاشي".
ويعتقد مرسي أن "الأمل الحقيقي هو في عدالة القضية"،
موضحا أن "الواقع مليء بالبشارات والتاريخ شاهد، كم رأينا مشاهد سقوط الطغاة تحت
أقدام الجماهير".
وفي تعليق جماعة الإخوان المسلمين على الحكم، قال المتحدث باسم الجماعة، طلعت فهمي، إنه "استمرارا لمهزلة الأحكام الانتقامية التي يمارسها الانقلاب الفاشي
عبر قضائه المسيس"، مؤكدا أنها "أحكام باطلة وممارسات إجرامية لن يفلت من
الحساب عليها هؤلاء الانقلابيون الخونة وكل من يدعمهم أو ينفذ تعليماتهم".
حقوقيا، أدانت
مؤسسة "عدالة لحقوق الإنسان" ما أسمته الأحكام الجائرة، وطالبت بإعادة
"محاكمة المواطنين بمحاكمة نزيهة تتوفر بها شروط و ضمانات المحاكمات العادلة".
مصر ترفض تعليق الأمم المتحدة على أحكام الإعدام الأخيرة
مصريون ناجون من أعواد المشانق يكشفون لـ"عربي21" حقائق مثيرة
"مستشار دولي": لهذا يتمادى السيسي في إعدام المعارضين