قرر قائد الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي، الاثنين الماضي، تمديد
حالة الطوارئ المعلنة في جميع أنحاء البلاد منذ أكثر من عام ونصف، لمدة 3 أشهر
إضافية.
وهذا
هو التمديد السادس لإعلان حالة الطوارئ في مصر منذ صدروه في نيسان/ أبريل 2017، في
أعقاب هجومين استهدفا كنيستين في طنطا والإسكندرية، أوقعا 45 قتيلا على الأقل،
وتبناهما تنظيم "داعش".
وأثار هذا القرار تساؤلات حول مدى تأثير ذلك على الاقتصاد المصري،
وسط تحذيرات خبراء من تأثيرات سلبية على تدفق الاستثمارات الأجنبية إلى البلاد.
ظروف أمنية خطيرة!
وتضمن قرار السيسي تمديد سريان حالة الطوارئ في جميع أنحاء مصر؛
"نظرا للظروف الأمنية الخطيرة التي تمر بها البلاد، وأن تتولى القوات المسلحة
والشرطة اتخاذ ما يلزم من إجراءات لمواجهة أخطار الإرهاب وتمويله، وحفظ الأمن
وأرواح المواطنين، وحماية الممتلكات العامة والخاصة".
ويجب موافقة البرلمان على القرار الرئاسي حتى يصبح ساريا، علما بأنه
لم يرفض البرلمان أي تمديد سابق لحالة الطوارئ.
وينص الدستور المصري على أنه بموجب حالة الطوارئ، يحق للسلطات فرض
حظر التجوال، وتوسيع صلاحيات الجيش والشرطة في إجراءات التأمين والتفتيش، ومراقبة
جميع وسائل الإعلام والاتصال ومصادرتها، وإمكانية إحالة المتهمين إلى محاكم
استثنائية، وفرض الحراسة القضائية.
"مفيد للاستثمار ويدعمه"
وفي هذا الشأن، قال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي لمصر "سوبير
لال"، إنه من السابق لأوانه التعليق على أي آثار اقتصادية بعد إعلان مصر
تمديد إعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر.
واستبعد خبير التصنيف الائتماني، عمرو حسانين، أن تقوم المؤسسات
الدولية بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر بسبب تمديد حالة الطوارئ، مشيرا إلى أن
الحكومة المصرية مددت حالة الطوارئ لمواجهة أحداث إجرامية وليس سياسية.
كما اعتبر المحلل الاقتصادي، أحمد سليم، أن تمديد حالة الطوارئ في
مصر لفترة محددة ليس نتيجة استبداد الحاكم، ولكنها لحماية الوطن، وتوفير الأمن
للمجتمع، بما في ذلك حماية المستثمرين وأموالهم، مضيفا أن هذا القرار يصب في
النهاية في صالح الاستثمار بالبلاد ويدعمه!.
الأرقام لا تكذب
لكن في المقابل، رأى الباحث الاقتصادي، أحمد القماش، أن قرار تمديد
حالة الطوارئ يضر، دون شك، بالوضع الاقتصادي في مصر، مشيرا إلى أن القاعدة
المعروفة للجميع هي أن رأس المال جبان، وبالتالي فإن هذه الرسالة السلبية تصل إلى
المستثمرين الأجانب بأن الأوضاع السياسية الأمنية غير مستقرة في مصر، وبالتالي
سيبحثون عن أماكن أكثر أمنا يستثمرون فيها أموالهم.
وحذر القماش، في تصريحات لـ "عربي21"، من
أن الأمر قد لا يتوقف عند عدم تدفق استثمارات أجنبية جديدة إلى مصر، بل قد يمتد
إلى هروب الاستثمارات القائمة بالفعل من البلاد، وتزايد صعوبة إيجاد مشترين
للسندات الدولية التي تطرحها مصر في أسواق الدين الدولية".
وأكد تراجع صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر لمصر خلال العام
المالي الماضي 2017/2018 إلى 7.7 مليار دولار مقابل نحو 7.9 مليار دولار خلال عام
2016-2017، بحسب بيانات البنك المركزي الأسبوع الماضي، بينما كانت الحكومة تتوقع
جذب 10 مليارات دولار، مشيرا إلى أن هذا التراجع حدث رغم محاولات الحكومة لتهيئة
مناخ الاستثمار خلال العامين الماضين ضمن إجراءات الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه
بالاتفاق مع صندوق النقد الدولي، حيث قامت بتحرير سعر الصرف؛ للقضاء على مشكلة نقص
العملات الأجنبية، وأصدرت قانونا جديدا للاستثمار وقانون تسهيل الحصول على
التراخيص الصناعية.
وأرجع أحمد القماش الانخفاض في صافي الاستثمار الأجنبي المباشر إلى
عدم الاستقرار السياسي والأمني منذ ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، بالإضافة إلى
عدة أسباب اقتصادية، على رأسها الروتين الحكومي، وانتشار الفساد، وتراجع القوة
الشرائية للمواطنين بعد إجراءات الإصلاح الاقتصادي الأخيرة التي رفعت نسب التضخم
إلى مستويات كبيرة، وخفضت قيمة العمل المحلية إلى أقل من نحو ثلث قيمتها التي كانت
عليها قبل خمس سنوات فقط.
وفي السياق ذاته، قال الصحفي الاقتصادي "محمد سليمان" إن
الحكومة فشلت في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، على الرغم من الإصلاح
الاقتصادي العنيف الذين قامت به منذ عدة سنوات؛ بسبب تدهور الأوضاع السياسية،
وتراجع الحريات في البلاد، موضحا، عبر صفحته على "فيسبوك"، أن مصر احتلت
المرتبة 94 في قائمة الاقتصادات الأكثر تنافسية عالميا من بين 140 دولة، وفق تقرير
التنافسية العالمي، كما جاءت في الترتيب التاسع كأسوأ دولة في حرية الصحافة عالميا،
وفي المركز 102 في جودة المؤسسات، و135 في الاستقرار الاقتصادي، و99 في الصحة
والمهارات، و130 في سوق العمل و99 في النظام المالي، وقبل الأخير عالميا في الرسوم
الجمركية.
لماذا هدد السيسي مبارك بقضية مقتل محجوب؟.. خبراء يجيبون
ظهور قاع نهر النيل.. هل دخلت مصر نفق المياه المظلم؟
السياسة.. أشد المحرمات في الجامعات المصرية