حذر مصرفيون واقتصاديون من استمرار البنك
المركزي
المصري بطبع "بنكنوت" دون تغطية حقيقية من احتياطي الذهب أو الاحتياطي
الاجنبي، مؤكدين أن إعلان البنك في تقريره النصف سنوي أنه قام بطباعة 453 مليارا و643 مليون جنيه مصري (25 مليارا و72 مليون دولار) أدى لزيادة التضخم الذي تعاني
منه مصر منذ عام 2011.
وطبقا لتقرير
البنك المركزي فإن هذا المبلغ
تنوع بين الفئات
النقدية (200 و100 و50 جنيها) حيث قام البنك بطبع 1.302 مليار ورقة
من عملة الـ200 جنيه بقيمة بلغت 260.3 مليار جنيه في مارس الماضي، وطبع 1.53 مليار
ورقة من عملة الـ 100 جنيه بقيمة 152.91 مليار جنيه، وطبع 23.6 مليار جنيه من
العملة فئة الخمسين جنيها.
وأكد البنك في تقريره أنه التزم بطباعة الـ”بنكنوت”
وطرحه للتداول بالمعايير العالمية للحفاظ على استقرار السوق وتوازنه، إلا أن البنك
لم يوضح طبقا للمختصين الحالة التي اعتمد عليها في طباعة هذه الكمية وهل كانت بغرض
استبدال النقود الجديدة بالقديمة والتالفة، أم أنها جاءت تلبية للطلب على النقد من
البنوك أو الحكومة مقابل حساباتهم لدى البنك المركزي، لمجاراة الزيادة في الأسعار
والنمو الاقتصادي للبلاد.
وأشار الخبير المصرفي أحمد عبد المنعم لـ"
عربي21" إلى أن البنك المركزي المصري توسع في طباعة أوراق الـ”بنكنوت” بشكل ملف للنظر في الفترة
التي تلت ثورة كانون الثاني/ يناير 2011، معتمدا على احتياطي نقدي من العملة
الأجنبية ومخزون الذهب الخاص بمصر، وهو ما كان يمثل تغطية قللت من نسبة التضخم،
إلا أن الفترة التي تلت تموز/ يوليو 2013 توسع بشكل أكبر في الوقت الذي كان
الاحتياطي من العملة الأجنبية هشا للغاية حيث ظل لمدة ثلاثة أعوام بين 13 -18 مليار
دولار، رغم القروض والودائع التي حصلت عليها مصر من دول الخليج.
ويضيف عبد المنعم أن البنك طبع نقوداً بقيمة 84
مليار جنيه (5 مليارات دولار)، خلال العام المالي 2016/2017، منها 46.5 مليار جنيه
خلال النصف الأول من 2017، ليبلغ حجم النقد المصدر بنهاية العام المالي 2016/2017
في حزيران/ يونيو 2017 ما يقرب من 453 مليار جنيه مقابل نحو 369 مليار جنيه في
حزيران/ يونيو 2016، بزيادة قدرها 81 مليار جنيه (4.5 مليارات دولار) ليس لها غطاء
من الاحتياطي.
ويستدل الخبير المصرفي بالمادة 109 من قانون
البنوك والتي حددت المعايير التى يجب على البنك المركزي أن يتبعها عند طباعة
النقود، حيث نصت المادة على أنه "يجب أن يقابل أوراق النقد المصدرة بصفة دائمة
وبقدر قيمتها رصيد مكون من الذهب والنقد الأجنبى والصكوك الأجنبية وسندات الحكومة
المصرية وأذونها وأى سندات مصرية أخرى تضمنها الحكومة".
ورأى عبد المنعم أنها "غير موجودة على أرض
الواقع نظرا لتجاوز الدين العام 90% من قيمة الدخل القومي، وارتفاع الديون
الخارجية لـ 9. 82 مليار دولار بنهاية 2017، طبقا لتقرير البنك المركزي في آيار/
مايو الماضي".
من جانبه ربط الخبير الاقتصادي كامل متناوي بين
ارتفاع معدلات التضخم السنوية وبين سياسية البنك المركزي في طباعة أوراق ال”بنكنوت”،
مشيرا إلي أن معدلات التضخم بالأعوام الثلاثة الأخيرة تراوحت بين 14 إلى 19% وهي
النسبة التي تزيد أو تقل في بعض الشهور، ولكنها بنهاية العام تدور حول هذه النسب،
مشيرا إلى أن عام 2017 أقفل على معدل تضخم وصل 19.86%، ولكنه عاد للانخفاض في
بداية عام 2018 ليصل متوسطه 15%.
وأشار متناوي لـ "
عربي21" إلى أن
ارتفاع معدلات التضخم مرتبطة بعدة أسباب أهمهما تضاؤل قيمة العملة المحلية رغم
توافرها بكثرة، وهو ما تعارف عليه الاقتصاديون بأنه نتيجة طباعة أوراق نقدية دون
وجود غطاء لها، ما يؤدي في النهاية لانهيار الاقتصاد في ظل ارتفاع الدين العام كما
هو موجود في الحالة المصرية.
وأضاف الخبير الاقتصادي أن معدلات النمو في مصر
جاءت على خلاف توقعات صندوق النقد الدولي الذي رفع من سقف توقعاته لنمو الاقتصاد
بمصر إلي 7% بنهاية 2019، إلا أن الأرقام الفعلية خيبت آمال الصندوق حيث بلغت
معدلات النمو لعام 2016 (402%) وفي عام 2017 (4.1%) بينما كان يتوقع صندوق النقد
أن يكون معدل النمو في العام الأخير 5%.
وأكد متناوي أن طباعة النقد دون تغطية قفز
بالأسعار لزيادات وصلت إلى 300% في السلع الأساسية، مقابل زيادة في الدخل لم
تتجاوز 5%، وهو ما أفقد الجنيه المصري قيمته، والتي وصلت لـ 18 جنيها مقابل الدولار،
وهو ما كان يجب على صندوق النقد أن يضعه في الاعتبار خلال المراجعات الدورية التي
يقوم بها مع الحكومة المصرية، باعتبار أن برنامجه الأساسي هو مساعدة الحكومة في
علاج عجز موازنتها العامة، وهو ما لم يحدث حتي الان رغم صول برنامج الصندوق لمحطته
الأخيرة في مصر.