أظهر تقرير صادر عن المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان سعي حكومة الاحتلال الإسرائيلي لتوسيع رقعة الاستيطان في منطقة الأغوار على الحدود الأردنية، تحديدا في محيط منطقة البحر الميت، عبر تخصيص موازنة 417 مليون شيكل (120 مليون دولار) لهذا الغرض.
وبررت إسرائيل موقفها بأن صرف هذه المبالغ جاء لتطوير المنطقة السياحية في البحر الميت، التي تشهد جفافا بفعل انخفاض منسوب مياه البحر بمعدل متر واحد سنويا، ما أثر على نشاط الحركة السياحية في هذه المناطق، التي تعدّ العمود الفقري للسياحة بالنسبة للكيان الإسرائيلي.
منطقة الأغوار، التي تستحوذ على ربع مساحة الضفة الغربية، بإجمالي مساحة تقدر بـ720 ألف دونم، تمتد من مدينة صفد شمالا وحتى قرية عين جدي في صحراء النقب جنوبا، تقسم إداريا وفقا لاتفاق أوسلو لثلاث مناطق، منطقة (A) التي تخضع لسيطرة مطلقة من السلطة الفلسطينية بمساحة 85000 دونم، ومناطق (B) التي تتبع لمناطق الإدارة المشتركة تقدر مساحتها 50000 دونم، فيما تتبع منطقة (C) لسيطرة مطلقة من إسرائيل بمساحة 585000 دونم.
ويقدر عدد السكان الفلسطينيين في هذه المناطق بنحو 50 ألفا، يتركز أغلبهم في مدينة أريحا، بالإضافة لـ 11 تجمعا عشوائيا. أما عن عدد المستوطنين، فيقدر عددهم بـ38 ألفا، وهم في الغالبية من السكان المقيميين، وتعدّ الأغوار سلة الغذاء الأولى بالنسبة للضفة الغربية، حيث تورد ما نسبته 70 بالمئة من إجمالي استهلاكهم السنوي من الخضار والفواكه.
مشروع القدس الكبرى
بدوره، أدان عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، تيسير خالد، المخطط الإسرائيلي، معتبرا ذلك "تجاوزا للاتفاقيات الموقعة مع منظمة التحرير، حيث تم الاتفاق في العام 2015 على وقف كل النشاطات الاستيطانية في الأغوار لمدة 20 عاما، وفق خطة وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري للسلام. لكن إسرائيل بهذا المخطط خرقت هذا الاتفاق، ما يؤكد فرضية أنها غير معنية بالوصول لأي تسوية سياسية وفق حل الدولتين".
وأوضح خالد، في حديث لـ"عربي21"، أن "التسريبات التي وردتنا تفيد بأن إسرائيل تسعى لتشييد 50 ألف وحدة استيطانية خلال العامين القادمين في هذه المناطق، وهذا من شأنه أن يحدث خللا في التوزيع الديموغرافي لصالحها، بما يسمح بتخطي عدد المستوطنين لـ100 ألف خلال عامين فقط".
وأكد خالد أن "من شأن هذا المخطط أن يفصل المناطق الفلسطينية في الضفة الغربية لقسمين، بما يسمح بتطبيق مخطط القدس الكبرى، من خلال اقتطاع 100 ألف دونم من منطقة الأغوار، وضمها لمدينة القدس".
ويعدّ مشروع (القدس الكبرى) من أخطر المشروعات التي تسعى إسرائيل لتطبيقه خلال ولاية الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، والذي يسعى لضم مستوطنة "معاليه أدوميم"، أكبر مستوطنات الضفة الغربية لمدينة القدس، والاستيلاء على 100 ألف دونم من أراضي شرق القدس حتى البحر الميت، كجزء من مشروع فصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها.
بدوره، أشار خبير الاستيطان، عبد الهادي حنتش، أن "إسرائيل ترى بمنطقة الأغوار كنزا حقيقا لم يتم الاستثمار فيه بعد، وذلك لما تتمتع به هذه المناطق من موارد طبيعية وكميات وفيرة من المياه العذبة، لذلك تحاول حكومة الاحتلال أن تستبق الزمن لتوسيع رقعة استيطانها في الأغوار؛ عبر إغراء الشعب اليهودي في الخارج بإعطائه مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في هذه الأغوار، مستغلة حالة انشغال المستوى الرسمي الفلسطيني بالمشكلات الداخلية التي تمر بها".
أبعاد سياسية
وأضاف خبير الاستيطان، في حديث لـ"عربي21"، أن "هنالك بعدا سياسيا في إقدام إسرائيل على تنفيذ هذا المخطط، وهو إقرار مشروع التسوية، الذي بات يعرف بصفقة القرن، عبر ضم مساحات من الأغوار الغربية لمدينة القدس الكبرى، وقد حظيت حكومة اليمين المتطرف بزعامة نتنياهو بدعم أطراف سياسية إسرائيلية في الداخل والخارج لإقرار هذا المشروع".
واتفق الكاتب والمحلل السياسي، نشأت الأقطش، مع سابقة، مضيفا أن "إسرائيل تتعامل مع منطقة الأغوار كمنطقة سيادية بالنسبة لها، وهي بذلك جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل الكبرى"، مشيرا إلى أن "الأعوام الخمسة الأخيرة شهدت إقرار الكنيست لعدد من القوانين التي تتيح للمستوطنين الإسرائيليين في الأغوار التحكم في موارد المنطقة، وإعطاء المصانع والشركات الكبرى امتيازات واسعة من قبيل الإعفاء الضريبي، وتشييد البنى التحتية التي تفتقرها منطقة الأغوار".
وأكد المحلل السياسي، في حديث لـ"عربي21"، أن "الأعوام القادمة ستشهد تغييرات جغرافية وديموغرافية في منطقة الأغوار ستصب في مصلحة إسرائيل، وهذا ما سيعقد على السلطة الفلسطينية المضي في مشروع التسوية، الذي تتشبث به كخيار استراتيجي بالنسبة لها".
تعليق مثير لوزير إسرائيلي على دعوات لإعادة احتلال غزة
تركيا تؤكد دعمها للخطوة الفلسطينية في "الجنائية الدولية"
جنرالات إسرائيليون يعترفون بانتصار حماس الإعلامي عليهم