أثار الإعلان عن صدور قائمة عفو رئاسية جديدة قبل عيد الفطر التكهنات حول دلالاتها خاصة مع توقعات بأن تشمل القائمة إفراجا عن أعضاء جدد بجماعة الإخوان المسلمين المعتقلين على خلفية قضايا وصفها حقوقيون بـ"المسيسة".
وأكد عضو لجنة العفو الرئاسي كريم السقا، بتصريحات صحفية السبت، أن هناك "قائمة عفو رئاسي جديدة يتم التجهيز لها، واعتمادها قبل عيد الفطر".
وقائمة العفو المحتملة هي الخامسة، منذ أن أعلن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي في تشرين الأول/أكتوبر 2016، بالمؤتمر الوطني الأول للشباب بشرم الشيخ عن تشكيل لجنة العفو الرئاسي، ليصدر الشهر التالي قررا بالعفو عن 82 سجينا، ويتبعها بقائمة ثانية في آذار/مارس 2017 شملت 203 سجناء، وقائمة ثالثة في حزيران/يونيو 2017، ضمت 502 سجينا بينهم محبوسين على ذمة قضايا تظاهر وتجمهر.
اقرأ أيضا: حبس ناشط بارز بمصر على ذمة التحقيق على خلفية تذاكر المترو
وصدرت القائمة الرابعة قبل شهر رمضان بيوم واحد، حيث أصدر السيسي عفوا رئاسيا عن 322 مسجونا على ذمة قضايا رأي وتجمهر، ومخالفة قانون التظاهر، جلهم أعضاء بجماعة الإخوان، وهو ما أثار الجدل حول أهداف النظام من هذا العفو وهل يقصد به فتح ملف المصالحة.
وأطلق القيادي السابق بالإخوان والمؤيد للنظام كمال الهلباوي، آخر مبادرات المصالحة الشهر الماضي، والتي أثارت ردود فعل متباينة من أجنحة جماعة الإخوان المسلمين بين الرفض لها والقبول بشروط، فيما لم يصدر عن أية جهات رسمية تابعة للنظام أي تعليق حول المبادرة التي اقترحت تشكيل مجلس حكماء من شخصيات وطنية مصرية وعربية ودولية.
ورغم تعدد مبادرات الصلح إلا أن أيا منها لم يلقى نجاحا، ففي عام 2017، دعا الإعلامي المقرب من النظام عماد الدين أديب، لحوار المتعاطفين مع الإخوان في آب/أغسطس، وقبلها وفي كانون الثاني/يناير، أعلن رئيس حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي، عن دعوته الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي، للوساطة بين النظام والإخوان.
وشهد عام 2015، في كانون الثاني/يناير، مبادرة "تصفير السجون"، للسفير عبد الله الأشعل، بإطلاق سراح بعض قيادات الإخوان وتوقيع وثيقة حرمة الدم المصري، فيما دعا البرلماني محمد العمدة، في آب/أغسطس، لمبادرة إثر الإفراج عنه من سجون الانقلاب، وفي أيلول/سبتمبر، طرح المفكر أحمد كمال أبو المجد، مبادرة بالتوافق مع الوزيرين السابقين بحكومة الرئيس مرسي، الدكتور محمد علي بشر، وعمرو دراج، لتخرج بعدها مبادرة أستاذ العلوم السياسية حسن نافعة.
وكان أول الداعين للمصالحة، رئيس مركز ابن خلدون الدكتور سعد الدين إبراهيم، إثر الانقلاب العسكري منتصف 2013، كما عرض المرشح الرئاسي السابق سليم العوا، والفقيه الدستوري المستشار طارق البشري، مبادرة للإفراج عن الرئيس مرسي إثر مجزرة فض رابعة العدوية.
المصالحة تعني محاكمتهم
وبسؤاله حول احتمالات وجود تفاهمات بين الجماعة والنظام العسكري تتم على إثرها قرارات العفو عن بعض الإخوان، أكد المحامي والخبير القانوني الدكتور مختار العشري، أنه "ليس هناك أية تفاهمات أو أي نوع من التواصل مع نظام الانقلاب العسكري بأي صورة من الصور".
المستشار القانوني لحزب الحرية والعدالة، أوضح لـ"عربي21": أنه "لو أفرج النظام عن كل المعتقلين فهو لا يعطي لهؤلاء المغتصبة حقوقهم في الحرية والعدالة منحه ولا منه بل لن يستطيع أن يكفر عما ارتكبه في حقهم ولو عوضهم بالمال فليس هناك أغلى من الحرية بعد الحياة".
وأضاف أنه "ارتكب الفظائع على مدار سنوات خمس في حق هؤلاء فإن أفرج عن بضع أفراد ذرا الرماد في العيون فهو لم يقم بشيء".
وحول اعتبار ذلك العفو عن بعض الإخوان مقدمة لفتح باب التصالح، قال العشري، "عن أي تصالح نتحدث"، متسائلا "هل تقدم النظام بمشروع أو حتى بادرة حسن نوايا حول هذا الأمر"، معتبرا أنها "أوهام في ذهن البعض يشغل بها أوقات الناس ويثير المشاعر دون واقع ملموس".
وأوضح أن تبعات الصلح على النظام كبيرة، مؤكدا أنهم "يعلمون أن الصلح يعني تقديمهم لمحاكمات عادلة جراء ما اقترفته أيديهم الآثمة في اغتصاب إرادة شعب ثم قتله ومصادرة حريته وتجويعه وبيع ثرواته بثمن بخس".
وتساءل العشري مجددا، "على أي شئ تتصالح حتى وإن كان وهم التصالح حقيقة؟"، مجيبا بقوله: "على دماء الشهداء أم على آهات الأرامل والثكالى والمعذبين في السجون والمعتقلات؟ أم على أموال نهبت وأرزاق سرقت؟"، مضيفا "عن أي شيء وبأي ثمن نترك الجاني يمرح ويلعب بدلا من أن ينال جزاء تجويعه الشعب وبيع ثروات الوطن".
هذه أهداف النظام
وفي تصوره حول دلالة إفراج النظام عن بعض الإخوان المعتقلين، قال البرلماني السابق طارق مرسي، إنه "لا يجب أن يبني أحد على تصريحات هنا أو هناك في مصر منذ الانقلاب"، نافيا أن تكون رسالة من النظام لقيادات الجماعة، مضيفا "لا أعتقد أن السيسي وجنرالاته ممن يعرفون إرسال الرسائل أو قراءتها".
وفي حديثه لـ"عربي21"، يرى مرسي، أن "أي إفراج تم لبعض الإخوان لا يمثل أي نسبة معتبرة من الآلاف التي تعج بهم سجون مصر حتى نعتبر تلك الإفراجات تمثل تحولا ما لدى الانقلاب أو دلالة نبني عليها".
اقرأ أيضا: حملات بملايين الجنيهات لجمع التبرعات في مصر تثير جدلا
وحول هدف النظام من قرارات العفو، يعتقد عضو مجلس الشورى الأسبق، "أن الإفراجات إن شملت عددا من الإخوان ربما كانت للتغطية على الإفراج عن صبري نحنوح أو هشام طلعت أو غيرهم من رموز النظام من البلطجية والقتلة".
وشمل قرار السيسي الأربعاء الماضي، العفو الصحي عن نخنوخ البلطجي المحكوم بالسجن المؤبد في قضايا حيازة أسلحة، وفي حزيران/يونيو 2017، كان قد قرر الإفراج الصحي أيضا عن رجل الأعمال هشام طلعت مصطفي والمحكوم 15 عاما في مقتل اللبنانية سوزان تميم.
وأضاف مرسي، "وربما كانت بعض الافراجات لترويج أكذوبة المصالحة لإشغال الرأي العام عن بلايا الانقلاب سواء في خياناته الخارجية أو بلاياه على المواطن في ارتفاع الأسعار، وربما يراد منها صب مزيد من تقاذف التهم والخلافات بين نخبة الثورة المنقسمة أصلا".
إبراهيم منير: الإخوان لن تعطي لانقلاب السيسي أي شرعية
منير: 3 شروط للتفاوض مع النظام.. منها إطلاق المعتقلين
منظومة السيسي للطرق تغرق في "شبر ميه".. ما الأسباب؟