في محاولة منه لامتصاص الغضب الشعبي ضد صفقة استيراد الغاز من إسرائيل، برر رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي، هذا الاتفاق، الذي اعتبره رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو "يوم عيد"، بأن مصر تسعى إلى أن تكون مركزا إقليميا للطاقة.
وأثار الاتفاق جدلا واسعا في الشارع المصري، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بشأن جدوى استيراد الغاز من إسرائيل في الوقت الذي بدأت فيه مصر الإنتاج بالفعل من حقل "ظهر" الذي يعد أكبر حقل غاز في البحر المتوسط وأحد أكبر اكتشافات الغاز العالمية في السنوات الأخيرة.
وقال السيسي في كلمة خلال زيارة لمركز لخدمات المستثمرين بثها التلفزيون المصري معلقا على الاتفاق: "أحرزنا هدفا يا مصريين في هذا الموضوع. اليوم مصر بفضل الله حطت رجليها على أنها تبقى المركز الإقليمي للطاقة في المنطقة، وهذا له إيجابيات كثيرة جدا جدا".
وأشار السيسي إلى أن مصر اقتنصت الفرصة من دول أخرى في المنطقة كانت تريد أن تصبح المركز الإقليمي للطاقة وذلك في إشارة على ما يبدو إلى تركيا التي انتقدت في الآونة الأخيرة اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص.
اقرأ أيضا: هكذا أمنت مصر وإسرائيل صفقة الغاز.. ما علاقة عملية سيناء؟
وحول حقيقة حديث السيسي عن سعي مصر لأن تكون مركزا إقليميا للطاقة، قال خبير الاتصالات المصري - الأميركي، والباحث المهتم بتأثير قانون البحار الدولي على الكابلات البحرية وعلى الانتفاع بمكامن الغاز البحرية، نائل الشافعي، إن إسالة الغاز الإسرائيلي لتصديره تجعله باهظ السعر، وهو ما يقلل من فرص أن تصبح مصر مركزا لتوزيع الطاقة.
وأضاف في تدوينه له عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك": "إسرائيل تبيع الغاز لمصر بمبلغ 64 مليار متر مكعب بسعر 15 مليار دولار، أي أن السعر لمصر هو 6.70 دولارات للألف قدم مكعب، أي 6.72 دولارات للمليون وحدة حرارية. إسالته في دمياط (أو إدكو) تتكلف نحو 1.50 - 2 دولار. وفك الإسالة في أوروبا يتكلف نحو 1 دولار. أي أن الغاز الإسرائيلي سيصل أوروبا بسعر يناهز 9 دولارات. بينما الغاز الروسي (الذي لا يحتاج إسالة) يباع في أوروبا بسعر يتراوح من 4 - 7 دولارات حسب الطلب. أي أن إسرائيل عليها بيع الغاز بسعر 1 دولار لمعامل التسييل حتى يمكنها منافسة روسيا. وهذا مستحيل".
السعر الذي اشترت به مصر الغاز الإسرائيلي هو 2.55 ضعف السعر العالمي
وكشف أن صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي لمصر هي 64 مليار متر مكعب بقيمة 15 مليار دولار، "أي أن سعر المليون وحدة حرارية هو 6.70 دولارات، في حين أن السعر العالمي اليوم هو 2.62 دولار. أي أن السعر الذي اشترت به مصر الغاز الإسرائيلي هو 2.55 ضعف السعر العالمي"، في حين أن مصر كانت قد باعت الغاز المصري لإسرائيل بـ 60 سنتا، والذي كان أقل كثيرا من السعر الذي تحاسب به الدولة المستهلك المصري".
وتابع: "لهذا، بدون إسالة، فإن السوق المصري هو المنفذ الوحيد للغاز الإسرائيلي، ولذلك يتم إغلاق جميع صنابير حقول الغاز المصري منذ 2011، تحضيرا للسوق المصرية لتستقبل الغاز الإسرائيلي".
وأوضح الشافعي أن "غاز حقل ظهر، على الرغم من ضخامته، إلا أن إنتاجه قليل، لإفساح السوق للغاز الإسرائيلي. وسيكون من الصعب، لغير المسؤولين، معرفة حجم إنتاجه لأنه سيأتي مخلوطاً داخل نفس الأنبوب مع الغاز الإسرائيلي. وسيكون نحو 90% منه ملك الشركات الأجنبية، لحين استرداد الاستثمارات المزعومة، وهو ما قد يستغرق أكثر من عشر سنوات. وربما ترسل شركتا "إيني" و"برتش بتروليوم" بحصتيهما إلى معمل الإسالة في دمياط الذي هو ملكهما (بنسبة 75%) وتحت إدارتهما (بنسبة 100%)".
وأشار الخبير الدولي، في تدوينة أخرى إلى أن شركة "نوبل إنرجي" الأمريكية، التي تمتلك حصة 40% في حقل الغاز الإسرائيلي "ليفياثان"، قالت إن طبقة العصر المسيني الحاملة للحقول الأربعة الكبرى (تمار، داليت، لفياثان، أفروديت)، تتلاشى بعد كيلومتر واحد من مكان وجود حقلين هائلين فيها (لفياثان وأفروديت) على بعد كيلومتر واحد من الحدود المصرية الحالية (التي تم ترسيمها في 2003).
وقال الشافعي: "هناك تفسيران لما قالته الشركة الأمريكية، إما أنها كاذبة ومغرضة، وطبقة المسيني تمتد داخل المياه المصرية الحالية، أو أن وزير الخارجية القبرصي، نيكوس رولانديس الذي اقترح نقطة ترسيم الحدود رقم 9 بين مصر وقبرص (وإسرائيل) كان مطلعاً على معلومات جيولوجية. بينما الجانب المصري (لجنة البحار) لا يفقهون شيئاً، وكل همهم الانتهاء من الترسيم في خلال مهلة الأسبوعين التي أعطاهم إياها جمال مبارك في 1 فبراير 2003".
وأكد أن "بلوك شمال بورسعيد، الملاصق لحقلي لفياثان وأفروديت، يوجد فيه حظر تنقيب فعلي منذ 2007، على يد شركة كجرات الهندية، التي سقعت البلوك حتى 2013. وحتى اليوم لا نشاط يُذكر"، لافتا إلى وجود ثروة غاز هائلة "يمكن أن تكتشفها مصر لو حفرت بالقرب من تلك الحقول".
وعلى غير ما يروجه السيسي لتبرير الصفقة، قال الشافعي إن "الغاز الإسرائيلي المستورد إلى مصر هو للاستهلاك المحلي داخل مصر، ولن يعاد تصديره إلى خارج مصر، على الأقل لمدة العشر سنوات القادمة لحين التمكن من مد أنبوب إسرائيلي في المياه التي تنازلت عنها مصر لقبرص وإسرائيل واليونان".
وأوضح أنه "لا توجد حتى اليوم تكنولوجيا تتيح مد أنبوب على عمق 3581 مترا تحت سطح البحر، وهي أعمق نقطة لابد أن يمر بها الأنبوب الإسرائيلي، في "سهل هيرودوت" بين مصر وقبرص واليونان، ناهيك عن المشاكل السياسية بين اليونان وتركيا".
خبراء طاقة يحذرون من خطورة صفقة الغاز بين مصر وإسرائيل
توقيع اتفاق لتصدير الغاز من إسرائيل إلى مصر لمدة 10 سنوات
إلغاء عقود غاز لإسرائيل يكلف مصر أكثر من مليار دولار