رغم أن الانتخابات الرئاسية المصرية المقرر إجراؤها في آذار / مارس المقبل باتت نتيجتها محسومة لصالح رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي، إلا أن الأجواء التي بدأت بها العملية الانتخابية تشير إلى حالة من الصراع السياسي الذي تعيش مصر حدته هذه الأيام.
السيسي أصبح ولأول مرة منذ انقلابه في 3 تموز/ يوليو 2013 في ساحة بينما الذين أيدوه في ساحة أخرى، وتسبقهما ساحة ثالثة للرافضين له منذ اليوم الأول لانقلابه.
فما هو حال الحياة السياسية المصرية؟ وهل إجراءات السيسي الأخيرة القاسية ضد الفريق سامي عنان الذي أعلن ترشحه للانتخابات، ونائبه هشام جنينة، وما جرى مع المرشحين المحتملين للرئاسة مثل خالد علي ومحمد السادات، أعادت الروح مرة أخرى للمعارضة المصرية غير الإسلامية؟
ولماذا تظل جماعة الإخوان المسلمين هي هاجس السيسي رغم علو أصوات الآخرين ضده؟ وهل أصبح لمصر خريطة واضحة للمؤيدين والمعارضين أم أن الأمور لن تخرج عن معارضة الحناجر دون أن يكون لها وجود على أرض الواقع؟
المعارضون الجدد
في هذا الصدد، أكد الباحث المتخصص في الشئون السياسية، أسامة أمجد، لـ "عربي21"، "أن الإجواء التي تشهدها الانتخابات الجارية أيقظت قطاعا من المعارضة ولكنه قطاع فاعل ومؤثر في محيطه فقط لأنه محدود الانتشار، ولكن أهميته بأنه كان مع السيسي في مربع واحد".
اقرأ أيضا: ما هي خيارات المعارضة المصرية في عهد السيسي؟
واستطرد: "بل إنهم هم الذين قدموه باعتباره المنقذ لمصر من الإخوان المسلمين، وبرروا له كل أفعاله القمعية من أجل التخلص من الإخوان وغضوا الطرف عن الدماء التي سالت على يد قوات الشرطة والجيش في فض اعتصامات رابعة والنهضة وغيرهما حتى لا تقوم للإخوان قائمة مرة أخرى، ولذلك هم تعاملوا مع السيسي من مبدأ (أنا وابن عمي على الغريب) كما يقول المصريون".
ويضيف "أمجد" أن وجود حركات مثل "التجمع المدني الديمقراطي" و"الحركة الثورية" ودعوات مثل "خليك في البيت"، والانتقادات التي توجها شخصيات سياسية مستقلة وبقايا ثوار يناير من غير الإسلاميين مثل "6 أبريل" وحزب خالد علي وغيرهم، "أعطى دفعة وميزة للمعارضة ولكن ليس في الداخل المصري وإنما في الخارج".
وتابع: "فمثل هذه الأصوات لها صدى في الخارج كما أنها تنقل الخلاف من كونه بين قائد الانقلاب والإخوان المسلمين، إلى خلاف مع نظام مستبد ديكتاتوري يستخدم القوة الغاشمة في الإطاحة بمنافسية حتى لو كانوا من أبناء مؤسسة واحدة".
أربعة فرق
من جهته يرى الكاتب المتخصص في التنظيمات السياسية، أحمد الجيزاوي، أن "الساحة السياسية في مصر تنقسم الآن إلى أربعة أقسام كل قسم له ما يميزه وما يعيبه، فالقسم الأول هو نظام الانقلاب الذي يسيطر على مفاصل الدولة ويقف من وراءه قيادات المجلس العسكري، والشرطة والبرلمان وقطاع من القضاء وقيادات الكنيسة ورموز من القيادات الدينية الإسلامية".
واستطرد: "وأحزاب هامشية من أصحاب المصالح جمعت نفسها مؤخرا فيما عرف بالتحالف السياسي المصري والذي يضم الأحزاب الداعمة للسيسي، وهذا الفريق بلا شك هو الأقوى لأنه المتحكم والذي يملك القوة والمال، ولكن نقطة ضعفه في كره الشعب له والذي يراه امتدادا سيئا لنظام مبارك مما جعله مهتزا غير مستقر".
أما الفريق الثاني، يضيف الجيزاوي في حديث لـ"عربي21"، فهو "المعارضة حتى الممات والذي يمثله الإخوان المسلمون والقوى الأخرى التي رفضت الانقلاب منذ اليوم الأول أو ما يعرفون بأنصار الشرعية".
وتابع: "هذا الفريق رغم أنه موزع بين المعتقلات والقبور والمنفى ويعد الأضعف في الحلقة الداخلية، إلا أن كل فشل للسيسي يزيده قوة على أرض الواقع مع وجود قناعة لدى قطاع منه بضرورة التخلي عن فكرة عودة الرئيس مرسي للحكم مرة أخرى لما يمكن أن يمنحه ذلك من ليونة أكثر في الحركة مع باقي الرافضين للسيسي، وتظل قوة هذه القطاع في اتصاله بالشارع رغم حملات التخويف والتشويه التي تعرض لها".
اقرأ أيضا: بين انتخاب السيسي أو مرشح مؤيد له: هل سيصوت المصريون؟
ويأتي على قمة الفريق الثالث، بحسب المتحدث "شركاء السيسي في الماضي وهو مربع 30 يونيو وجبهة الإنقاذ، وقوة هذا الفريق في أنه الأكثر إزعاجا والأعلى صوتا، وأنه يستطيع التحرك في المساحات الممنوحة له لاستكمال الديكور الديمقراطي بما يضر السيسي، ويجعل صوته مسموعا لدى المجتمع الدولي وهو ما يمنح حركة الرافضين للسيسي في المجتمع المدني الغربي قوة إضافية لتضييق الخناق عليه".
ويحدد "الجيزاوي" الفريق الرابع بأنهم "المعارضين للسيسي من داخل توليفة النظام وتحديدا داخل القوات المسلحة، وهو قطاع بدأ يكشر عن أنيابه بعد اعتقال الفريق عنان، ورغم أنه قطاع مجهول وغير ملموس إلا أن الإجراءات القاسية التي اتخذها السيسي ضد عنان (مع علمه بأنها سوف تشوه صورته)، وما تبعها من تهديدات صريحة من أي تحرك، تشير إلى أن هذا القطاع يمكن أن ينفجر في أي لحظة".
وأضاف: "وفي هذه الحالة يمكن أن يشكل مع الفريقين الثاني والثالث قوة شعبية مدعومة عسكريا، أو العكس؛ قوة عسكرية مدعومة شعبيا للاطاحة بالسيسي، وهو ما يبرر تخوفات السيسي المستمرة من جماعة الإخوان المسلمين رغم ما تعرضوا له من تنكيل ليس له مثيل خلال السنوات الأربع الماضية".
سيناريوهات متوقعة لما قد يحدث بين السيسي وعنان.. ما هي؟
بعد إقصاء عنان.. دعوات لمقاطعة انتخابات الرئاسة بمصر
رويترز تؤكد: أموال لمن يحرر توكيلا للسيسي بشأن الرئاسة