تتجه أنظار الأردنيين صوب مجلس النواب، الذي أعلنت لجنته القانونية، في 12 ديسمبر/ كانون أول، أنها ستقوم بمراجعة كافة الاتفاقيات المبرمة بين الأردن وإسرائيل، وعلى رأسها اتفاقية السلام (وادي عربة)؛ تمهيدا لرصد الخروقات الإسرائيلية لبنود الاتفاقية، كرد فعل على قرار الرئيس الأمريكي بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
ويرفع نواب أردنيون سقف طموحاتهم عاليا، ويلوحون بالتقدم بمشروع قانون للحكومة الأردنية يلغون فيه اتفاقية السلام، استنادا إلى المادة 95 من الدستور الأردني، إلا أن محللين ومراقبين للشأن النيابي لا يتوقعون أن تصل الإجراءات النيابية إلى حد إلغاء معاهدة وادي عربة، التي وُقعت بين الأردن وإسرائيل في عام 1994.
اقرأ أيضا: نواب الأردن يضعون الاتفاقيات مع إسرائيل على طاولة البحث
النائب ونقيب المحامين الأسبق، صالح العرموطي، قال لـ"عربي21"، إن الخطوة القادمة للنواب يجب ألّا تقتصر على رصد الخروقات، بل تتعدى ذلك لسن مشروع قانون لإلغاء معاهدة وادي عربة، حيث تنص المادة 95 من الدستور على أنه "يجوز لعشرة أو أكثر من أعضاء أي من مجلسي الأعيان والنواب أن يقترحوا القوانين، ويحال كل اقتراح على اللجنة المختصة في المجلس؛ لإبداء الرأي، فإذا رأى المجلس قبول الاقتراح أحاله إلى الحكومة؛ لوضعه في صيغة مشروع قانون، وتقديمه للمجلس في الدورة نفسها أو في الدورة التي تليها؛ للتصويت عليه".
وحول آخر الجهود النيابية في مراجعة الاتفاقيات مع إسرائيل، يقول العرموطي: إن "اللجنة القانونية في المجلس تقدمت بمذكرة خطية للحكومة؛ لتزويدها بجميع الاتفاقيات مع العدو الإسرائيلي، وما زلنا ننتظر الرد الحكومي، سنقوم بدراسة الخروقات التي ارتكبتها إسرائيل، ونرجو ألّا يقتصر ذلك على دراسة الخروقات، إنما التقدم بمشروع قانون لإلغاء اتفاقية وادي عربة".
يؤكد النائب العرموطي أن "عدد الاتفاقيات الموقعة بين الأردن وإسرائيل بلغت 14 اتفاقية، إلى جانب اتفاقية الغاز وناقل البحرين، لترتفع إلى 16 اتفاقية، لم تمرر جميعها على مجلس النواب، حسب المادة 73 من الدستور الأردني التي تلزم الحكومة بذلك".
إلا أن مراقبين للشأن النيابي لا يتوقعون أن تذهب جهود مجلس النواب الأردني أبعد من رصد الخروقات؛ بسبب تجارب سابقة لمواقف نيابية جاءت كردة فعل على الأزمات التي عصفت بالعلاقات الأردنية الإسرائيلية، إذ تزدحم أدراج مجلس النواب بما يقارب 70 مذكرة لطرد السفير الإسرائيلي، وإلغاء معاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، لم تجد طريقها إلى التنفيذ.
يقول الصحفي المتخصص في تغطية الشؤون النيابية، وليد حسني، لـ"عربي21"، إن "مجلس النواب يعمل على ملفين؛ الأول من خلال مذكرة للحكومة الأردنية يدعوها لوضع مشروع قانون لإلغاء اتفاقية وادي عربة، وهذا ليس في استراتيجيات أو خطط الأردن؛ لذلك، فهذه المذكرة هي مجرد مقترح ستتجاهله الحكومة، والهدف من هذه الخطوة إعلامي وشعبي فقط".
أما الملف الثاني -حسب حسني- فهو "مراجعة الاتفاقيات مع العدو الإسرائيلي، وتم فهم وتفسير هذا الأمر بطريقة خاطئة، فالهدف منه مراجعة اتفاقية وادي عربة والاتفاقيات الأخرى، ومقارنتها بالانتهاكات التي ارتكبها العدو الإسرائيلي على مدى 23 سنة، وبالتالي ستخرج اللجنة القانونية بتقرير إحصائي لهذه الانتهاكات، وتقديمه للمجلس، وقد يرسلوه إلى مجالس نواب أخرى وفقط".
اقرأ أيضا: نواب الأردن.. أكثر من 70 مذكرة حول إسرائيل تنتهي بالأدراج
إلا أن النائب العرموطي يصف الخطوة التي اتخذها مجلس النواب بـ"الإيجابية، وسابقة من نوعها"، يقول: "الأصل أن مجلس النواب هو صاحب الولاية العامة، وإذا كانت الحكومة لم تتقدم بمشروع قانون لإلغاء اتفاقية وادي عربة في ظل كل الانتهاكات التي جرت، وآخرها نقل سفارة أمريكا إلى القدس، يحق لعشرة نواب ويتوجب عليهم إلغاء الاتفاقية؛ لأنها مست السيادة الأردنية".
بدوره، يدعو المعارض السياسي سفيان التل -مؤلف كتاب الهيمنة الصهيونية على الأردن- النواب للبحث عن الخروقات في مجالات عدة منها المياه والمناطق الصناعية المؤهلة التي ارتكبت بموجبها انتهاكات عديدة بحق العمال الأردنيين، وصلت إلى حد الاتجار بالبشر، حصلوا فيها على أدنى الرواتب.
يقول التل: "إن العدو الصهيونية ما انفك يخترق جميع الاتفاقيات مع الأردن، ولم يلتزم بها، هي وقرارات الأمم المتحدة، ابتداء من قرار التقسيم وحل الدولتين، بالإضافة إلى سرقة حصة الأردن في مياه نهر اليرموك بين الأردن وسوريا، كما سرقت مياه سد الوحدة، وضخت مياها ملوثة غير قابلة للتنقية إلى الأردن، كما أخرت مشروع الديسي 30 عاما، ولم يسمحوا به إلا عندما أخذوا حصة من المياه".
لا يعول التل على مجلس النواب بإلغاء هذه الاتفاقيات، ويقول: "ليسوا جادين أبدا، عندما يكون هناك مجلس نواب يمثل الأمة نفكر في الأمر، لكن عندما تكون الأغلبية من النواب جاءت بها الأجهزة الأمنية يستحيل أن يحدث شيء".
وتجمع المملكة والجانب الإسرائيلي اتفاقيات عدة، أبرزها اتفاقية السلام "وادي عربة"، التي وقعت في تشرين الأول/ أكتوبر 1994، إلى جانب اتفاقية مع شركة نوبل إنيرجي الأمريكيّة في أيلول/ سبتمبر من عام 2016، الحاصلة على امتياز التنقيب في البحر الأبيض المتوسط في فلسطين المحتلة، وأخرى مماثلة لتوريد الغاز الطبيعي وقعتها شركة البوتاس الأردنية مع جلوبل إنيرجي في 2014، إلى جانب مشروع ناقل البحرين المشترك الممول من البنك الدولي، واتفاقية تتعلق بإنشاء مناطق صناعية مؤهلة (QIZ).
تصعيد غزة المحدود.. إخماد لهبة القدس أم تسخين لحرب جديدة؟
هل تدفع قضية القدس الأردن للبحث عن حلفاء جدد؟
13 قمة سابقة لمنظمة التعاون الإسلامي.. كيف خدمت القدس؟