تُشكل قضية
القدس المحتلة أساس إنشاء منظمة التعاون الإسلامي، والتي كانت تُعرف سابقا باسم "المؤتمر الإسلامي"، حيث أُنشئت المنظمة بقرار صادر عن القمة التاريخية التي عُقدت في الرباط بالمملكة المغربية في أيلول/ سبتمبر 1969، ردا على جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدس المحتلة. ولذا لم يكن من المستغرب عدم خلو جميع بياناتها الختامية لقممها الثلاثة عشرة السابقة من التطرق لقضية فلسطين على وجه العموم والقدس المحتلة على وجه الخصوص.
إلا أن محرر "
عربي21" رصد تحولا في مضمون وصياغة البيان الختامي للقمم الإسلامية السابقة، فبعدما كان يتم وصف
إسرائيل بشكل دائم ومتكرر بالكيان والعدو الصهيوني تم حذف هذا المصطلح تماما من جميع البيانات الختامية التي أعقبت القمة الإسلامية الخامسة التي عُقدت بالكويت في كانون الثاني/ يناير 1987، وبعدما كان الحديث بشأن ضرورة "الجهاد المقدس" لتحرير كامل مدينة القدس وجميع الأراضي الفلسطينية المحتلة، ظهرت أحاديث عن "القدس الشرقية" والدعوة لما وصفوه بالسلام الشامل والعادل مع إسرائيل، فضلا عن التراجع الملحوظ بشأن الاهتمام بالقدس والقضية الفلسطينية عما كان عليه الوضع في القمم الأولى.
وتعد منظمة التعاون الإسلامي ثاني أكبر منظمة حكومية دولية بعد الأمم المتحدة، حيث تضم في عضويتها سبعا وخمسين دولة موزعة على أربع قارات. وتقول إنها تُمثل "الصوت الجماعي للعالم الإسلامي"، وتسعى لحماية مصالحه والتعبير عنها دعما للسلم والانسجام الدوليين، وتعزيزا للعلاقات بين مختلف شعوب العالم.
وفيما يلي رصد لأبرز مخرجات وقرارات القمم السابقة لمنظمة التعاون الإسلامي حيال ملف القدس:
مؤتمر القمة الإسلامي الأول
أعلن أول مؤتمر للقمة الإسلامية الذي انعقد في أيلول/ سبتمبر 1969 بمدينة الرباط بالمغرب رفض أي حل للقضية الفلسطينية لا يكفل لمدينة القدس وضعها السابق لأحداث حزيران/ يونيو 1967، مطالبا جميع الحكومات وبصورة خاصة حكومات فرنسا وأمريكا وبريطانيا واتحاد الجمهورية الاشتراكية السوفيتية أن "تأخذ بعين الاعتبار تمسك المسلمين القوي بمدينة القدس، وعزم حكوماتهم الأكيد على العمل من أجل تحريرها".
وقال المؤتمر الأول، بحسب البيان الختامي الذي اطلعت عليه "
عربي21"، إن "شعوبنا وحكوماتنا لتشعر بقلق عميق من جراء استمرار
الاحتلال العسكري الإسرائيلي للأراضي العربية منذ شهر حزيران/ يونيو 1967، ورفض إسرائيل إعادة أدنى اعتبار للنداءات الموجهة لها من مجلس الأمن والجمعية العامة لهيئة الأمم المتحدة، والتي تدعو لإلغاء تدابير ضم مدينة القدس الشريف".
وتابع: "أمام هذا الوضع الخطير فان رؤساء الدول والحكومات والممثلين ليهيبون بإلحاح بجميع أعضاء الأسرة الدولية وخاصة بالدول الكبرى التي تتحمل مسؤولية خاصة في الحفاظ على السلام الدولي، لكي تبذل المزيد من الجهود المشتركة والمنفردة لتحقيق الانسحاب السريع للقوات الإسرائيلية من كافة الأراضي التي احتلتها بعد حرب حزيران/ يونيو 1967، وذلك تمشيا مع المبدأ الذي يقضي بعدم شرعية اكتساب الأراضي عن طريق الغزو العسكري".
وأكد البيان الختامي أن "الأعمال المتمثلة في انتهاك حرمة مقام يعتبر من أقدس المقامات الدينية لدى البشرية وفي تخريب الأماكن المقدسة وخرق حرمتها، تلك الأعمال التي وقعت تحت الاحتلال الإسرائيلي المسلح لمدينة القدس الشريف، وهي المدينة التي تحظى بإجلال بجميع معتنقي ديانات الإسلام والمسيحية واليهودية، قد زادت من حدة التوتر في الشرق الأوسط، وأثارت استنكار سائر شعوب العالم".
وأضاف أن "رؤساء الدول والحكومات والممثلين يعلنون أن الخطر الذي يهدد المقامات الدينية الإسلامية بمدينة القدس إنما هو ناتج عن احتلال القوات الإسرائيلية لهذه المدينة، وأن المحافظة على الصبغة المقدسة لهذه الأماكن، وضمان حرية الوصول إليها والتنقل فيها تستلزم أن يسترجع القدس الشريف وضعه السابق قبل حزيران/ يونيو 1967، والذي أكدته ألف وثلاثمائة سنة من التاريخ".
لا مساومات أو تنازلات تجاه "القدس"
وجدّد مؤتمر القمة الإسلامي الثاني، الذي انعقد بمدينة لاهور الباكستانية في 24 شباط/ فبراير 1974، التزامه بقرارات مؤتمر القمة الإسلامي الأول والمؤتمرات الإسلامية السابقة لوزراء الخارجية بشأن مدينة القدس الشريف، مشدّدا على أن "إعادة السيادة العربية إلى القدس الشريف شرط أساسي لابد منه لأي حل في الشرق الأوسط، وأن أي حل لا يعيد هذا الوضع إلى ما كان عليه لن يكون مقبولا من البلدان الإسلامية، كما يعلن المؤتمر رفضه لأية محاولة لتدويلها".
وأدان بشدة "التدابير التي تتخذها إسرائيل لتهويد القدس ورفضها الامتثال لقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن التي تطالب بإلغاء كافة التدابير التي تستهدف ضم مدينة القدس لإسرائيل أو تغيير الطابع الديني والتاريخي للقدس واعتبار هذه التدابير باطلة ولاغية"، مؤكدا أن "البلدان الإسلامية لا يمكن أن تقبل أي اتفاق أو بروتوكول أو تفاهم يقضي باستمرار الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس أو وضعها تحت أي سيادة غير عربية أو جعلها موضع مساومات أو تنازلات".
وطالب المؤتمر الثاني بانسحاب إسرائيل الفوري من مدينة القدس الشريف، مقررا مواصلة الكفاح في سبيل تحرير مدينة القدس، والحفاظ على مقدساتها، مضيفا: "نصر على ألا تكون (القدس) موضعا لأية مساومة أو تنازلات، كما نرحب بأية جهود ودية في سبيل هذا الغرض"، مشدّدا على أن "انسحاب إسرائيل من القدس شرط أولي لا يقبل التغييرات لتحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط".
بلاغ مكة وإعلان "الجهاد المقدس"
وتحت شعار "دورة فلسطين والقدس الشريف"، انعقد مؤتمر القمة الإسلامي الثالث بمكة في المملكة العربية السعودية، وحمل البيان الختامي عنوان "بلاغ مكة" في 28 كانون الثاني/ يناير 1981، والذي دعا جميع دول العالم إلى احترام الشرعية الدولية، وذلك بعدم التعامل مع "سلطات الاحتلال الإسرائيلي بأي شكل يمكن أن تحتج به تلك السلطات على أنه اعتراف ضمني أو قبول بالأمر الواقع الذي فرضته بإعلانها القدس عاصمة أبدية وموحدة للكيان الصهيوني".
وطالب جميع دول العالم بعدم توقيع اتفاقيات في مدينة القدس، وعدم القيام بزيارات رسمية لها، وعدم إجراء أي مباحثات رسمية فيها، مشدّدا على الالتزام بتحرير القدس لتكون عاصمة للدولة الفلسطينية، لافتا إلى "قيام الدول الإسلامية عبر وسائل إعلامها المختلفة الرسمية وشبه الرسمية والشعبية بالتعبئة النفسية باتجاه الجهاد لتحرير القدس".
ونوه إلى تأكيد التزام الدول الإسلامية باستخدام جميع إمكاناتها لمجابهة القرار الإسرائيلي بضم القدس، وإقرار تطبيق المقاطعة السياسية والاقتصادية على الدول التي تعترف بالقرار الإسرائيلي أو تسهم في تنفيذه أو تقيم سفارات في القدس الشريف.
واستطرد قائلا: "إننا نتعاهد على الجهاد بما لدينا من وسائل لتحرير القدس، ونجعل من هذا التحرير القضية الإسلامية الرئيسية من مسؤولية هذا الجيل من أمتنا حتى يتم بإذن الله تحرير القدس والأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وإعادتها إلى أصحابها الشرعيين".
وأشار إلى اتفاق ملوك وأمراء ورؤساء الدول الإسلامية على "إعلان الجهاد المقدس لإنقاذ القدس الشريف، ونصرة الشعب الفلسطيني، وتحقيق الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة"، مؤكدا أن للجهاد "مفهومه الإسلامي الذي لا يحتمل التأويل وإساءة الفهم، وأن الإجراءات العملية لتنفيذه ستتم وفقا لذلك وبالتشاور المستمر بين الدول الإسلامية".
وكلّف الأمانة العامة بالاتفاق مع لجنة القدس، بالاستمرار في إعداد وثيقة القدس من قبل لجنة الخبراء، والتي إصدارها وتعميمها وتوزيعها باللغات الثلاث للمؤتمر، حتى تصل إلى مختلف قطاعات الرأي العام العالمي.
وأكد أن "تحرير القدس وعودتها إلى السيادة العربية، وتخليص المقدسات الدينية من الاحتلال الصهيوني هي من مستلزمات الجهاد المقدس الذي يتوجب على جميع الدول الإسلامية أن تنهض به وتسهم فيه بما هي قادرة عليه"، منوها إلى تغطية رأسمال صندوق القدس، ووقفية هذا الصندوق حتى تتم مواجهة الاحتياجات الضرورية والملحة لدعم صمود ونضال الشعب الفلسطيني.
تمسك الأمة بالطابع والإسلامي للقدس
وأكد المؤتمر الرابع للقمة الإسلامية - الذي انعقد بمدينة الدار البيضاء في المملكة المغربية في الفترة من 16- 19 كانون الثاني/ يناير 1984- من جديد الالتزام الكامل بما جاء في برنامج العمل الإسلامي وجميع القرارات الصادرة عن لجنة القدس، مجدّدا تمسك الأمة الإسلامية بالطابع العربي الإسلامي لهذه المدينة المقدسة، والتزامها بالعمل على عودتها إلى السيادة العربية.
تقرير المصير وإقامة دولة فلسطينية مستقلة
ودعا البيان الختامي لمؤتمر القمة الإسلامي الخامس التي عُرفت باسم "دورة التضامن الإسلامي"، والتي انعقدت بالكويت في الفترة من 26- 29 كانون الثاني/ يناير1987، العالم الإسلامي إلى تنسيق الجهود في سبيل تحرير الأراضي العربية والفلسطينية المحتلة والقدس الشريف.
واعتمد مؤتمر القمة قرارا يؤكد أن "قضية فلسطين هي جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، وأن السلام العادل والشامل في المنطقة لا يمكن أن يقوم إلا على أساس انسحاب العدو الصهيوني الكامل وغير المشروط من جميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة، واستعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني بما فيها حقه في العودة وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة فوق ترابه الوطني بعاصمتها القدس الشريف وتحت قيادة منظمة التحرير الفلسطينية ممثله الشرعي والوحيد".
كما اعتمد قرارا بشأن مدينة القدس، جدّد فيه الالتزام الكامل بما جاء في برنامج العمل الإسلامي وجميع القرارات الصادرة عن لجنة القدس، بشأن تمسك الأمة الإسلامية بالحفاظ على الطابع العربي والإسلامي للمدينة المقدسة والالتزام بالعمل على تحريرها، داعيا إلى إقامة التآخي بين مدينة القدس وجميع العواصم والمدن الإسلامية، مؤكدا أن "جميع المستوطنات التي أنشأها أو سينشئها العدو الصهيوني في جميع الأراضي المحتلة بما فيها مدينة القدس الشريف باطلة وغير شرعية".
دورة القدس الشريف والوئام والوحدة
وانعقد مؤتمر القمة الإسلامي السادس، والذي حمل شعار "دورة القدس الشريف والوئام والوحدة"، في داكار بجمهورية السنغال خلال الفترة من 9 - 11 كانون الأول/ ديسمبر 1991، معلنا التزام الأمة الإسلامية بتحرير المسجد الأقصى المبارك، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، ومؤكدا أن "القدس الشريف هي جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967".
وجدد التزامه بتعزيز التضامن الإسلامي من أجل ضمان عودتها إلى السيادة الفلسطينية والحفاظ على طابعها العربي الإسلامي، لافتا إلى "بطلان كافة التدابير التي اتخذتها لضم القدس وفرض القوانين الإسرائيلية على سكانها العرب الفلسطينيين.
ودعا المؤتمر جميع دول العالم إلى الامتناع عن إقامة سفاراتها وممثلياتها في مدينة القدس تعبيرا عن اعتراضها لضم إسرائيل للمدينة المقدسة، مطالبا المجتمع الدولي بإدانة الانتهاكات المستمرة ضد المسجد الأقصى والمحكمة الشرعية الإسلامية والمقدسات الإسلامية والمسيحية الأخرى، وداعيا لتوفير الحماية الضرورية للشعب الفلسطيني والأماكن المقدسة.
القدس جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية
وانعقد مؤتمر القمة الإسلامي السابع (دورة الإخاء والانبعاث)، في الدار البيضاء بالمملكة المغربية خلال الفترة من 13 إلى 15 كانون الأول/ ديسمبر 1994، مؤكدا أن "القدس الشريف جزء لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، ينطبق عليها ما ينطبق على سائر الأراضي المحتلة، وعلى ضرورة عودتها إلى السيادة الفلسطينية، كعاصمة لدولة فلسطين".
ودعا كافة دول العالم إلى تجنب التعامل مع سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعاملا يحدو بتلك السلطات إلى اعتباره، بأية صورة من الصور، اعترافا ضمنيا بالأمر الواقع الذي فرضته بإعلانها القدس عاصمة لها، مطالبا الدول بالالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 478 (1980) الذي يدعو الدول الأعضاء إلى عدم نقل بعثاتها الدبلوماسية إلى مدينة القدس الشريف.
كما دعا إلى "مواجهة التطورات الخطيرة الناجمة عن استمرار السياسة الإسرائيلية التوسعية في القدس الشريف والتصدي لها، وتوفير الإمكانات المادية للحفاظ على المقدسات الإسلامية ودعم صمود أهلها"، مطالبا "المجتمع الدولي بشكل عام والدولتين راعيتي مؤتمر السلام بشكل خاص لحمل إسرائيل على عدم إجراء أي تغيير جغرافي أو سكاني في مدينة القدس الشريف خلال المرحلة الانتقالية من شأنه التأثير على نتائج المفاوضات الخاصة بالوضع النهائي للمدينة".
استعادة مدينة القدس والمسجد الأقصى
أما المؤتمر الثامن للقمة الإسلامي (دورة عزة وحوار ومشاركة)، والذي انعقد في طهران بإيراني خلال الفترة من 9 - 11 كانون الأول/ ديسمبر 1997، أكد عزم الدول الأعضاء وتصميمهم على استعادة مدينة القدس الشريف، والمسجد الأقصى المبارك، وكذلك استعادة الحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني، وممارسة الفلسطينيين حقهم في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم، وحصول الشعب الفلسطيني على حق تقرير المصير وممارسته وإقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة، عاصمتها القدس الشريف، وحقهم في مغادرة بلادهم والعودة إليها بحرية".
ودعا البيان الختامي إلى العمل من أجل وقف كل الإجراءات والممارسات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس الشريف والهادفة إلى تغيير الوضع الجغرافي والسكاني وانتهاك حرمة الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية فيها بهدف تهويد المدينة المقدسة، مطالبا بتضافر كافة الجهود من أجل عودة مدينة القدس الشريف إلى السيادة الفلسطينية عاصمة لدولة فلسطين، وذلك لضمان السلم والأمن الدوليين في المنطقة.
ودعا المؤتمر جميع الأجهزة المعنية إلى توسيع نطاق المساعدة المرتقبة اللازمة لمساعدة الشعب الفلسطيني على إرساء قواعد اقتصاده الوطني، ودعم مؤسساته القائمة وتمكينها من إنشاء دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، معربا عن قلقه البالغ إزاء الانعكاسات الاقتصادية الخطيرة الناجمة عن اتباع الحكومة الإسرائيلية لمسلسل جديد من السياسات الاستيطانية التوسعية على الأحوال المعيشية الصعبة للشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة في الوقت الحاضر.
انتفاضة استقلال فلسطين
وانعقدت الدورة التاسعة لمؤتمر القمة الإسلامي تحت شعار "انتفاضة الأقصى"، والتي جاءت في أعقاب اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية، في مدينة الدوحة عاصمة دولة قطر يومي 12 و13 تشرين الثاني/ نوفمبر 2000، حيث قدم القادة المسلمون العزاء للشعب الفلسطيني ولقيادته ومؤسساته في شهدائه الأبرار، مشيدين بالانتفاضة البطولية للشعب الفلسطيني للدفاع عن مدينة القدس وجميع المقدسات، ولإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتجسيد الحرية والسيادة والاستقلال للشعب الفلسطيني المناضل.
ودعا المؤتمر – في بيانه الختامي- الدول الأعضاء إلى الاستمرار في تعزيز تضامنها مع الشعب الفلسطيني وفي دعم نضاله العادل والمشروع واستخدام طاقات الأمة الإسلامية لتحقيق كامل أهدافه الوطنية، مطالبا دول العالم بالاعتراف بدولة فلسطين وعاصمتها القدس فور إعلانها على الأرض الفلسطينية وتقديم كل أشكال الدعم لها لتجسيد سيادتها على الأرض الفلسطينية، مناشدا دول العالم بدعم دولة فلسطين لنيل العضوية الكاملة في هيئة الأمم المتحدة.
ودعا مجلس الأمن إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية للمذابح التي ارتكبتها إسرائيل وأدت إلى سقوط أكثر من مئتي شهيد وما يزيد عن عشرة آلاف جريح، مطالبا بتشكيل محكمة جنائية دولية خاصة وفقا للقانون الدولي لمحاكمة مجرمي الحرب الإسرائيليين ممن تسببوا في هذه المذابح الوحشية، وداعيا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته تجاه تأمين الحماية الدولية اللازمة لأبناء الشعب الفلسطيني في القدس وبقية الأراضي الفلسطينية.
وجدّد مطالبة جميع دول العالم بالالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 478 (1980) الذي يدعو إلى عدم نقل بعثاتها الدبلوماسية إلى مدينة القدس، داعيا إلى الطعن قانونا في صحة القانون الذي أقره الكونجرس الأمريكي في هذا الشأن لكون هذا القانون يفضل طائفة دينية على غيرها مما يناقض الدستور الأمريكي القائم على المساواة بين الطوائف، مشدّدا على قطع العلاقات مع أية دولة تنقل سفارتها للقدس أو تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
تطبيق جميع القرارات الدولية
ووسط اهتمام دولي كبير، عُقدت الدورة العاشرة لمؤتمر القمة الإسلامي (دورة المعرفة والأخلاق من أجل تقدم الأمة) في مدينة بوتراجايا، ماليزيا يومي 16 و17 تشرين الأول/ أكتوبر 2003. وأكد المؤتمر ضرورة قيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وضرورة تطبيق جميع القرارات الدولية المتعلقة بقضية فلسطين وقضية الشرق الأوسط، داعيا إلى مساعدة الشعب الفلسطيني على بناء اقتصاده الوطني وتعزيز مؤسساته الوطنية، وعلى بناء دولته المستقلة وعاصمتها القدس.
إعلان دكار
وعقد ملوك ورؤساء دول وحكومات البلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي مؤتمرهم الحادي عشر في داكار، عاصمة جمهورية السنغال، في يومي 13 و14 آذار/ مارس 2008، مؤكدين مجددا أنه لضمان السلام العادل والدائم في الشرق الأوسط فمن الضروري تطبيق جميع قرارات مجلس الأمن بشأن القدس الشريف، وبشأن ممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف بتأسيس دولة مستقلة لها حدود دولية مضمونة، مشدّدين على أهمية إنشاء دولة فلسطين المستقلة، والقدس الشريف عاصمة لها، من دون أي انقطاع في وحدة أراضيها".
تحديات جديدة وفرص متنامية
وبدعوة من الرئيس المصري محمـد مرسي، عُقدت القمة الإسلامية الثانية عشرة بالقاهرة في يومي 6 و7 شباط/ فبرايـر 2013. وأكد البيان الختامي مجددا على الطابع المركزي لقضية فلسطين والقدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية جمعاء، وضرورة قيام الأمة الإسلامية بالدفاع عن الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة بكل طاقاتها وبكافة الوسائل والأساليب المشروعة.
وجدد إدانته الشديدة لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال للاعتداءات المستمرة والمتصاعدة على الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس الشريف، محذرا من تلك الاعتداءات ومن تهويد القدس من خلال طمس هويتها العربية والإسلامية والاستخفاف بمكانة مدينة القدس الشريف لدى الأمة الإسلامية، مشددا مجددا على أن القدس الشريف جزء لا يتجزأ من الأرض المحتلة عام 1967 لدولة فلسطين.
وأدان بشدة استمرار إسرائيل في بناء جدار الفصل العنصري حول مدينة القدس الشريف، وما تبعه من مصادرة الآلاف من الدونمات المملوكة للمواطنين الفلسطينيين، وتقطيع أوصال الضفة الغربية وعزل القرى الفلسطينية عن بعضها البعض.
وأكد على ضرورة ضمان ألا تحوى وثائق التفويض الإسرائيلية المقدمة للأمم المتحدة الأراضي المحتلة عام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية، مجددا دعوة للدول والهيئات والمنظمات الدولية إلى الالتزام بالقرارات الدولية حول مدينة القدس باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967، وداعيا إياها لعدم المشاركة في أية اجتماعات أو أنشطة من شأنها خدمة أهداف إسرائيل الرامية إلى إحكام قبضتها على المدينة المحتلة وضمها لها.
الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام
وكذلك، انعقدت الدورة الثالثة عشرة لقمة منظمة التعاون الإسلامي في مدينة إسطنبول التركية بمشاركة ممثلين عن أكثر من 50 دولة إسلامية، ونُظمت جلساتها على مدار يومين تحت شعار: "الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام"، وصدر بيانها الختامي يوم 15 نيسان/ أبريل 2016، داعيا لعقد مؤتمر دولي للسلام لوضع آليات لتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك القدس الشرقية، تنفيذا لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومبادرة السلام العربية.
وأكد مجددا دعمه لنضال الشعب الفلسطيني من أجل إقامة دولة فلسطين المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، حيث انعكس ذلك من خلال اعتماد الوثائق الختامية للقمة التي تتمثل في إعلان جاكرتا وقرار منظمة التعاون الإسلامي.