في زيارة هي الأولى له، يقوم قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي بزيارة إلى
سلطنة عمان، الأحد 26 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، ما دفع المحللين والمتابعين للتساؤل
عن أسباب الزيارة ودوافعها ودلالاتها.
يومان هو الوقت المقرر أن يقضيه السيسي بمسقط، يلتقي فيهما السلطان قابوس
بن سعيد، وكبار المسؤولين، فيما استبق السيسي الزيارة برسالة إلى سطان عمان، أكد فيها
توافق الرؤى بينهما حول أزمات الخليج والعالم العربي.
واستمرت علاقات النظام المصري والسلطنة على مدار 5 سنوات مضت على وتيرة
واحدة، بعكس علاقات النظام المصري بباقي دول الخليج، التي تشهد صراعا وشدا وجذبا مع
قطر، وتذبذبا، وعدم وضوح مع السعودية، وتوافقا مع الإمارات.
ومؤخرا، شهدت علاقات القاهرة ومسقط زيارات متبادلة على مستوى وزراء الخارجية،
حيث زار وزير الخارجية المصري سامح شكري السلطنة، في كانون الثاني/ يناير الماضي، فيما
التقى وزير الشؤون الخارجية بالسلطنة، يوسف بن علوى، السيسي بالقاهرة في نيسان/ أبريل
الماضي، كما شارك وفد عماني بمنتدى شباب العالم بشرم الشيخ الشهر الجاري.
وتتميز سلطنة عمان بعلاقات هادئة مع جميع فرقاء المنطقة، حيث تتشارك وإيران
بعلاقات طيبة، إلى جانب السعودية وباقي دول الخليج العربي، وكان دبلوماسيو السلطنة
الخيط الدبلوماسي الهادئ بين أطراف الأزمات العربية الإيرانية، خاصة في ملف اليمن.
البلد العربي الذي يتخذ مبدأ (الحياد الإيجابي) كمسار سياسي، ينحو بعيدا
عما يحدث في البلدان العربية من صراعات سياسية وحروب ونزاعات مسلحة، وينأى بنفسه أيضا
عن أزمات الخليج، خاصة مقاطعة السعودية والإمارات والبحرين، ومعهم مصر، لدولة قطر.
"وكيل ابن زايد وحصار قطر"
ويرى الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية، الدكتور السيد أبو
الخير، أن زيارة السيسي لعمان "تأتي في إطار تجهيز المنطقة لتنفيذ المخطط الأمريكي
الصهيوني، وأيضا في إطار محاصرة قطر، التي وعدت بها واشنطن الإمارات إن نفذت الأخيرة
الخطة الأمريكية للمنطقة".
أبو الخير، أكد لـ"عربي21"، أن زيارة السيسي تأتي لخدمة الهدف
الإماراتي بحصار قطر، حيث يقوم السيسي وكيل محمد بن زايد (ولي عهد أبوظبي) لإقناع عمان
بالاشتراك في الحصار والمؤامرة لابتلاع الإمارات لقطر".
وأشار إلى أن "أبوظبي ليست لها طريق مع عمان، بعد أن اكتشف السلطان
قابوس أن الإمارات تتجسس عليه داخل قصره عام 2011، وقام أمير الكويت، صباح الأحمد الجابر،
بتهدئة الموقف بينهما، ودفع ابن زايد 6 مليارات دولار تعويضا لقابوس، ولكن ما زالت
العلاقات متوترة بينهما".
ويعتقد الأكاديمي المصري عدم نجاح الزيارة في تحقيق تلك الأهداف، مؤكدا
أن "سياسة عمان منذ زمن طويل هي عدم الدخول أو التورط في الأزمات بين الدول الخليجية؛
حتي لا تقوم حرب مذهبية فيها، وذلك لأن فيها مذاهب دينية تتربص ببعضها البعض، ما جعل
مسقط تنأى بنفسها عما يدور في الخليج من صراع خليجي خليجي، وخليجي إيراني".
ثلاثة أهداف
وعلى الجانب الآخر، أكد الباحث المساعد لدى مركز الأهرام للدراسات السياسية
والاستراتيجية، مصطفى كمال، أن هناك 3 ملفات هامة يسعى السيسي لفك رموزها مع سلطان
عمان، وهي العلاقات بين الشقيقتين القاهرة ومسقط، والأزمة الخليجية القطرية، وملف إيران
ودول الخليج.
كمال قال لـ"عربي21"، إنه "على مستوى التعاون الثنائي
بين مصر وعمان، فإنها الزيارة الأولى على المستوى الرئاسي منذ فترة طويلة؛ لذا فهي
تكتسب أهمية خاصة، وتتزامن مع زيارة وزير الخارجية المصري لمسقط في نهاية جولته الخليجية
بست دول".
وأضاف كمال: "ولأنه لدى مسقط علاقات متوازنة وراسخة وهادئة مع دول
الخليج كلها، ومع الرباعي العربي، أو دول المقاطعة لقطر (السعودية والبحرين والإمارات
ومصر)؛ فإن الزيارة تأتي في إطار تلطيف الأجواء الخليجية الخليجية، خاصة أن مسقط لديها
علاقات متوازنة أيضا مع الدوحة، ما يزيد من فعالية دورها في إطار المصالحة الخليجية
القطرية".
وفي الملف الإيراني، أكد الباحث المصري أن "السلطنة تمتلك علاقات
متوازنة مع الطرف الإيراني، يمكن من خلالها لعب دور الوسيط مع أشقاء الخليج، وحل الخلافات
بين طهران والرياض، وتقريب وجهات النظر، والجلوس على مائدة المفاوضات"، مشيرا
إلى قول السيسي بأن "أمن الخليج من أمن مصر"، موضحا أنه "ولذا يسعى
بكل السبل مع سلطان عمان لحل الخلافات العربية الإيرانية عبر المفاوضات".
"نحس وأرز وترحيب"
وعلى خلفية الزيارة الأولى للسيسي، سخر نشطاء ومعلقون عبر صفحات مواقع
التواصل الاجتماعي، محذرين من أن يصيب السلطنة ما أصاب غيرها من الدول العربية بعد
زيارة السيسي.
وقال الإعلامي، عبدالله الماحي، عبر تويتر: "ربنا يستر على إخوانا
في عمان، هذا السيسي ما دخل مكان إلا وحدثت فيه كارثة".
وعلى الجانب الآخر، رحب عمانيون بالزيارة، عبر هاشتاغ "#عمان_ترحب_بمصر_الكنانة"،
وقال الناشط سلطان الحسني، عبر تويتر: "السياسة العمانية لا تتعامل مع الدول
حسب شخوص قادتها (كما يفعل آخرون)، وفي سياستنا تظل القاهرة هي القاهرة، سواء كان الرئيس
حسني مبارك أو محمد مرسي أو عبدالفتاح السيسي".
وعلل البعض الزيارة بأنها محاولة من السيسي لجذب بعض الأموال "الرز
العماني"، خاصة بعد تراجع الدعم المالي الخليجي، وقال ناشط باسم "Muaad":
"السيسي يبحث عن منابع جديدة للرز"، مضيفا: "العمانيون لا يبحثون عن
ولاءات مقابل تقديم رز، لا تحلم كثيرا".
وانتقد البعض موقف مصر ودول حصار قطر من تصنف الاتحاد العالمي لعلماء
المسلمين الذي يشغل فيه مفتي السلطنة، الشيخ أحمد الخليلي، منصب نائب الرئيس، بأنه
منظمة إرهابية، وقال العماني بن صالح: "على الأقل احترم الدولة اللي راح تزورها
لأول مرة".
ترشح خالد علي لرئاسة مصر.. تحريك للمياه الراكدة أم كومبارس؟
هل يخرج الإخوان من المشهد السياسي بمصر.. ما رأي الشباب؟
مصر: مؤتمر دولي للشباب وحملة مضادة للتذكير بالمعتقلين