انتقد المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا قرار المحكمة الإدارية العليا بولاية شمال راين فيستفاليا غربي البلاد، بخصوص التعليم الديني.
وقال المجلس الأعلى للمسلمين: "تلقينا بكل أسف الحكم الصادر بتاريخ التاسع من سبتمبر/ أيلول، القاضي بعدم تحقيق شروط الطائفة الدينية للإشراف على تعليم الإسلام بالمدارس العمومية في منطقة شمال الراين" .
وأضاف المجلس، في بيان اطلعت عليه "
عربي21"، أن "القرار لا يخدم الآفاق المستقبلية للتعليم الديني لأبناء المسلمين واندماجهم في المجتمع الألماني دون تمييز".
واعتبر بأنه" تم تفويت فرصة مهمة لتنظيم التعليم الديني في الولاية بعد سنة 2019 بطريقة متوافقة مع الدستور، بدل البرنامج الاستثنائي الجاري المعمول به الآن، والمتعارض مع مبدأ عدم تدخل الدولة في شؤون التأطير الديني للطوائف الدينية الذي يقرره الدستور الألماني".
وأكد المجلس أنه سيواصل جهوده في إطار تحمل مسؤوليته الدينية والاجتماعية، وصولا لمصلحة المسلمين والمجتمع بأكمله.
وأصدرت المحكمة الإدارية العليا بمدينة مونستر الألمانية قرارا غير قابل للطعن، يقضي بعدم تحقيق شروط الطائفة الدينية للإشراف على تعليم الإسلام بالمدارس العمومية في منطقة شمال الراين.
"طريقة معتلة"
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين، عبد الصمد اليزيدي، معلقا على ذلك: "نحن ننتظر القرار بشكل مكتوب، وسنقرر بناء عليه خطواتنا للرد، ونتعهد بمواصلة العمل من أجل إدراج التربية الإسلامية كحصة رسمية في
مدارس الولاية العمومية".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "هذه المؤسسات الإسلامية، ومن بينها المجلس الأعلى، يحق لها التدخل في المنهاج بحسب نص القانون الألماني، والطريقة التي تجري الآن هي طريقة معتلة"، لافتا إلى أنهم من خلال الدعوة التي قاموا برفعها هدفوا لإرجاء الأمر لما يقره الدستور، وهو ما لم يتم".
وأشار إلى أن هناك جهات علمية ألمانية قدمت دراسات تحتوي على تصريحات إيجابية فيما يخص المجلس الأعلى للمسلمين حول مطابقته للشروط القانونية للاعتراف به مشرفا للتربية الدينية، ورغم ذلك لم تنشر الدراسات لأسباب مجهولة، مطالبين بفتح الملفات ونشرها للعموم؛ لكي تظهر الحقيقة.
وحول ما قالت وسائل إعلام ألمانية إنه فشل للمجلس الأعلى ومجلس "إسلام رات" في انتزاع اعتراف المحكمة الإدارية العليا في الولاية بأنها جهة رسمية تمثل المسلمين، أوضح عبد الصمد أن "القضية لم تكن مثارة لديهم بهذا الشكل، ليتم إصدار هذا الاعتراف أو عدمه"، معتبرا أن "هذا الأمر ليس من اختصاصها، بل هو من حق المسلمين في البلاد لأن يختاروا من يمثلهم وينوب عنهم".
خلاف قديم جديد
ويأتي هذا القرار بعد اللجوء للمحاكم من قبل المجلسين الإسلاميين، عقب خلاف مع حكومة الولاية الألمانية استمر لعقدين متتاليين.
وبدأ الخلاف حين طالب المجلسان بإدراج مادة التربية الإسلامية كحصة رسمية في مدارس الولاية العمومية، التي يبلغ عددها 230 مدرسة.
وطالب اليزيدي حكومة الولاية بالعدول عن القرار؛ لأنه قرار "مجحف" بحق الجالية المسلمة، مقارنة بنظرائهم من ديانات أخرى، مستدلا بالطوائف الأخرى التي يسمح لها بالإشراف على مساقات دينية، مثل الكنيسة الكاثوليكية والطائفة اليهودية، وحتى العلوية.
وكانت المحكمة الإدارية في دوسلدورف، عاصمة الولاية، أصدرت عام 2001 حكما مماثلا يرفض إدراج حصص رسمية للديانة الإسلامية في المدارس العمومية قبل عامين، وتواصل الاعتراض القانوني في
القضاء، وصولا للمحكمة العليا.
وبررت المحكمة أسباب القرار لغياب الشروط الملزمة لإدراج مادة التربية الإسلامية، "نظرا لأن المجلسين المعنيين لا يمثلان بالضرورة طائفة دينية، وإنما هما مجلسان يضمان بعض الجمعيات الممثلة محليا".
وورد في قرار المحكمة: "إن النظام الداخلي للمجلسين لا يضمن الشرعية اللازمة لهما للسماح بإدراج نظام تعليمي ملزم بالنسبة للجمعيات المنضوية تحت لوائهما، أو حتى بالنسبة للجمعيات الإسلامية الأخرى"، كما اعتبرت أن المجلس الأعلى للمسلمين ليست جهة مستقلة، "وبناء عليه، تم اعتبارهما غير ممثلين رسميا للمسلمين في ألمانيا ".
وأوضح الأمين العام للمجلس الأعلى للمسلمين، في حديث لـ"عربي21"، أن "الدولة لا تساوي بين حقوق المسلمين وغيرهم، ولا تعترف بالدين الإسلامي رسميا. وبناء علي ذلك، لا يمكن أن تكون هذه الأسباب مقنعة للرفض".
لا دعم تركيًّا
الجدير بالذكر أنه تم عام 2012 بالفعل إدراج مثل هذه الحصص في مدراس الولاية، وأوكلت تحديد مهمة مضامين البرنامج التعليمي إلى مجلس خاص، يتولى مهام استشارية دعما لعمل وزارة التربية بالولاية، ويضم هذا المجلس عددا من الممثلين عن الجمعيات الإسلامية، إضافة إلى متخصصين، ولكن صلاحية عمله لعام 2019.
وأكد اليزيدي أن المجلس الأعلى للمسلمين لا يتلقى أي دعم من أي جهة كانت، سواء تركيا أو أي غيرها.
وكان بعض الساسة الألمان قد حذروا من خطوة الاعتراف بالمجلسين المذكورين كجهة ممثلة للطائفة المسلمة، واعتبروا أن هذه الخطوة "ستضمن تأثير دول خارجية لسنوات أخرى"، في إشارة لاتهامات موجهة لمجلس "الإسلام رات" بتلقي دعم تركي، فيما أيد ساسة آخرون مطالب الاعتراف.