قالت صحيفة "تسايت" الألمانية، إن رئيس الانقلاب
المصري عبد الفتاح
السيسي، زار الولايات المتحدة الأمريكية والتقى بالرئيس دونالد
ترامب، بهدف إضفاء الشرعية على نظامه القمعي وكسب تأييد ترامب.
وأشارت إلى أن معظم رؤساء العالم الذين زاروا السيسي على غرار المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، لم يجدوا الطريقة المثلى للتعامل مع "رئيس" وصل للحكم عن طريق الانقلاب العسكري ويحكم بلاده بالحديد والنار.
وأوضحت الصحيفة أن السيسي يؤمن بأن ترامب سيدعمه في سياسته القمعية، حيث سيكون بمثابة مظلة يختفي وراءها حتى يحقق كل مآربه، مشيرة إلى أن أغلب زعماء العالم أعربوا، في العديد من المناسبات، عن استنكارهم لانتهاكات حقوق الإنسان التي يرتكبها النظام المصري في حق كل معارضيه.
وأشارت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض أعلن في وقت سابق عن برنامج هذه الزيارة، التي تتمحور بالأساس حول تباحث الرئيسين الأمريكي والمصري بشأن المسائل الأمنية فضلا عن المساعدات العسكرية والاقتصادية. ومن المقرر أن يتبادل الطرفان وجهات النظر حول قضايا حقوق الإنسان، وذلك بشكل سري. وفي الأثناء، أظهر ترامب دعمه التام لمساعي السيسي لمكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى مسار الإصلاحات الاقتصادية التي اعتمدها.
وأضافت الصحيفة أن السيسي يواجه، في الوقت الراهن، مأزقا فعليا، إذ أنه مطالب بامتصاص غضب الشعب المصري، الذي ثار ضد الأوضاع المزرية التي يعيشها على غرار الفقر والجوع والبطالة. وفي هذا السياق، يأمل السيسي في أن يكسب دعم الرئيس الأمريكي، وذلك بهدف الحد من عمق الأزمة التي تشهدها البلاد على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.
وأوردت ااصحيفة أن هذه الزيارة تعكس بداية عهد جديد للعلاقات المصرية الأمريكية، إذ كان الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما، يتعامل مع السيسي بشيء من التحفظ، فلم يوجه له دعوة رسمية لزيارة البلاد. كما أعلن أوباما عن وقف المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر لمدة سنتين على خلفية الممارسات الوحشية التي طالت جماعة الإخوان المسلمين.
وأوضحت الصحيفة أن للسيسي وترامب صفات مشتركة، منها "نرجسيتهما واعتمادهما لسياسة ترتكز بالأساس على مبدأ التفريق بين أبناء الشعب الواحد، وافتقارهما لأبجديات العمل السياسي، فضلا عن أنهما يكنان العداء لوسائل الإعلام، وذلك بغية إخفاء نقاط الضعف في شخصيتهما.
ووصفت الصحيفة السيسي بالديكتاتور العربي الوحيد الذي يتوافق مع رؤية ترامب. فقد ساند ترامب في سياسته القمعية، منذ انقلابه على الرئيس المصري السابق، محمد مرسي، في سنة 2013، التي كرسها في جل ممارساته بتعلة مكافحة الإرهاب، ثم حكمه لمصر بالحديد والنار، فسجن كل معارضيه كما قام بفض معظم الاحتجاجات الشعبية بشكل دموي، علاوة على منع المنظمات الحقوقية من النشاط داخل البلاد.
وأشارت الصحيفة إلى عبارات الإطراء والإعجاب التي تبادلها السيسي مع ترامب، إذ اعتبر ترامب السيسي، "رجلا رائعا تمكن بالفعل من إحكام سيطرته على مصر"، في حين أشاد الرئيس المصري بحكمة وذكاء نظيره الأمريكي. وفي السياق ذاته، كان الرئيس المصري أول الرؤساء الذين هنأوا ترامب بفوزه في الانتخابات الأخيرة. وقد صرح السيسي، آنذاك، أن "ترامب سيكون زعيما قويا".
وبينت الصحيفة أن قائد الانقلاب يسعى إلى إقناع الإدارة الأمريكية الجديدة بضرورة تصنيف جماعة الإخوان المسلمين "منظمة إرهابية"، والجدير بالذكر أنه في حال أصدر البيت الأبيض قرارا مماثلا، سيعمد السيسي إلى مواصلة سياسته القمعية تجاه أنصار الجماعة في ظل حماية الرئيس الأمريكي.
وأكدت الصحيفة أن موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على تصنيف الإخوان "منظمة إرهابية"، من شأنه أن يضفي شرعية على ممارسات النظام المصري القمعية ضد كل معارضيه، من جانب آخر، ستعيد هذه الخطوة الخطيرة إلى الأذهان العهد البائد للرؤساء العرب المستبدين، على غرار مبارك وبن علي والقذافي الذين حظوا بدعم من قبل الدول الغربية.
وبحسب الصحيفة فإن الشباب المصري قد أعرب عن مخاوفه من أن يكون التحالف المرتقب بين السيسي وترامب بمثابة غطاء يختفي وراءه النظام المصري ليواصل انتهاك حقوق الإنسان برعاية الولايات المتحدة الأمريكية. ومن هذا المنطلق، قد يكون مثل هذا التقارب المصري الأمريكي بمثابة آخر مسمار يدق في نعش المسار الديمقراطي في البلاد.
واعتبرت الصحيفة الألمانية أن زيارة السيسي تعكس تطبيع الولايات المتحدة الأمريكية لعلاقاتها مع الأنظمة الديكتاتورية في منطقة الشرق الأوسط، ورجحت أن تتواصل معاناة الشعب المصري، الذي يعيش تحت رحمة نظام مستبد، إلى أجل غير مسمى.