نشرت صحيفة "المانيفستو" الإيطالية تقريرا، تحدثت فيه عن تواصل القمع الذي يمارسه "ثلاثي السلطة" في
مصر: عبد الفتاح السيسي والداخلية والجيش، ضد الشعب المصري، فضلا عن تطورات جديدة في قضية مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني، بعد فضح "التمثيلية" التي نظمتها المخابرات لتضليل الجانب الإيطالي.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن عزة سليمان، دفعت مبلغا يقدر بـ1100 يورو للخروج من السجن، بعد أن تم اعتقال هذه الناشطة النسوية المصرية ومؤسسة مركز الدعم القانوني للنساء المصريات، خلال الأسبوع الماضي، ضمن حملة شرسة تتعرض لها عشرات المنظمات المصرية، بتهمة تلقي تمويلات أجنبية.
واعتبرت الصحيفة أن هذه الحادثة، رغم إخلاء سبيل عزة سليمان، تأتي في سياق حملة منظمة وممنهجة يقوم بها "الثلاثي الحاكم" في مصر، بالاعتماد على أجهزة المخابرات السرية. ويعتبر هذا الثلاثي أيضا، محل اهتمام المحققين الإيطاليين في عملية تحقيقهم في قضية مقتل الطالب الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة في كانون الثاني/ يناير الماضي.
وأشارت الصحيفة إلى أن المحققين الإيطاليين في روما يواجهون صعوبات كبيرة في حل لغز هذه القضية، بسبب كثرة العراقيل والتمويهات والمغالطات، ونقص التعاون من الجانب المصري على عدة مستويات. في المقابل، عرفت الأيام القليلة الأخيرة انفراجا بسيطا في هذه القضية.
فخلال لقاء امتد ليومين في العاصمة روما، حضره المدعي العام المصري نبيل صادق، تم الكشف عن معلومتين جديدتين، تتعلق الأولى بتسريح عناصر الشرطة الذين أعلنوا في 24 آذار/ مارس الماضي، عن مقتل خمسة مصريين متهمين بالضلوع في مقتل جوليو ريجيني. أما المعلومة الأخرى، فهي متعلقة بمحمد عبد الله، نقيب الباعة المتجولين بمصر، الذي ارتبط اسمه بهذه القضية خلال الأشهر الماضية، بعد أن ذكرت الشرطة أنه تقدم ببلاغ ضد جوليو ريجيني، فيما نفى هو قيامه بذلك.
كما تم خلال هذا اللقاء الكشف عن هويات المخبرين التابعين لوزارة
الداخلية، الذين كانوا يراقبون جوليو ريجيني حتى يوم 22 كانون الثاني/ يناير الماضي، وليس إلى يوم 10 من ذلك الشهر كما ذُكر سابقا.
واعتبرت الصحيفة أن الخبر الأكثر أهمية من بين الأخبار التي تم الكشف عنها، يتمثل في فتح تحقيق جديد في مصر، واستجواب ضابطي شرطة قاما في أواخر شهر آذار/ مارس الماضي بقتل خمسة مصريين بالرصاص، ثم تنظيم مسرحية للإيهام بأنهم شكلوا عصابة مختصة في السطو على الأجانب، حيث تم وضع وثائق تابعة لجوليو ريجيني في منزل أحدهم للإيهام بتورطهم في القضية.
وقالت الصحيفة إن هذه "المسرحية"، التي ذهب ضحيتها خمسة أبرياء تمت التضحية بهم من قبل الأجهزة الأمنية المصرية؛ من أجل تضليل
إيطاليا وإسكات الأصوات المطالبة بكشف الحقيقة.
وذكرت الصحيفة أن ما حصل يعد أمرا غير مفاجئ، حيث إن هؤلاء المحققين ذاتهم، كانوا قد أقروا ببراءة الضحايا الخمس الذين تم قتلهم بالرصاص، وبذلك تستمر هذه الممارسات التي طالما اشتهرت بها الشرطة والجيش والمخابرات في مصر، وإفلات المجرمين من العقاب.
وقد برزت الآن مخاوف جديدة لدى الجانب الإيطالي، حول فرضية أن يكون الشرطيان اللذان يتم التحقيق معهما الآن؛ هما بدورهما كبشا فداء جديدان ستقدمهما السلطة لتضليل الجانب الإيطالي مرة أخرى، خاصة أن جريمة بهذا الحجم لا يمكن أن يقوم بها ضابطا شرطة بهذه البساطة، بل هي على الأغلب، مخطط معقد تورطت فيه القيادات العليا في أعلى هرم السلطة في مصر، كما تقول الصحيفة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإيطاليين لا يزالون إلى حد الآن منهمكين في ترجمة الوثائق التي تم تقديمها من قبل المدعي العام نبيل صادق، كما أن هناك تسجيلات هاتفية يتم العمل عليها، تعود لضباط من المخابرات المصرية على علاقة بمحمد عبد الله، بالإضافة إلى تسجيل آخر يكشف عن آخر مكالمة أجراها عناصر المخابرات المصرية، من هاتف تابع لمركز اتصال تابع لهم في مدينة نصر في 22 كانون الثاني/ يناير.
وقالت الصحيفة إن التحقيق سيتطلب المزيد من الوقت والجهد، وسيستوجب عقد المزيد من اللقاءات، خاصة أن مصر لم تسلم إلى حد الآن صور الكاميرات المطلوبة.
ولكن على الرغم من ذلك، فإن المحققين الإيطاليين يأملون في التوصل إلى بعض الأدلة التي ستقودهم للحقيقة، من خلال معرفة الأطراف السياسية. وسيتطلب ذلك تجاوز كل الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية المصرية لطمس آثار الجريمة، من أجل التوصل للأطراف السياسية التي أمرت بارتكاب هذه العملية.
وأكدت الصحيفة ضرورة معرفة من الذي أمر بمواصلة التحقيق ومراقبة جوليو ريجيني إلى حدود يوم 22 كانون الثاني/ يناير، ومن الذي يمتلك وثائق تلك البحوث الأمنية التي تم إجراؤها حول هذا الطالب الإيطالي، ومن المسؤول عن وضعها في منزل طارق سعد عبد الفتاح قبل وقت قصير من إطلاق الرصاص عليه في سيارة "ميكروباص" بصحبة أربعة من أقاربه.
واعتبرت الصحيفة أن كل هذه الفوضى والتعقيدات تعكس صورة مصر في عهد السيسي، حيث أصبح حال هذا البلد خليطا من القمع، والإفلات من العقاب، والعنف، والأزمات الاقتصادية.