هل وصلت
مصر إلى نقطة الانهيار؟ وهل هناك إمكانية لظهور ربيع عربي جديد؟
يجيب مراسل صحيفة "كريستيان ساينس مونيتور" تيلور لاك قائلا إن الاحتمال ضعيف، لكن حالة الإحباط، التي يشعر بها المصريون تجاه رئيسهم عبد الفتاح
السيسي متزايدة؛ بسبب القمع الشديد، والاقتصاد المتهالك، فقد عوّم السيسي العملة، بناء على ضغوط من صندوق النقد الدولي.
ويقول الكاتب إن "سائق التوك توك، الذي يعد من أدنى طبقات المجتمع المصري، أصبح مشهورا أكثر من الرئيس نفسه، حيث إن هناك نقصا في المواد الغذائية، والجنيه ينهار، وتوقفت المصانع، والتف مئات الآلاف حول سائق عربة (ريكشو)، وهي آلية بثلاث عجلات، ليقول الحقيقة، التي لم يتجرأ إلا قلة من الساسة التحدث عنها، ولم يوفر نقده للفريق/ المارشال، الذي كان محبوبا مرة، وهو عبد الفتاح السيسي، وقال السائق مصطفى عبد العظيم: (قبل انتخاب الرئيس كان هناك سكر كاف، وكنا نصدر الأرز، ماذا حدث؟)، وذلك في مقابلة مع قناة (الحياة) التلفزيونية في منتصف تشرين الأول/ أكتوبر، وأصبحت المقابلة مشهورة بشكل لا يصدق، وشاهدها الملايين في أقل من 24 ساعة، وقال السائق إن الطبقة الراقية أنفقت 25 مليون جنيه على الاحتفالات، فيما لم يجد الفقراء كيلو أرز".
ويضيف لاك أن "الكثير من المصريين في أحاديثهم أكثر نقدا للنظام، حيث وعد السيسي بإصلاح
الاقتصاد، وإنهاء الفساد، وأنفق بسخاء، فيما يجوع الناس، وهو حاكم فاسد آخر".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "الكثير من المواد الأساسية، مثل السكر، اختفت من رفوف المحلات، وتواجه البلد أسوأ أزمة نقص في المواد الغذائية، ويلوم المصريون كلهم تقريبا السيسي، نتيجة حصول هذه الأزمة، في بلد يعد نقد الرجل القوي فيه نادرا، وتتم المعاقبة عليه".
وتجد الصحيفة أن "هذا تحول دراماتيكي من الدعم الشعبي المتدفق له، حيث رحب به الرأي العام بعد الإجهاد الذي أصاب الناس من الاضطرابات وعدم الاستقرار السياسي، بصفته قوة قادرة على إحلال الأمن، عندما وصل إلى السلطة عام 2013، فقد أصبح الرجل القوي، الذي غنى له الناس كونه رمزا للازدهار".
ويستدرك الكاتب بأن "الازدهار لم يحدث أبدا، فالواقع الاقتصادي الصعب أجبر الحكومة على تبني سياسات تقشف، بالإضافة إلى زيادة القمع، ويعاني الكثير من المصريين من حالة ندم، ويعانون من نظام ديكتاتوري، يقولون إنه منفصل عن معاناة طبقات المجتمع المصري كلها".
ويقول لاك: "لا يعرف إن كان الغضب ضد السيسي سيترجم إلى حركة احتجاج عامة، وإن كان النظام سيضاعف من جهوده لقمع شارع مضطرب، لكن هناك شعورا بأن يوم الحساب يقترب".
ويلفت التقرير إلى أن "الاقتصاد المصري تواجهه ضغوط حقيقة متزايدة، فانخفاض قيمة الجنيه المصري أدى إلى زيادة التضخم بنسبة 14% هذا العام، وأدى غياب الاستثمار الأجنبي بالمصريين إلى الاعتماد على سعر الجنيه في السوق السوداء، حيث يصل إلى 18 جنيها مقابل الدولار الواحد، وهو ضعف السعر الرسمي 8.8 جنيه للدولار".
وتذكر الصحيفة أنه في الوقت ذاته وصلت نسبة البطالة إلى12.7% ، وهي أعلى من النسبة التي سجلت قبل الإطاحة بنظام حسني مبارك في عام 2011، كما أن نسبة البطالة بين الشباب في مستوياتها العالية، وتصل بحسب تقديرات مختلفة إلى 30%.
ويبين الكاتب أن "التراجع الاقتصادي يعكس أزمة السياحة، التي تعاني من تراجع السياح الأجانب، لكن عقودا من سوء الإدارة في عهد مبارك لم تساعد، حيث تعاني البلاد من عجز بقيمة 30.7 مليار دولار، أي 9.8% من الدخل القومي المصري العامة، وبالمقارنة فإن 587 مليار هي قيمةالعجز في الميزانية الأمريكية عام 2016، أي بنسبة 3.2% من الدخل القومي العام، ولم تنجح حلول السيسي التي اقترحها".
ويبين لاك أن "السيسي ركز جهده على مشاريع كبيرة بقيمة مليارات الدولارات، التي تعبر عن الغرور، بما في ذلك عاصمة جديدة في قلب الصحراء، ولم يعزز توسيع قناة السويس، الذي كلف ثمانية مليارات دولار، النمو، إلا بنسبة 4%، وتتوقع القاهرة نموا بنسبة 100% بحلول عام 2023".
وينقل التقرير عن العضو السابق في البرلمان، والأستاذ في الجامعة الأمريكية في القاهرة، عمرو حمزاوي، قوله إن "الرسالة من الحكومة، خلال الثلاث سنوات الماضية، هي: لدينا مشاريع والأيام العظيمة قادمة"، ويعلق قائلا: "هذا لا يكفي، والآن يشعر الناس بالضغط، هم غاضبون؛ لأنهم يريدون تحسنا سريعا في ظروف الحياة، وما حصلوا عليه هو تخفيضات، ورسالة تدعوهم إلى شد الأحزمة وإنقاذ البلد".
وتنوه الصحيفة إلى أن الدولة دعت السكان إلى التبرع بـ"الفكة"، ودعا السيسي الناس إلى "شد الأحزمة"، في الوقت الذي أنفقت فيه الحكومة ببذخ على مؤتمر في شرم الشيخ، خمسة ملايين دولار.
ويقول الكاتب إن "المزاج في مصر ليس ثوريا، لكنه يائس، ولا يتم تشبيهه بعام 2011 لكن بعام 1977، والمقارنة صحيحة نوعا ما، ففي عام 1977 كانت مصر مثل اليوم، تبحث عن مساعدات من صندوق النقد الدولي؛ لتقوية اقتصادها، وكما في عام 1977، فإن القرض لن يأتي دون شروط، وأحدها هو قطع الدعم عن المواد الأساسية، وتقليل النفقات العامة، وعندما قامت الحكومة بقطع الدعم عن الطحين في عام 1977، اندلعت التظاهرات وهزت البلاد، وأدت إلى مقتل 79 شخصا، ولم يعد الهدوء إلا عندما قرر انور السادات إلغاء القرار".
ويضيف لاك: "اليوم تقوم القاهرة باتخاذ الخطوات لتطبيق شروط صندوق النقد الدولي، ورفعت في آب/ أغسطس سعر فاتورة الكهرباء، ما بين 25% - 40%، ويتوقع أن تفرض نسبة 13% على ضريبة القيمة المضافة، ومن المتوقع أن تقوم الحكومة بقطع الدعم عن الوقود، ومراجعة الدعم على الطحين، لكن أهم ما في مطالب صندوق النقد الدولي هي مطالبه بتعويم الجنيه المصري، الذي قامت به الحكومة يوم الخميس، بشكل أضعف الجنيه، وهو تحرك قد يؤدي إلى تراجع في التبادل المالي".
وبحسب التقرير، فإنه من المتوقع أن يؤثر قطع الدعم، وتخفيض قيمة العملة، في مستويات المجتمع المصري كلها، حيث توقفت مئات من المصانع والأعمال، التي تصنع الشراب والأثاث، عن الإنتاج في أنحاء البلاد كلها.
وتورد الصحيفة نقلا عن إريك تريغر من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، قوله: "من الصعب التكهن بنقطة الانهيار المصرية، فالشهية للاحتجاج تبدو ضعيفة، والدعوة إلى
ثورة الغلابة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر أدت إلى قيام الشرطة باعتقال 8 للاشتباه بضلوعهم في الدعوة، ولا يزال آلاف الناشطين خلف الأسوار، تحذيرا للمواطنين الراغبين بالتعبئة".
وتختم "كريستيان ساينس مونيتور" تقريرها بالإشارة إلى أن الخبير أتش إي هيلير لا يستبعد حدوث شغب بسبب الضغوط الاقتصادية، ويستدرك قائلا: "لا أرى أي إشارات تدل على احتمالية حدوث احتجاجات".