تناولت صحيفة
إسرائيلية في عددها الخميس، طبيعة العلاقات العربية الإسرائيلية، التي قالت إنها "تتعزز" لتكون "بداية
التطبيع، ونشوء شرق أوسط جديد"، مشيرة إلى مجموعة من الزيارات واللقاءات المتبادلة السرية منها والعلنية.
وأوردت صحيفة "معاريف"، تحت عنوان "يوجد ائتلاف"، أن العلاقات بين إسرائيل والدول العربية السنية "تتعزز بهدوء، رغم أنف إيران وحزب الله".
وأوضحت ذلك بالقول: "صحيح أن العلاقات تتحرك بين الأمل وخيبة الأمل، وأن القادة العرب والإسرائيليين يقومون بتقديم الورد والشوك لبعضهم البعض، لكن شخصيات إسرائيلية رفيعة المستوى تتجول في العالم العربي بتكرار غير مسبوق".
وأكدت كاتبة المقال، ساره ليفوفيتش دار، في البداية اللقاءات السرية التي كشف عنها في وقت سابق بين إسرائيليين ومسؤولين عرب، موضحة أنه "على مدى ثلاث سنوات التقى سرا ثلاثة إسرائيليين مع ثلاثة سعوديين".
ونقلت عن موقع وكالة الأنباء "بلونبرغ"، أن هذه اللقاءات تمت في روما وتشيكوسلوفاكيا والهند. وقالت إن "المسؤولين الستة ناقشوا بانفتاح التحديات المشتركة للجانبين، وعن إيران عدوا مشتركا. وعن الاستقرار الإقليمي".
وبيّنت أنه كان على رأس الإسرائيليين الثلاثة، دوري غولد، الذي كان في حينه باحثا في المركز المقدسي للسياسات. وعلى رأس السعوديين الثلاثة كان الدكتور أنور عشقي، المقرب من العائلة المالكة، وسفير
السعودية في الولايات المتحدة سابقا.
وأوضحت أن السعوديين والإسرائيليين كانوا "منفعلين"، ونقلت عن أحد الإسرائيليين الذي كان مشاركا في النقاشات قوله: "فجأة، أنت ترى سعوديين مثقفين جدا، وضالعين بالوضع العالمي، هم أشخاص يوجد ما نتحدث عنه معهم. وقد انفعلوا لرؤية إسرائيليين يتحدثون بالروحية ذاتها، ومع نظرة مشابهة. فجأة تفهم أن اتفاق سلام مع السعودية ليس شيئا بعيدا".
بهذه الكلمات يتفاءل الإسرائيليون بتوقيع "اتفاقية سلام" مع السعوديين، وشددوا على أنه "يجب توفر الظروف المناسبة، وهذا سيحدث. هذا لن يحدث غدا، لكنه ليس وراء جبال الظلام. عندما خرجنا من اللقاءات قلنا لأنفسنا إنه يوجد هنا شرق أوسط مع الكثير من الأمل لمستقبل أفضل".
وقالت إنه "في حزيران 2015، أصبحت اللقاءات علنية، حينما صافح غولد السعودي عشقي خلال لقاء في معهد أبحاث واشنطن".
الجدير بالذكر، أن عشقي نفى عقد لقاءات أو إجراء أي اتصالات مع مسؤولين إسرائيليين لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسرائيل.
إسرائيل والعلاقة مع الأردن ومصر
وأشارت الكاتبة الإسرائيلية إلى أنه "لا يمكن تجاهل المصالح المتشابهة التي تطورت مؤخرا بين إسرائيل والأردن، ومصر، والسعودية، ودول خليجية أخرى، التي تسمى الائتلاف السني".
ودللت على ذلك بـ"الاستطلاع الذي تم قبل بضعة أشهر في السعودية، وتبين أن معظم السعوديين قلقون من إيران أكثر من إسرائيل".
ولفتت إلى زيارة إسحق مولخو، مبعوث رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، التي قام بها مؤخرا إلى القاهرة، بالإضافة إلى زيارات أخرى متكررة.
وأشارت كذلك إلى أن مدير عام وزارة الخارجية، غولد، افتتح مجددا السفارة الإسرائيلية في القاهرة، قبل بضعة أشهر.
بالإضافة إلى هذا كله، فإن عبد الفتاح السيسي التقى وفدا من قادة يهود على رأسهم مالكولم هونلاين، المقرب من نتنياهو، وقال إنه يتحدث مع نتنياهو باستمرار.
ودللت على العلاقات الجيدة مع
مصر، بأن مصر أبلغت إسرائيل مسبقا بأنها تريد تسليم جزر تيران وصنافير للسعودية.
وبحسب الكاتبة الإسرائيلية، فإن أفيغدور ليبرمان كشف مؤخرا أن مصر تساعد إسرائيل في الحوار مع حماس.
وبحسب موقع "ميدل إيست آي"، فإن رئيس الموساد التقى الملك الأردني عبد الله الثاني بن الحسين، وبحسب الموقع ذاته، فقد اتصل رئيس الأركان غادي آيزنكوت مع ملك الأردن، وتحدث معه حول تدخل روسيا في سوريا.
وشارك غولد قبل نصف سنة في لقاء عقد في الأردن. وقال نائب رئيس الأركان، يئير غولان، إن الأذرع الأمنية تنقل معلومات لمصر والأردن؛ من أجل المساعدة في الحرب ضد داعش.
وبيّنت الكاتبة الإسرائيلية أن التفاهمات حول الحرم المقدسي "تبلورت مؤخرا بين إسرائيل والأردن".
وبناء على ما سبق، ذهب البروفيسور يورام ميتال من جامعة بن غوريون الإسرائيلية إلى القول: "إذا استمر هذا التوجه، ستنشأ خارطة جيوسياسية جديدة في الشرق الأوسط"، بحسب ما نقلته عنه الكاتبة الإسرائيلية.
علاقات أمنية مع السعودية
ولفتت ليفوفتش دار إلى أن شخصيات رفيعة في جهاز الأمن، منها رئيس الموساد، زارت السعودية. وبحسب مواقع إنترنت أمريكية استندت إلى مصادر عربية، فإن يئير لبيد التقى في نيويورك الأمير السعودي تركي الفيصل، الذي كان في السابق رئيس الاستخبارات السعودية، وسفيرها في الولايات المتحدة.
والتقى أيضا وزير الدفاع موشيه يعلون بالفيصل في مؤتمر الأمن في ميونيخ. رغم أن الأخير قال مؤخرا إن العرب رفضوا في السابق محاولات المصالحة، واليوم الإسرائيليون هم الذين يرفضون السلام.
وأشارت الكاتبة الإسرائيلية أيضا إلى أنه في بداية السنة التقى وزير البنى التحتية يوفال شتاينيتس في أبو ظبي شخصيات رفيعة من الإمارات.
وزار غولد أيضا الإمارات قبل بضعة أشهر، وافتتح هناك الممثلية الدبلوماسية الإسرائيلية. وبحسب مصادر أجنبية، هناك رحلة طيران مرتين في الأسبوع بين أبو ظبي وإسرائيل.
نصر الله و"الشرق الأوسط الجديد"
وقالت ليفوفتش دار إن زعيم حزب الله، حسن نصر الله، انتبه للشرق الأوسط الجديد، الذي يتشكل أمام عينيه، ويرى أن هذا يشكل "خطرا مركزيا بالنسبة لحزب الله".
وتخوّف من "تحسين العلاقة بين إسرائيل والدول السنية". وترى الكاتبة أن تخوفه مبرر، فحزب الله وإيران، هما "الأعداء المشتركون".
فدول الخليج أعلنت مؤخرا حزب الله "منظمة إرهابية". ويتوقع أن تطلب هذه الدول من مؤتمر الدول الإسلامية الاعتراف بهذا الإعلان.
إلى جانب هذا، جاء تصريح وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، الذي قال فيه إن إيران تهدد دول الخليج والاستقرار في الشرق الأوسط أكثر من إسرائيل.
ونقلت أيضا عن يوئيل جوجانسكي من معهد بحوث الأمن القومي قوله إن "الخوف من إيران، وعدم التلهف من سياسة الولايات المتحدة في كل ما يتصل بهذا الموضوع، يؤديان إلى التعاون بين إسرائيل ودول الخليج".
وأضاف: "بالتأكيد، هناك سبب للتفاؤل. توجد هنا نقاط ضوء. هذه هي العملية المتدرجة المستمرة منذ سنوات. وقد لوحظ تحسن مؤخرا في العلاقات، الأمر الذي وجد تعبيره في الاتفاق على الإعلان عن العلاقات مع إسرائيل. إذا كان مسؤولون سعوديون في السابق لا يستطيعون الظهور مع إسرائيليين، فقد تم اللقاء بين عشقي وغولد قبل بضعة أشهر بشكل علني".
وبحسب الكاتبة الإسرائيلية، فإن "التحسن في العلاقات يتم من وراء الكواليس، وهذا أفضل"، مضيفة: "في لحظة خروج هذه العلاقات من الخزانة، وعلى ضوء مميزات الشرق الأوسط، فإنها لن تبقى من وراء الكواليس".
التجارة مع دول عربية تحت غطاء سري
وفي استعراضها لتطبيع العلاقات السرية، قالت: "تحت غطاء سري، التجارة مع بعض الدول السنية لا سيما دول الخليج، في حالة ازدهار. من المؤسف أن دولا عربية لم تصل إلى مستوى الشجاعة المطلوب من أجل تحويل العلاقة الاقتصادية إلى شيء رسمي. الرئيس المصري أنور السادات كان قائدا شجاعا، أما الباقون فهم يخافون".
ولكنها قالت: "سواء كانوا يخافون أم لا، فإن العلاقات التجارية في ازدياد؛ إذ إن الحاجة والواقع يتغلبان على السياسة"، بحسب ما قاله ملفل.
وأضافت أن الإسرائيليين الذين يعملون مباشرة مع دول الخليج لا يصرحون بشكل علني عن هويتهم.
وختمت في القول: "من اللافت رؤية كيف أن إسرائيل تبتعد عن الولايات المتحدة، وتقترب من الدول في الشرق الأوسط، في الوقت الذي يقوم فيه الفلسطينيون بفعل العكس".