نشرت صحيفة "الموندو" الإسبانية تقريرا تحدثت فيه عن الجدل الذي أثير مؤخرا إثر تنازل
مصر عن جزر إستراتيجية في البحر الأحمر لصالح المملكة العربية السعودية، وهو ما أجج الانتقادات والاحتجاجات في بلاد الفراعنة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن آلاف الأشخاص يتهمون رئيس الانقلاب،
عبد الفتاح السيسي، بتسليم جزر تيران وصنافير، التي تقع عند مصب خليج العقبة إلى المملكة العربية السعودية، مقابل مساعدات هدفها النهوض بالاقتصاد. وقد ردد المتظاهرون خلال الاحتجاجات الأخيرة، الشعارات نفسها التي أطاحت بالرئيس المخلوع حسني مبارك سنة 2011.
كما تظاهر آلاف المصريين يوم الجمعة في كل من مدينتي القاهرة والإسكندرية مرددين شعارات من قبيل "يسقط حكم العسكر" أو "خبز وحرية والجزر المصرية".
وأشارت الصحيفة إلى أنه كالمعتاد، قوبلت الاحتجاجات بالقمع على يد الجهاز الأمني، عبر استعمال الغاز المسيل للدموع، فضلا عن الاعتقالات المكثفة. وتعتبر هذه المظاهرات إحدى أضخم الاحتجاجات التي عرفتها البلاد منذ تولي عبد الفتاح السيسي للحكم.
ونقلت الصحيفة قول المعارض المعروف خالد داود، الذي صرح أن "السبب الرئيسي للاحتجاجات يعود إلى تفريط نظام السيسي في
الجزيرتين، لكن هذا لا يمنع أن المتظاهرين عبروا أيضا عن استيائهم وعدم رضاهم عن الوضع السياسي والطريقة التي يدير بها السيسي البلاد".
وذكرت الصحيفة أن المتظاهرين طالبوا باستقالة رئيس الانقلاب، منددين بالمهانة التي لحقتهم على خلفية توقيع السيسي على قرار تسليم الجزيرتين للمملكة العربية السعودية، كما أدان المتظاهرون السرية التي تحيط بمفاوضات تسليم الجزر فضلا عن غياب موافقة البرلمان على هذا القرار.
وبينت الصحيفة أنه أمام تزايد السخط الشعبي، حاولت السلطات تبرير قراراتها خلال الزيارة الرسمية للعاهل السعودي، الذي أعلن بدوره عن تقديم مساعدات واستثمارات جديدة تبلغ قيمتها ملايين الدولارات لدعم الخزينة المصرية التي تعاني من عجز واضح.
وأوردت الصحيفة أن السيسي أيضا حاول الدفاع عن قراره المثير للجدل أمام الشعب المصري، قائلا إن "مصر لم تتنازل عن أي شبر من أراضيها، كما تشير جميع الوثائق إلى أن مصر لا زالت تحافظ على حقها في ملكية هذه الجزر".
وأضافت الصحيفة أن القمع الوحشي الذي يعاني منه المصريون منذ الانقلاب الذي قاده السيسي سنة 2013، بالإضافة إلى اعتقال عشرات الآلاف من الناس في السجون، لم يُثن آلاف المتظاهرين في كل من الإسكندرية والقاهرة عن ترديد شعارات الثورة نفسها التي أطاحت بحسني مبارك سنة 2011 مثل "الشعب يريد سقوط النظام"، داعين إلى ضرورة رحيل السيسي.
وأضافت الصحيفة أنه إلى جانب الهتافات، رُفعت شعارات معبرة مثل "مبارك السيسي" أو "باعوا أرضنا للسعوديين"، كما تضمنت بعض اللافتات عبارات من قبيل "مصر ليست للبيع".
ونقلت الصحيفة قول المحامي خالد علي، المرشح السابق للرئاسة وأحد أبرز الشخصيات المعارضة، أن "هذه الأحداث ستنبئ ببداية واقع جديد في مصر، ويجب على القوى الثورية استغلال هذا التصعيد الشعبي الذي كنا في انتظاره".
كما نقلت الصحيفة قول المعارض داود الذي صرح فيه أن "الاحتجاجات ستبعث برسالة هامة للنظام، مفادها أن المصريين ليسوا على استعداد للتخلي عن حقوقهم ولن ينسوا أولئك الذين اعتقلتهم السلطات المصرية ورمتهم في السجون".
وأفادت الصحيفة حسب مصادر خاصة، أن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة لتفريق المتظاهرين الذين واصلوا تظاهرهم حتى وقت متأخر، وألقت القبض على حوالي 40 شخصا على الأقل في كل من العاصمة والإسكندرية. وتجدر الإشارة إلى أن منظمي هذه الاحتجاجات دعوا إلى التجمع مجددا يوم 25 نيسان/ أبريل، تزامنا مع الاحتفال بعيد تحرير سيناء.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجزر التي مُنحت إلى العاهل السعودي بعد الإعلان عن بناء جسر سيربط بين آسيا وأفريقيا، تعود ملكيتها بالأساس إلى مصر منذ سنة 1950، إثر توقيع اتفاق بين البلدين حول احتلال مصر للجزر. وفي سنة 1967، استخدم الرئيس المصري جمال عبد الناصر الجزيرتين لمنع مرور السفن الإسرائيلية عبر مضيق تيران، ما دفع "تل أبيب" إلى شن هجوم ضد مصر نتج عنه حرب الأيام الستة.
وذكرت الصحيفة أن هذا الغضب الشعبي سيثير حتما مخاوف النظام الحالي، حيث أنه لأول مرة منذ الانقلاب، أصبح رئيس أرض الفراعنة هدفا للانتقادات المتعلقة بالوضع الاقتصادي المتردي، والفساد، والشعور بعدم الأمان فضلا عن انتهاكات حقوق الإنسان التي يقودها جهاز الشرطة المتورط في جريمة قتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني. وأمام هذه الموجة من الانتقادات الحادة، أعلنت وزارة الداخلية يوم الخميس، في بيان لها، أنها ستتخذ "كل التدابير المناسبة لفرض الأمن والاستقرار".
وفي الختام، تحدثت الصحيفة عن حملة القمع الوحشية التي لم تشهدها البلاد منذ عقود ضد كل من المعارضة الإسلامية والليبرالية أو اليسارية، حيث قتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص، وتم اعتقال حوالي 41 ألف شخص. وقد أغلق النظام المصري أيضا وسائل إعلام المعارضة، وأنشأ قانونا صارما يحد من حرية التظاهر.