ذكرت مجلة "إيكونوميست" أن
مصر، التي شهدت في السنوات الماضية تجمعات تطالب بالحرية والعدالة والكرامة، حتى وصول عبد الفتاح
السيسي للسلطة، بعد الإطاحة بمحمد مرسي عام 2013، الذي منع كل شيء، تشهد اليوم تجمعات من نوع آخر، وهي "حمى الحفاظ على
اللياقة الجسدية"، حيث إن زيادة الوزن دفعت بأحد المواطنين للخروج والركض على ضفة النيل لتخفيف وزنه.
ويتساءل التقرير إن كان السيسي هو من شجع طالبي اللياقة والباحثين عنها، عندما توقفت سيارته عندما شاهدهم يركضون وحياهم، مشيرا إلى أن السيسي نفسه قاد مجموعة من مؤيديه في محاولة لتشجيع ركب العجلة الهوائية.
وتقول المجلة إنه ينبغي على السيسي بذل مزيد من الجهد، للتغلب على خوفه من التجمعات كي يدعم حركة لياقة كهذه، في إشارة إلى منع التظاهر إلا بإذن من الداخلية، وذلك في محاولة من النظام لمنع تظاهرات جماعة الإخوان المسلمين التي حظرها وصنفها بأنها إرهابية.
وينقل التقرير، الذي ترجمته "
غربي21"، عن إبراهيم صفوت قوله: "كنت سمينا بعض الشيء"، ولهذا قرر
الركض مع بعض الأشخاص، حيث يجتمع أعضاء الفريق صباح كل يوم جمعة قبل أن تصحو القاهرة، ويذهب أهلها إلى المساجد، وبدأ هو ومجموعة من الأصدقاء بإنشاء النادي على صفحة "فيسبوك" في عام 2012، وجذب حتى الآن ثلاثة آلاف شخص يركضون معا ويغيرون المناطق، ويزيد عددهم وينتهي كل عام بالماراثون الذي يعقد في 15 نيسان/ إبريل من كل عام.
وتبين المجلة أن القاهرة كان فيها عداءون ونواد للعدو قبل أن يخرج صفوت وزملاؤه إلى الشوارع، لكنها ليست كثيرة ومعظمها داخل القاعات المغلقة، حيث إن الأرصفة المحطمة والشوارع المليئة بالحفر والازدحام القاتل يجعل من السير في القاهرة مهمة صعبة، بالإضافة إلى أنه لا توجد في القاهرة مساحات خضراء ومتنزات أو حدائق كثيرة يلجأ إليها السكان للترويح والركض، مشيرة إلى أن ما يزيد من قتامة الصورة الهواء الملوث وحرارة الجو المرتفعة والمخاوف من تعرض الفتيات للتحرش.
ويلفت التقرير إلى أنه في الصباح عادة ما تكون الشوارع خالية من الضجيج ويكون الهواء نقيا، مشيرا إلى أنه في كل أسبوع يخرج رجال ونساء في ملابس رياضية، ويثيرون نظرات الناس، لكنهم لا يتعرضون لتحرش، ونظرا لعددهم الكبير فإنهم يشعرون بالأمن، وصار منظرهم معروفا.
وتنوه المجلة إلى أن عادة الركض في القاهرة أدت إلى ولادة ثقافة اللياقة والمشي، حيث شهدت مدن أخرى، مثل الإسكندرية والإسماعيلية، نوادي مثل نادي العدو في القاهرة.
ويعلق التقرير بأنه رغم وجود نواد كهذه، إلا أن معظم المصريين لا يهتمون بالتدريب الرياضي، رغم زيادة حالات الإصابة بمرض السكري، مستدركة بأن ما يميز العدائين في القاهرة هو أن المشاركين في نوادي هذه
الرياضة يتعاملون معها كونها مناسبة اجتماعية وليست روتين لياقة، حيث يتوقف العداءون لشرب الماء أو التقاط صور على هواتفهم النقالة "سيلفي"، ويقول أيمن غويمة، وهو أحد مؤسسي النادي: "أردنا إقامة شيء مختلف في الشوارع لا علاقة له بالأمور السياسية".
وتستدرك المجلة بأن السياسة حاضرة، حيث إنه عندما نظم النادي فعالية عدو قرب أهرام الجيزة العام الماضي، حاولت الشرطة وقف الفعالية رغم الموافقة الأولية التي منحت للمنظمين، لكنها تراجعت بعد الجدل الواسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ويحلم المنظمون بماراثون مثل الذي يعقد في بيروت، لكنهم لم يصلوا لهذه المرحلة بعد.
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالإشارة إلى أن السيسي يبدو داعما للعدائين، وظهر على دراجة كي يشجع اللياقة، بل قابل الرئيس المجموعة وهي تركض، مستدركة بأن تقديم دعم أكبر مرهون بتخلي السيسي عن خوفه من تجمع جماعات كبيرة من الشباب المندفعين.