قالت وزيرة التعاون الدولي في
مصر سحر نصر، أن هناك مفاجأة سيقدمها ملك
السعودية خلال زيارته لمصر، التي من المقرر أن تبدأ نهايات الأسبوع الحالي.
وتتعدد التصورات حول طبيعة وحجم تلك المفاجأة، ما بين تصور الإفراج عن المصريين المحبوسين بالسعودية، وإعفاء مصر من جزء من ديونها للسعودية التي تخطت الخمس مليارات الدولارات، أو إعفاء مصر من نسبة من ثمن إمدادات السعودية لها بالنفط الخام والمشتقات، التي تستمر خلال السنوات الخمس القادمة. أو تقديم وديعة يتم وضعها بالبنك المركزى لمساندة الاحتياطيات من العملات الأجنبية، أو شراء أذون خزانة مصرية أو سندات خزانة، أو ضمان مصر خلال إصدارها سندات بالخارج.
وربما تكون في شكل هبة مالية، بعد تراجع المعونات الخليجية لمصر خلال العام الماضي بشكل حاد، فبعد أن بلغت المعونات الخارجية لمصر ومعظمها خليجية، في عام 2013 نحو 4ر6 مليار دولار، ثم زيادتها إلى 3ر8 مليار دولار في العام الأسبق، فقد تراجعت بشدة إلى أقل من 97 مليون دولار في العام الماضي.
وتتضافر أسباب تراجع تلك المعونات، وأبرزها انخفاض سعر النفط الذي تراجع من 104 دولارات للبرميل عام 2013، إلى 96 دولارا في العام الأسبق، ثم استمراره بالتراجع في العام الماضي إلى 51 دولارا للبرميل.
الأمر الذي انعكس على تراجع قيمة الصادرات السلعية السعودية، التي يشكل البترول ومشتقاته معظمها، من 388 مليار دولار عام 2012، إلى 377 مليار دولار في العام التالي، ثم إلى 342 مليار دولار في العام الأسبق، ثم إلى 223 مليار دولار في العام الماضي.
ليتراجع الفائض بالميزان التجاري السلعي من 224 مليار دولار عام 2013 مليار دولار، إلى 184 مليار دولار في العام الأسبق، ثم إلى 63 مليار دولار في العام الماضي، وتأتي خطورة ذلك أن الفائض بالميزان التجارى السلعي هو الذي يعوض دائما العجز بميزان التجارة الخدمية. وكذلك العجز بميزان التحويلات، ويؤدي لوجود فائض بالميزان الكلي للمدفوعات، تسبب تراكمه في ضخامة الاحتياطيات من النقد الأجنبي لدى مؤسسة النقد السعودي.
لكن استمرار تراجع أسعار النفط غير الصورة تماما، فبعد تحقيق ميزان المعاملات الجارية فائضا مستمرا في السنوات الأخيرة، تحول لتحقيق عجز بلغ 22 مليار دولار في العام الماضي، وانعكس ذلك على الاحتياطيات التي توقف تزايدها، وتحولت للاتجاه الآخر لتنخفض بنحو 72 مليار دولار في العام الماضي.
ولأن إيرادات النفط تمثل المورد الأكبر للموازنة السعودية، فقد تحول حال الموازنة من فائض عام 2013 بلغ 62 مليار دولار، إلى عجز في العام التالي بلغ 14 مليار دولار، وزادت حدة العجز في الموازنة خلال العام الماضي ليصل إلى 125 مليار دولار، بنسبة 8ر18 % من الناتج المحلي الإجمالي، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ قرارات بخفض دعم الوقود وترشيد الإنفاق.
وكان العامل الثاني لتراجع المعونات الخليجية والسعودية للنظام المصري، هو انخراطها في خلافها مع إيران، ومواجهة أنصارها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان والبحرين، بل وفي المنطقة الشرقية من السعودية، مما زاد من الإنفاق الدفاعي والأمني، الأمر الذي زاد من نسبة عجز الموازنة لمعدلات غير مسبوقة.
ورغم تلك الأوضاع الصعبة المرشحة للاستمرار، في ضوء توقع صندوق النقد الدولي استمرار انخفاض أسعار النفط خلال العام الحالي والقادم، حيث توقع بلوغ سعر برميل النفط 42 دولارا في العام الحالي، أي أقل من العام الماضي بنحو 9 دولار، وبلوغها 48 دولارا في العام القادم، وهو أيضا أقل من العام الماضي بنحو ثلاثة دولارات في البرميل.
إلا أن الطبيعة القبلية للنظام السعودي، يمكن أن تدفع ملك السعودية للإغداق في عطيته، لتحسين صورته بين المصريين، في ظل اعتباره من جانب من المصريين المتضررين من الانقلاب، شريكا في المجازر التي ارتكبتها السلطات المصرية الحالية تجاههم.
لكنه يمكن أن يغض النظر عن تلك الأوضاع الصعبة في بلاده، يسانده في ذلك احتياطي من النقد الأجنبي، بلغ حتى بعد تراجعه في نهاية العام الماضي 660 مليار دولار، إلى جانب صندوق للاستثمارات العامة، بدأ نشاطه في يوليو تموز الماضي، ويسعى لبيع نسبة 5 % من أسهم شركة أرامكو.
رغم مطالبة صندوق النقد الدولي المسؤولين السعوديين بتقليص الدعم الحكومي لأسعار الطاقة المحلية، وخفض فاتورة أجور العاملين في القطاع الحكومي، وفرض ضرائب على الأراضي، واستحداث ضريبة للقيمة المضافة.
وتطبيق إصلاحات لزيادة الوظائف في القطاع الخاص، وإعلان الصندوق ملاحظته استمرار ارتفاع معدلات البطالة بين مواطني السعودية، وتباطؤ معدلات نمو الودائع الداخلة للجهاز المصرفي، وانخفاض معدل نمو الائتمان الخاص.