قالت صحيفة "فايننشال تايمز" إن
الهجمات التي عانت منها باريس بعد بيروت هي تشنج آخر من تشنجات الإرهاب الإسلامي، في وقت تقع فيه الأراضي التي يسيطر عليها المتطرفون في
سوريا والعراق تحت التهديد.
وتقول الصحيفة إنه "يجب أن تكون ردة فعل العالم المتحضر: شجاعة جماعية في وجه هذه الفظاعة، وفتح العيون، ومشاركة المعلومات، ورد فعل عسكريا موجها، وتضامنا دوليا مع الفرنسيين".
ويشير التقرير إلى أن "طوابير المتبرعين بالدم أمام أحد مستشفيات باريس، شاهد على إنسانية وتصميم الشعب في هذه المدينة العظيمة. كما أن نشر الجنود في شوارع
فرنسا، وفرض حالة الطوارئ أمور ضرورية لإعادة الأمن للشعب. بالإضافة إلى أن رسائل التضامن مع الفرنسيين من أنحاء العالم كله تتميز بالصدق، فكثير من الأجانب يعدون فرنسا بلدهم الثاني".
وتذكر الصحيفة قائلة: "كما كان الحال في هجمات نيويورك عام 2001، ومدريد عام 2004، ولندن عام 2005، ومومباي عام 2008، وباريس أوائل هذا العام، فإن الإرهابيين يهدفون إلى قتل القيم والأشخاص أيضا. إنهم يستهدفون قيم المجتمعات المفتوحة من الحريات الشخصية إلى الحقوق الجماعية".
ويجد التقرير أنه "يجب الدفاع عن القيم بدلا من تخفيفها، وسط لغط السياسيين الشعبويين الذين يقدمون حلولا مبسطة، وفي العادة تأتي بنتائج عكسية. ويجب منح الشرطة ووكالات الاستخبارات وشرطة الحدود المزيد من السلطات لمواجهة التطرف في أنحاء أوروبا. ويجب عمل هذا فقط داخل إطار الحوار الديمقراطي والمساءلة".
وتلفت الصحيفة إلى أن الهجمات تأتي في لحظة تعاني فيها أوروبا من الهشاشة، بينما تحاول التعامل مع أزمة اللاجئين من شمال أفريقيا والشرق الأوسط، حيث يحاول ملايين الناس الهروب من العنف البربري، مثل ذلك الذي شهدته شوارع باريس. وأوروبا تعاني في اختيار طريق بين التعامل الإنساني والبراغماتية المتصلبة في التعامل مع أزمة غير مسبوقة في حجمها.
ويؤكد التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، أن "الرابط البشع الذي أشارت إليه بولندا بين هجمات باريس والسياسة الأوروبية للهجرة، ليس المكان الصحيح لنبدأ. ولكن ضبط الحدود بشكل أفضل، ليس إلى درجة تعليق اتفاقية شنغن، يجب أن يكون مطروحا".
وتقول الصحيفة: "أما على المدى المتوسط، فعلى فرنسا وغيرها من الدول الأوروبية التعامل مع العزلة لأقلية من مواطنيها، واعترف الرئيس هولاند إلى الآن بوجود تعاون في الهجمات من داخل فرنسا. والحل الوحيد هو استيعاب الأقلية (المسلمة)، وليس شيطنتها، وإن كان الطريق صعبا".
وتضيف: "أما على المدى البعيد، فيجب أن تأخذ السياسة سوريا بعين الاعتبار، حيث ترتكب مثل هذه الجرائم بشكل يومي، ويبسط
تنظيم الدولة، الذي أعلن مسؤوليته عن هجمات باريس، سيطرته على مساحات من سوريا. ويجذب التنظيم بعض الشباب كونه تنظيما سنيا متطرفا وحشيا، لا يحتمل أي معارضة، ولا يفكر في أي تنازل، ويتاجر بفكر يتجاوز التاريخ والجغرافيا".
وينوه التقرير إلى أن "معقل تنظيم الدولة في سوريا في مدينة الرقة تحت ضغط كبير، حيث يهاجمه الطيران الأمريكي، وتتجهز المليشيات الكردية للزحف جنوبا باتجاه المدينة. ويجب على القوى الخارجية التناقش في عمل مشترك للقضاء على هذا الخطر الشمولي على الأرض".
وتتحدث الصحيفة عن مؤتمر العشرين الذي انتهى اليوم بالقول: "يجب على مؤتمر قمة العشرين المنعقد في تركيا أن يظهر حزما مشابها لحماية المدنيين السوريين، الذين عانوا من الأذى من تنظيم الدولة ونظام بشار الأسد، وهناك ما يزيد على ثلاثة ملايين سوري فارين إلى الخارج، ويجب تقديم العون لهؤلاء اللاجئين".
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالقول: "هذا يعني أن القوى الخارجية يجب أن تدفع بشكل أكبر باتجاه التغيير السياسي، الذي يميز بين مصالح الدولة السورية ومصالح نظام الأسد، فهذا وقت للتفاعل مع أكثر مناطق العالم اضطرابا، وليس الانسحاب بخوف من المشهد".