نشرت صحيفة
دير شبيغل الألمانية تقريرا على هامش زيارة زعيم الانقلاب عبد الفتاح
السيسي لألمانيا، أوردت فيه أن هذا الحاكم العسكري أراد لهذه الزيارة أن تكون مليئة بالمجاملات والصور اللطيفة، لكن الوقائع كانت مخالفة لذلك، واعتبرت أن ما حدث اليوم في برلين يعكس حالة الغليان في
مصر، بين سعي النظام الحاكم لتلميع صورته من جهة، والغضب والاحتقان الشعبي من جهة أخرى.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "
عربي21"، أن كل الأمور كانت طبيعية من الوهلة الأولى، لكن النهاية لم تكن طبيعية، بعد أن تخللتها أحداث احتجاج قوية وانتقادات كبيرة طالت السيسي ومن تجرأ على استقباله، كما وصفت شخص السيسي بأنه "يجسد الأزمة التي تمر بها مصر".
وأوردت الصحيفة، في تقرير فلوريان غاتمان ورانيا سلّوم و سيفيرين فايلند، أن فتاة مصرية ترتدي الحجاب، تبين فيما بعد أنها درست الطب في مدينة ماينز وحاصلة أيضا على بطاقة صحفي، حاولت أخذ الكلمة خلال المؤتمر الصحفي، ولكن لم يتم تمكينها من ذلك، ثم أخذت تصرخ مرددة باللغة الألمانية عبارات "أنت قاتل، أنت نازي، أنت فاشي".
وأضافت أن مجموعة من الصحافيين المصريين المرافقين للسيسي سارعوا إلى الوقوف وترديد بعض الشعارات الوطنية بصوت عال، في محاولة منهم للتغطية على الحدث وصرف الأنظار عن هذا الموقف المحرج.
وبحسب الصحيفة، أراد السيسي من خلال هذه الزيارة أن يقول أنه الرجل القوي القادر على فرض الاستقرار في مصر، ولكن مجرد مشاهدة ما وقع في المؤتمر الصحفي قد يكون كافيا لفهم حجم الانقسام والاحتقان الذي تشهده مصر، وقد اضطرت قوات الأمن للتدخل لحماية الفتاة المحتجة، من ردة فعل الوفد المرافق للسيسي، خاصة بعد أن اقترب منها أحد الحراس المصريين ورمقها بنظرة مخيفة، ما دفعها للنظر إليه والقول: "لا أريد أن أقتل أنا أيضا".
كما ذكرت الصحيفة أن 150 شخصا تم إحضارهم بالطائرات من مصر خصيصا لإظهار أن السيسي يحظى بدعم المصريين المغتربين في ألمانيا. وقد تجمع هؤلاء منذ الصباح الباكر أمام مقر المستشارية الألمانية في برلين، ونصبوا مضخمات الصوت، وعلقوا لافتات الترحيب بالسيسي في ألمانيا التي جلبوها معهم من مصر، كما لعبت السفارة المصرية دورا كبيرا في تأطير هؤلاء المساندين ودعمهم.
في المقابل، قالت الصحيفة إن هذه الحملة الدعائية التي حرص فريق السيسي على تنظيمها "بكل عفوية" لم تغط على حضور المئات من المحتجين الذين عبروا عن سخطهم من طريقة حكمه لمصر.
كما عبرت الصحيفة عن استغرابها من سلوك الوفد الصحفي المصري، فقد تصرف الصحفيون المصريون بشكل غير معهود في عالم الصحافة، إذ لا يكاد السيسي ينهي جملة حتى ينخرطوا في حملة تصفيق حار. كما قام صحفي مصري باستهلال سؤاله بالثناء على السيسي، ثم قام بتوجيه سؤال محرج للمستشارة الألمانية.
ولاحظت الصحيفة أن المكان الذي وقف فيه السيسي خلال المؤتمر الصحفي هو المكان ذاته الذي وقف فيه الرئيس المدني المنتخب محمد مرسي قبل سنتين. وقالت إن هذا الرئيس الذي أطاح به الجنرال عبد الفتاح السيسي في انقلاب عسكري، يقبع الآن في السجن، كما صدر في حقه مؤخرا حكم بالإعدام.
واعتبرت الصحيفة أن أنجيلا ميركل أرادت حفظ ماء وجهها، من خلال توجيه ملاحظة إلى ضيفها مفادها أن ألمانيا تقف بشكل مبدئي ضد أحكام الإعدام، وانتقادها لتضييق السلطات في مصر على جمعيات حقوق الإنسان والعمل المدني، خاصة بعد تعرض موظفي مؤسسة كونراد أديناور الألمانية للحبس في القاهرة.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن اليوم الذي قضاه السيسي في برلين كان مميزا، فقد تعرض لانتقادات كبيرة ومطالبة من قبل المستشارة والرئيس الألماني بالقيام بإصلاحات، وحاول الدفاع عن نفسه وتبرير سياسته، ولكن أجواء الأزمة في برلين اليوم تعكس بوضوح حجم الأزمة التي تعيشها مصر في هذه المرحلة من تاريخها.
للاطلاع على المقال الأصلي في صحيفة دير شبيغل، انقر
هنا