أتمنى على الله ألا تكون هناك بالفعل
مصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين وبين النظام الحاكم بقوة السلاح اليوم في
مصر، وأمنيتي هذه أعترف في بدايتها بأنها ليست لعدم رغبة في إتمام "حل ما" يحفظ على مصر ما تبقى منها بعد الصراع الدامي الذي ما يزال يلفها بطائره الأسود المقيت..
إنني بداية إذ أتحفظ على عدة أمور أولها لفظ "مصالحة" أجد أنه من الواجب أن أقر بأن جماعة الإخوان هي الطرف الذي حفظ على مصر سلامها إلى الآن، وأنها قدمت تضحيات عزيزة غالية لا يجوز إلا لغير عدم الإقرار بها، وإن
العسكر الطرف القاتل الظالم، والإقرار بهذه البديهية إعذار إلى الله من ممالأة الظالم، والعياذ بالله.. ثم من فهم كلماتي القادمة خطأ.. أسأل الله السلامة ولكن المكاشفة والمصارحة مهمة في جميع السياقات هنا، وأرى إنها تقتضي وضع عدد من النقاط على الحروف ..
(1)
كلب عقور، والعياذ بالله.. ولله المثل الأعلى، هاجم قدمك في الشارع .. والناس نيام، أو والناس الذين ترجوا نصرتهم لك.. في هذا الوقت تناوموا، أي ادعوا إنهم في "سابع نومة"، فيما هو منذ ساعات يهرول خلف مجموعة أنت فيها، عقر قدم أطفال وشيوخ ونساء .. وجاء دورك..
تدبر أمر هذا "المثال" على إنه مقطوع الصلة بما يجري من حولنا في مصر والعالم، ونسأل الله السلامة والهداية للجميع، وأن تعود بلدنا إلينا جميعاً فنسترد آدميتنا وإنسانيتنا، أيضاً نتسامى فوق لحظة راهنة أبجدياتها ساتعرض إليه بعد حين، فقط نريد التوقف لدى خلاصة المثل ..
خلفك أناس أعزاء عليك، إن نال "مواجهك منك" ..تطورتِ القصة المفترضة لاحظ، سينال منهم.. بعدك ..على الفور.. سيصير "صوان عزاءك ..صوانات"،وجفاف دمعك ..المفترض ..غير آت، عوضاً عن إن العالم الحر المناضل سوف يخسرك ربما إلى الأبد، وربما سيخسر القوة الضاربة فيك، بداية من قدمك وحتى وصول السُّم إلى عقلك ..لا قدر الله.
تقول: وهل أقف؟! وهل الحل إما الركون التام أو الهجوم الخاسر؟
إن التصرف الأمثل في هذه الحالة واضح يُجمعُ العقلاء عليه.. تراجع للخلف .. وخذ أكبر "صخرة" يمكنك حملها .. واضربه بها!
(2)
لا يريد "العسكر" في مصر مصالحة حقيقية مع جماعة الإخوان ولكن بعد أن تم مرحلياً إقصاء الجماعة الأبرز المتصدية للمشروع الغربي في إتمام إضعاف الأمة العربية الإسلامية، وقل تحت هذا العنوان ما تريد، وما لا تصدقه اليوم يأتي الغد به فتجده أمراً واقعاً مفروضاً عليك ..يريد العسكر بعدما تم لهم ما أرادوا وأرد قادة العرب والغرب معاً، ولا داعي للارتكان إلى أمير أو رئيس أو ملك عربي أو غربي أو إسلامي .. الأمر واضح إنه منته..
إنما يريد العسكر من الإخوان "تسوية" تعيدهم للحمة الوطن ظاهرياً، بعدما عادوا مع الديمقراطية إلى نقطة الصفر، ولا يحدثني أحد عن عودة الإخوان على أي نحو.. إلا العودة "التسكينية" للجروح .. ومن مآلاتها عودة الرئيس محمد مرسي ليوم أو أكثر، مد الله في عمره وحفظه، انتهى الامر في مصر، وليست الأمور بالتمني طالما نتحدث عن حقائق..
يريد العسكر الراحة من المظاهرات البطولية الأسطورية التي قادتها الجماعة على مدى قرابة عشرين شهراً على نحو غير مسبوق لا في تاريخ الجماعة أو في تاريخ مصر، يريد العسكر أن يتموا حكم مصر كما يتمنون، وأن يزيلوا صمود وثبات الإخوان لينفردوا بخيرات مصر على نحو أوسع، فبطولي فعل الإخوان شوكة ضخمة في جنبهم وكل ما فيها، ويريد العالم لهذه السطور البطولية أن تنتهي لينهي اسئلة مشروعة للشعوب في الشرق والغرب : لماذا تقمعون مصر؟!
(3)
ماذا ينتظر قادة الإخوان؟!
بصراحة هذا السؤال يستطيعون الإجابة عنه هم..لفرط الاندهاش من بساطة السؤال وتعقيد الإجابة عنه..
إن قادة الشرق والغرب متحالفين ضدهم، وبدلا مما كان يقال من كون أربعة أو خمسة من الدول فقط هي الموالية للإنقلاب لم تعد هناك دولة في العالم تؤازر الشرعية بشكل عملي، وسل عن "عاصفة الحزم" .. وطالما إنك لن تستطيع إفناء عدوك، ولا أحد للامانة يرضى بذلك، إن البعض خائن في جيش مصر، وربما أكثر في داخليتها، ولكن رؤانا كشرفاء مناصرين للحق منذ ظهور الإخوان، او حتى بوادر ظهورهم على مسرح الرئاسة، لم تتم بلورتها، ولم يتقبل المسئولون منا التحذير من "الانغماس" في مستنقع السياسة، ووصلنا إلى ما وصلنا إليه.. أو ليس الانسحاب بشرف من العملية السياسية اليوم ..أكثر اتساقاً مع حقائق الواقع من الاستمرار ومخالفة كل منطق وعقل؟
أم إننا ننتظر المزيد من الخسائر بدون طائل على أرض الواقع؟ مع كامل التقدير للمصابين والشهداء والمضارين بالفقد أياً كان نوعه، ولا نزكيهم على الله تعالى..فهو حسيبهم ومخلفهم خيراص في مصابهم ومصربهم ومثبتهم بإذنه تعالى ..
إننا في "ميعة " الفقد نترك لعواطفنا العنان لنتحدث لكنه ليس من العقل ولا الرشاد أن يقول "عاقل"إن معركة "صفرية" يمكن أن تنشأ على أرض واحدة بين الإخوان والعسكر.. إن مسلمات الجمع بين البشر في سلة واحدة والقول بإن الجيش كله عدو لي.. أو الإخوان كلهم عدو للطرف الأول.. لهو ضرب شيطاني من الجنون ..
يحتاج الأمر إلى هدوء وتروى وتفكير لاجتياز اللحظة الراهنة إلى لحظة فيها حكمة وروية منطقية.. فإنهما أبناء وطن واحد ألبهما وقواهما الخونة على بعضهما البعض، فإذا كنا قد قلنا بعد 11 فبراير 2011م وتوهم انتهاء الثور وبداية نجاحها.. إذا كنا قلنا إن الجيش المصري كله إخوة لنا وأبناء عمومة بل أبناء..أين ذهبت منا هذه الحقائق؟ وإن كنا قد عممناها فأسانا إليها وإلينا..
إن حفنة من الخونة لن تلغي الإنسانية من الإخوان أولاً؟
وإن جيش مصر يحتاج لإعادة فلترة لقادته والمجرمين فيه ومنه أياً ما كانت مواقعهم .. إن التعقل يحفظ علينا بلدنا وأنفسنا..
(4)
أتمنى كذب سيناربو المصالحة الآن رغم ذلك ..
تم الإنقلاب في السر .. فلا أتمنى أن تجىء المصالحة في السر.. ولعل الله لا يرينا هذا الموقف من الإخوان ..
إننا لا ننتظر مصالحة: بل إننا ننتظر تسوية تتيح للإخوان أخذ المنحى المضاد .. ولم شتاتهم في جديد في خطوات تجمع بين الثورية والإصلاح .. بنسب .. لإعادة ترميم مصر خلقياً واجتماعياً ..ثم الوقوف أمام بقية مخطط الإجرام الإنقلابي الصهيوني الأمريكي لتدمير الأمة ..
اللهم ارزقنا حسن الظن.. وارزق الإخوان تمام الفهم والتخطيط وحسن التنفيذ والمصارحة في الوقت المناسب ..
وكفى ما كان..