تصاعدت حدة الصراع بين القضاة في
مصر من جانب، وبين أعضاء
المحكمة الدستورية العليا من جانب آخر، بعدما أصدرت المحكمة الدستورية قرارا الثلاثاء، برفض الكشف عن الرواتب أو المخصصات المالية التي يتلقاها أعضاؤها، مؤكدة أنه شأن داخلي ولا يجوز لأحد الاطلاع عليه.
ويطالب القضاة بمساواتهم في الرواتب والمزايا المالية بأعضاء المحكمة الدستورية العليا، تنفيذا لحكم سابق صدر عام 2013 لصالحهم، إلا أنه لم ينفذ حتى الآن بعد أن عجزوا عن الكشف عن حقيقة رواتب أعضاء الدستورية بسبب سريتها.
وأكدت المحكمة الدستورية عدم اعتدادها بحكم نهائي سابق أصدرته محكمة النقض، في دعوى أقامها قضاة بمحاكم الاستئناف يلزم رئيس المحكمة الدستورية المستشار عدلي منصور بإعلان رواتب أعضائها، إلا أن 11 قاضيا من هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية، أقاموا دعوى مضادة أمام المحكمة الدستورية بشأن حكم محكمة النقض، صدر بموجبه حكم بعدم إعلان تفاصيل ميزانيتها.
واستند قضاة محكمة الدستورية في دعواهم إلى أن قانون المحكمة الدستورية ينص على أنها هي وليس محكمة النقض التي تختص دون غيرها بالفصل في الطلبات الخاصة بالرواتب والمكافآت ومعاشات أعضاء المحكمة وأي شأن من شؤونهم، وأكدوا أن المخصصات المالية للمحكمة الدستورية ليست سرية بل إنها تدرج في الموازنة العامة لكن كرقم واحد.
وكان رئيس المحكمة الدستورية، المستشار عدلي منصور، قد أكد في بيان صحفي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أن رواتب رئيس المحكمة وأعضائها لا يتجاوز الـ42 ألف جنيه شهريا تطبيقا لقانون الحد الأقصى للأجور.
شائعات أطلقها الإخوان
وصرح المستشار "محمد الشناوي" المتحدث باسم المحكمة الدستورية العليا، أن ما يتردد بشأن رواتب أعضاء المحكمة هو مجرد شائعات أطلقها الإخوان أثناء وجودهم في الحكم لتشويه صورة المحكمة الدستورية، مؤكدا أن رواتب قضاة الدستورية أقل مما يتصور الكثيرون، بعكس ما يشاع في وسائل الإعلام.
وأكد الشناوي في بيان صحفي، تلقت "
عربي21" نسخة منه، أن للمحكمة الدستورية وضعًا خاصًا بنص الدستور، وأنها ليست كأي هيئة قضائية أخرى، مبديا حزنه من تصديق قضاة الهيئات القضائية الأخرى لهذه الشائعات وإقامتهم دعوى قضائية تطالب بالكشف عن قيمتها.
وأعلنت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها بعدم الاعتداد بحكم دائرة طعون رجال القضاء بمحكمة النقض، أن "المشرع في الدستور أكد استقلال المحكمة الدستورية العليا عن جهات السلطة القضائية التي تضم القضاء العادي ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة والنيابة الإدارية".
وأكدت أن الموازنة السنوية هي شأن من شؤون المحكمة الدستورية، لا يجوز تناولها أو كشفها إلا بموافقة الجمعية العامة للمحكمة أو بحكم صادر من جهة ذات ولاية قضائية عليها، حيث إن استقلال موازنة المحكمة مقرر دستورا.
وأضافت المحكمة أن الأوضاع الفنية والمالية للمحكمة تختلف بين كل هيئة قضائية وأخرى، وأن الحكم المتنازع في تنفيذه يتضمن افتئاتا على الاختصاص الولائي للمحكمة الدستورية العليا في شأن أعضائها، وأنه جاوز حدود ولايته المقصورة على قضاة محاكم القضاء العادي دون غيرها من جهات القضاء الأخرى.
رواتب خيالية
من جانبه أعرب المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، عن دهشته من قرار المحكمة الدستورية، مؤكدا أنه ليس من حقها أن ترفض الإفصاح عن رواتب قضاتها، متسائلا: "كيف تخفي المحكمة الدستورية رواتب قضاة في حين أن راتب رئيس الجمهورية معلوم لكافة المواطنين؟".
وشدد الجمل، في تصريحات صحفية، على أن رواتب القضاة ليست سرا حيث إنه يتم إدراجها في الموازنة العامة طبقا للقانون، مشيرا إلى أن الأصل هو إتاحة هذه المعلومات ولا يوجد مخالفة أو ضرر من إعلانها للشعب.
وقال المحامي الحقوقي "محمد شريف"، عبر "فيسبوك"، إن إصرار المحكمة الدستورية على إخفاء رواتبها يكشف عن حجم الرواتب الخيالية التي يتقاضها هؤلاء القضاة وحجم الفساد داخل المحكمة، مؤكدا أن المحكمة الدستورية العليا طلبت زيادة ميزانيتها بمبلغ 23 مليون جنيه لتصبح قيمتها 93 مليون جنيه، لافتا إلى أن المحكمة يعمل فيها 50 موظفا و11 قاضيا و12 عضوًا بالمفوضية العليا فقط.
وأكد الناشط الحقوقي "نجاد البرعي"، أنه يجب إعلان كل ما يتقاضاه أي قاض، فهذه ليست أسرارًا حيث إن الشعب يدفع هذه الرواتب من أموال الضرائب، مشيرا إلى أن متوسط ما يتقاضاه القاضي في المحكمة هو 120 ألف جنيه شهريا.