يوجه النظام في
مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح
السيسي؛ اتهامات متكررة لحركة المقاومة الإسلامية "
حماس" بالتدخل في الشأن المصري، الأمر الذي يعلّله مراقبون بكون النظام الانقلابي يبحث عن أعداء يحمّلهم عبء مشاكله الداخلية، وفشله في إدارة الدولة.
وبعد انقلاب 3 يونيو 2013 على الرئيس محمد مرسي؛ وجّه
القضاء المصري ووسائل الإعلام الموالية للنظام، اتهامات لأعضاء في حركة حماس بالقيام بأعمال تخريبية داخل البلاد، ثبت فيما بعد أنهم أسرى لدى
الاحتلال أو شهداء قضوا في سنوات ماضية، ما جعل مراقبين يتندرون بالقول إن النظام المصري "أحيى أموات
غزة".
أما ما جرى أمس الأربعاء؛ فكان العكس تماماً، إذ زعمت وسائل إعلام مصرية أن أحد قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام، ويدعى عبد الإله
قشطة، قُتل في مدينة الشيخ زويد بمحافظة شمال سيناء، إثر قصف جوي بواسطة طائرات الأباتشي المصرية ضد معاقل الجماعات المسلحة، الجمعة الماضية.
وأضافت نقلاً عن مصادر أمنية مصرية، أنه "قُتل خلال اجتماعه بعناصر من جماعة أنصار بيت المقدس، وتم نقل جثمانه في سرّية تامة إلى قطاع غزة عبر الأنفاق، حيث دفن هناك" على حد زعمها.
وسارعت حركة حماس وعائلة قشطة إلى نفي أن يكون "قشطة" عضواً في كتائب القسام أو في الحركة.
ومع ساعات مساء أمس؛ حسم عبدالإله قشطة الأمر؛ حينما اتصل بعائلته هاتفياً من ليبيا، ليطمئنهم أنه ما زال على قيد الحياة، مؤكداً تكذيبه وسائل الإعلام المصرية التي أماتته ودفنته في القطاع، بحسب مقطع فيديو نُشر على "يوتيوب".
افتعال الأعداء
يقول القيادي في حركة حماس، يحيى موسى، إن الأنظمة "المأزومة" تسعى على الدوام إلى "افتعال أعداء خارجيين كي توحّد الشعب تجاه هذا الخطر الخارجي المزعوم، وتهرب من مشاكلها الداخلية".
واستهجن موسى في حديثه لـ"عربي21" تكرار الزج باسم "حماس" و"كتائب القسام" في المشاكل الداخلية المصرية، مضيفاً أن "أكاذيب القيادة السياسية والأمنية المصرية يعلمها الجميع، فقد جعلت من الموتى أحياءً، ومن الأسرى لدى الاحتلال أحراراً طليقين في مصر".
ووصف الإعلاميين المصريين الداعمين للانقلاب العسكري في مصر، بأنهم "أكذب نخبة إعلامية في التاريخ"، مستأنساً بكلام للسياسي المصري مصطفى الفقي قال فيه إن "أكذب نخبة سياسية في العالم هي المصرية".
لا تصالح ولا اعتداء
من جهته قال الباحث في العلاقات الدولية، علاء أبو طه، إن "عداء" الحكومة المصرية لجماعة الإخوان المسلمين؛ ينسحب على الجماعات المرتبطة بها، وعلى رأسها حركة حماس.
وأضاف لـ"عربي21" أن "النظام المصري يعتقد أنه ليس من مصلحته وجود مقاومة قوية تحكم في غزة بشكل منفرد"، متهماً إياه بالسعي لـ"حشر فصائل المقاومة الفلسطينية في الزاوية، حتى يتمكن مستقبلاً من فرض دور له في قطاع غزة بدعم دولي".
واستبعد أبو طه أن يقدم النظام المصري حالياً على خطوة تصالحية مع حركة حماس، قائلاً إن الحكومة المصرية "نصّبت حركة حماس عدواً لها، وما القرار المصري باعتبار كتائب القسام منظمة إرهابية إلا انعكاس لطبيعة العلاقة التي يريدها النظام مع المقاومة الفلسطينية".
ورجّح أن زيادة وتيرة الاتهامات المصرية لحركة حماس "لن تصل إلى درجة القيام باعتداء عسكري على الجانب الفلسطيني"، عازياً ذلك إلى كون "الحكومة المصرية تعرف حدود تحركاتها، وتعلم أن أي اعتداء على قطاع غزة ستكون مكاسبه أقل بكثير من خسائره".
طرف ثالث
أما الكاتب والمحلل السياسي أحمد عوض؛ فرأى أن وجود تنسيق بين النظام المصري وبين حركة حماس، سيؤدي إلى نتائج جيدة حول معرفة الجهة التي تقف وراء الأحداث في سيناء.
واقترح توفير "طرف ثالث" يسعى للتوسط بين "حماس" والنظام المصري "لتوضيح الصورة جيداً"، مضيفاً أن حركة المقاومة الإسلامية "أكثر عقلانية وحكمة من أن تتورط في جبهة أخرى غير جبهة الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف لـ"عربي21": "هناك الكثير من الأطراف التي لها مصلحة في وجود انفلات أمني بسيناء، في ظل حالة التوتر والاحتقان بين المكونات السياسية المصرية المختلفة".
وقال عوض إن "حصار النظام المصري لحركة حماس؛ لن يؤدي إلى النتائج التي يرجوها الطرف المصري" مشيراً إلى أن "ما يجري في سيناء يتعلق بافتقارها للتنمية لسنوات طويلة، وبوجود انفلات أمني نتيجة السياسات المصرية الجديدة، وانعدام الحوار بين الأطراف المتنازعة في مصر".