شنّ المفكر
المصري المعروف، الدكتور طارق حجي، هجوما عنيفا على الخليجيين، خصوصا السعوديين، قائلا: "أطالب أي مصري بأن يستفرغ معي على شيء يلبس الثوب والعقال".
ووصف هجوم حجي بـ"العنصري"، حيث قال في رد له عبر صفحته على "فيسبوك"، تعقيبا على مقال الكاتب السعودي جمال خاشقجي، الذي حذّر فيه مصر من التورط في حرب ضد تنظيم الدولة، متهكما على الخليجين: "أموت من الضحك عندما أسمع نبرة تعالٍ من خليجين، فأنا رجل عندما يسمع تعبيرا مثل المفكر السعودي، أردد: كيف يجمع إنسان بين فكرتين متناقضتين في كلمتين: مفكر وسعودي!".
وأضاف حجّي، الذي يقدّم نفسه على أنه مفكر ليبرالي معارض للإسلاميين: "الإنسان إما أن يكون مفكرا أو أن يكون سعوديا! ولكن من المستحيل أن يكون شخص واحد مفكرا و سعوديا في الوقت ذاته. فهو قول يشبه: إن فلانا طويل وقصير ... أو إن فلانا نحيف وبدين!".
وتابع: "الحقيقة أنني أقرأ منذ 55 سنة، وأكتب منذ 40 سنة، وقمت بتأليف 32 كتابا، ولكنني لم أسمع من قبل اسم جمال معلقة هذا ... فالخاشوق هو الاسم التركي للمعلقة"، وذلك في إشارة إلى الكاتب جمال خاشقجي.
واستطرد: "وبكل موضوعية، فإنني أطالب أي مصري بأن يستفرغ معي على شيء يلبس الثوب والعقال، ومع ذلك يتكلم عن مصر بخفة، وهو في بلد إن هزت داعش أمنها فلن ينقذها إلا مصر التي تجاسر أن يتكلم عنها دون وضوء ... طارق حجي".
وكان حجّي يعلق بهذه الكلمات العنصرية على مقال للكاتب إبراهيم الجارحي، الذي كان بدوره قد شن هجوما عنيفا على جمال خاشقجي، قائلا إن الكاتب والإعلامي السعودي جمال خاقشجي يؤسس في كتاباته لما أطلق عليه شخصيا مدرسة "الاستشراق الخليجي في تناول الشأن المصري!".
وأضاف: "لغة هذه الكتابات تشعرك أنهم يتحدثون عن سريلانكا أو موزمبيق، يتناولون الشأن المصري باستكبار وتعالٍ مدهشين، لا تعرف مصدرهما ولا مبررهما. يتحدثون عن الفقر وعن تردي الأحوال الاقتصادية وعن الخلافات السياسية بلغة الكتاب الغربيين عن جمهوريات الموز. هم في نهاية المطاف يبدون كخواجات يرتدون برانيط، لا عربا بغترة وشماغ" .. حسب تعبيره.
وقال الجارحي: استكمل السيد خاقشجي، وهو كاتب من العيار الثقيل، سلسلة كتاباته الاستشراقية في جريدة الحياة، بمقال معنون بـ"حتى لا تسقط مصر في فخ داعش"، ومفاد المقال أن العرب يحبون مصر المسكينة متواضعة القدرات العسكرية ومأزومة الأحوال السياسية، لذلك يربأون بها أن تورط نفسها في فخ حرب مفتوحة مع داعش المتوحشة.
و"بمعزل عن الحكم المتعسف الذي قفز إليه خاشقجي، ينبغي مناقشة الدلائل التي ساقها وصولا لمثل هذه القناعات"، وفق حجي.
وأضاف: "يقول الكاتب السعودي الشهير: الرئيس
السيسي اكتفى بغارات جوية على ما وصفه معاقل «داعش» في درنة. بعض الإعلاميين المصريين ذهبوا إلى حد التأكيد أن الغارات أصابت بدقة عدداً من الإرهابيين الذين نفذوا جريمة الذبح".
وقال ساخرا: "هنا أعيب على صحفي مخضرم كالأستاذ جمال، ألا يفرق بين البيان الرسمي الصادر عن جيش مصر الذي يقول إن الأهداف أصيبت بدقة، وبين رواية الإعلاميين المصريين الناقلين عن البيان الرسمي للمؤسسة العسكرية، في محاولة منه للإيحاء بأن إصابة الأهداف مجرد تهويل إعلامي لا حقيقة عسكرية جلية. لكنني من ناحية أخرى سأترك له حق اعتبار أن ضرب "معاقل داعش" هو مجرد وصف من الرئيس المصري، لا معلومة مؤكدة من رأس الدولة".
وأضاف الجارحي أن السؤال يطرح نفسه على الصحفي الكبير: "إذا كنت لا تقتنع برواية مصر الرسمية، وتذهب إلى نسبتها للإعلاميين المصريين بغرض التشكيك فيها، فما هي الرواية الأخرى التي تعتمدها بينك وبين نفسك؟ واستنادًا لأي مصدر؟ وإذا كنت لا تقف في صف مصر في حربها ضد داعش، ففي أي صف تقف؟ (هذه أسئلة استفهامية بالمناسبة، لا استنكارية)".
وأضاف: "يحق للصحفي أن يتشكك في رواية أحادية المصدر، لكن لا يحق له خلط الأوراق حين ينسبها إلى غير مصدرها لتسريب هواجسه المشككة فيها". يضيف الأستاذ جمال: "الخبراء يعلمون أن القصف الدقيق الذي يصيب مكاناً بعينه حددته استخبارات مسبقة يحتاج إلى «قنابل ذكية» أو طيار مغامر يقصف من علو منخفض، وكل ذلك غير متوافر، فسلاح الجو المصري وكذلك الأردني الذي سبقه في قصف مواقع «داعش» يفتقدان القنابل الذكية، والطيران المنخفض تكلفته باهظة بعد حادثة سقوط طائرة الطيار الأردني معاذ الكساسبة وأسره، وبقية القصة المأسوية معروفة، وبالتأكيد لا يريد المصريون تكرارها، ولكن «داعش» تتمنى ذلك".
وقال الكاتب إبراهيم الجارحي موجها كلامه للكاتب جمال خاشقجي: وهنا أود أن أستفسر من الفيلد مارشال خاشقجي، من قال لك إن مصر لا تمتلك "قنابل ذكية"؟ ومن قال إن الطيارين المصريين لم يقصفوا من على ارتفاع منخفض؟ ومن قال إن التكلفة التي وصفتها بـ"الباهظة" لا تتحسب مصر لها؟ من البرنيطة للخوذة، يتحول المستر خاشقجي إلى الجنرال خاشقجي، ليشكك في قدرات مصر من كل ناحية أمكن له أن يشكك فيها، دون خلفية داعمه لتشكيكاته، ودون سند منطقي لمعاداته للرواية المصرية الرسمية.
وأضاف: "لن أتحدث عن معارفه العسكرية التي يبدو أنها تفوق معارف قادة
الجيش المصري والجيش السعودي مجتمعين، لكنني فهمت منها أنه يقضي وقت فراغه في ضرب أهداف عسكرية معادية لبلاده، إما بالتحليق المنخفض الذي تمتلك الرياض ترف تنفيذه، أو بقنابل ذكية من تلك التي تباع في مولات جدة ومتاجرها. لذلك فالرجل يتحدث عن معرفة عميقة لا ألومه عليها".
وقال الجارحي: لا أسوق الرواية المصرية الرسمية، على لسان رئيسها، ووفقا لبيان جيشها، على أنها الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، رغم إيماني بصدقها حرفيا، غير أنني أندهش من الالتفاف حواليها ومحاولة اختراع ثغرات تشكك في صدقيتها لأجل اللاشيء تقريبا، سوى استكمال مشروع كتاب يقول بأن مصر بائسة فوق ما يتخيل الجميع!
وأضاف: ومتجردا -بصورة مؤقتة- من مصريتي، ومن تصديقي لرواية جيشها، أضع بيني وبين القارئ وبين الأدميرال جمال تقرير فوكس نيوز الأمريكية عن الضربة المصرية، وعن الأداء العسكري والسياسي المصري، ليقرأ بنفسه الإعجاب والغيرة والاندهاش في أداء مصر.
والتقرير ينقل عن عسكريين فعليين، لا عن خيالات وتساؤلات لجوجة كتلك التي أوردها الكولونيل جمال.
وقال الجارحي: الفكرة المحورية في مقال خاقشجي، يسوقها في آخر سطوره: "لدى مصر ما يكفيها من المشكلات، ومحبة مصر أن نبعدها وننصحها بعدم الوقوع في «نكسة» أخرى". مع تنصيصه كلمة "نكسة" للتذكير بهزيمة مصر العسكرية في 67، كان قد تأكد لدي بأن الكاتب السعودي يلف ويدور وصولا لهذا التذكير. ورغم عدم وجود أي وجه تشابه بين كل مفردات وإحداثيات اللحظة وبين يونيو 67 إلا أن خاشقجي يصر على استدعاء "النكسة" وإسقاط تداعيتها النفسية على العمل العسكري المصري المباغت للجميع، تشكيكًا وتقليلا.
وقال: وهنا يكون من الإنصاف أن يتوجه السيد خاشقجي بتشكيكاته لصانع القرار السعودي، الذي يقال إن كاتبنا الهمام مقرب منه ومعبر عن وجهات نظره، أو وجهة نظره أحد أجنحته، بهذا المقال، ليحذره من الجيش المصري، الذي انتكس قبل نحو نصف قرن، مخوفا من الاستعانة به سندًا وظهيرًا. خاصة أن التقارير الدولية تتوالى عن استعانة المملكة بالجيش المصري لتأمين حدودها مع العراق، انتظارا لبناء جدار عازل بطول حدود السعودية مع العراق، تحسبا للهجمات الإرهابية. وعليه أن يسرع برفع هذا المقال للقيادات العسكرية السعودية، قبل أن تتورط في الاستعانة بالجيش المصري في دعم موقفها، تحسبا لأي قلاقل حدودية مع اليمن بعد امتطاء الحوثيين عرش بلقيس وتهديدهم المباشر للنظام السعودي. فهناك تقارير صحفية أخرى متواترة في هذا الصدد.
وقال الكاتب -في نهاية مقاله موجها كلامه لخاشقجي ومتهكما على الجيش السعودي-: "أسرع جمال بمقالاتك، قبل أن يتورط الجندي السعودي الباسل في الاستعانة بالجيش المصري الخائب لتأمين حدوده مع اليمن، ولسد ثغراته العسكرية مع العراق. أسرع قبل أن تستأنف المملكة مناوراتها العسكرية البحرية مع مصر. أسرع قبل أن تستعين بالجيش المصري لتأمينك شخصيا من إيران التي تحاصر المملكة عراقا ويمنا ولبنانا وسوريا، فطياروه لا يحلقون على ارتفاعات منخفضة، ولا يمتلكون قنابل ذكية، أسرع وكن لبلادك الناصح الأمين!".
وقوبل تعليق طارق حجي ومقال إبراهيم الجارحي بعاصفة من الغضب من قبل المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي، الذين عدّوها عنصرية، وتحط من قدر ومكانة الأشقاء الخليجيين والسعوديين خصوصا، الذين وقفوا إلى جوار مصر على مدى الظروف العصيبة الماضية.