كتب علي حسين: بعد سيل من الخطابات الهستيرية؟ وأغاني أم المعارك وبيانات وشعارات وأهازيج عن انتصار العشائر ومعها ضباط جيش كبار وبمساعدة حزب البعث، في معركة الموصل، وبعد أن قرأ المواطن
العراقي تصريح عدد من شيوخ العشائر يؤكدون أن
داعش ليست هي التي تسيطر على الموصل وإنما هي فصيل من ضمن الفصائل المسلحة، وشاهدنا قائد الجمع المؤمن
عزة الدوري يخرج على الملأ ليحيي الثوار بهذا النصر المؤزر، بعد كل هذا وذاك اكتشفنا أن الموصل تحت قبضة الخليفة وجنوده.
هكذا حاول البعض ان يدخلنا في فصل جديد من فصول المهزلة العراقية ، ليضفي على الأحداث طابعا ساخرا، فنحن أمام بطل أسطوري -عزة الدوري– يعلنها ثورة حتى النصر المؤزر من اجل توحيد الأمة وتحرير القدس وإرجاع لواء الاسكندرونة وعودة الفرع الموصلي إلى الأصل العربي طبعا بعد محو أميركا وبريطانيا والنرويج وايطاليا ورمي قوات الناتو في البحر وإعلان دولته الكبرى من المحيط إلى الخليج، ولهذا فهو وحسب البيانات التي صدرت يتجول بحرية، يركب الطائرات ويغادر علنا من المطارات دون أن يرف له جفن، بالتأكيد لم تسنح الفرصة لأصحاب البيانات أن يجيبوا العراقيين على سؤال يحيرهم اذا كان بطل التحرير عزة الدوري يمتلك كل هذه القوة الخارقة فلماذا هرب من العراق بعد إطلاق أول رصاصة أميركية؟
ولان دائرة التحليل الاستراتيجي والمحللين للأحداث في الموصل تتوسع يوما بعد يوم.. فمنهم من بشَّرنا بان العملية العسكرية ستستمر لأيام معدودات فقط، وكان صاحب هذا الرأي وزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي، والبعض اخبرنا بان محافظ نينوى الجديد هو ضابط من اهالي الموصل ، فاكتشفنا فيما بعد ان الخليفة عين سلمان الفارسي واليا على المدينة وانه بالامس اصدر قرارا " رحيما جدا " تجاه مسيحيي الموصل طالبهم فيه بدفع جزية مقدارها 450 دولارا لكل من يريد ان يعيش في نعيم دولة الخلافة ومنجزاتها ، اما "الحاج" اوباما فقد اكتفى بالشجب والاستنكار ، والمسكين اصيب بحالة من الغضب على حد تعبير الناطق الرسمي – لا يذهب بكم الظن انني اقصد الفريق قاسم عطا – وانما اعني السيدة الجميلة جين ساكي المتحدثة باسم الخارجية الامريكية .
واتمنى عليكم وانتم تتابعون مسلسل المأساة الموصلية في حلقتها الجديدة ان تتذكروا ان السيد رئيس مجلس الوزراء كان قد بشرنا قبل ايام من ضياع الموصل من ان : "الارهاب اندحر في العراق وهو يلفظ أنفاسه الاخيرة" ويمكنكم الرجوع الى التصريح الشهير الذي اطلقه وكيل وزير الداخلية عدنان الاسدي وقبل اشهرمن اننا " قضينا على 75% من المخطط الإرهابي " .
اليوم نعيش مرحلة اسفاف سياسي اشبه بتهريج لن تجدوا له مثيلا الا في خطب ملك الملوك "القذافي" حين وصف شعبه بالجرذان ، وفي بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة التي بشرتنا منذ اليوم الاول لصولة القائد محمد انها قضت على داعش، لنكتشف بالامس فقط ان داعش قطعت الطرق عنا واحتلت كبرى الحواضر العراقية .
للاسف البعض صفق وهلّل لخطاب عزة الدوري وتوهم ان داعش بريئة من دم الموصل ، ووجدنا من يتحفنا بسيل من الخطابات العنترية ، ثم ماهي إلا أسابيع حتى استيقظ الجميع على كابوس مخيف، فقد هرب حزب البعث من شوارع وساحات الموصل وتركها لجنود دولة الخليفة.. وهكذا انتهى حلم بطل النصر والتحرير بالقضاء على الإمبريالية الأميركية، ولم يجد مخرجا من ورطته سوى أن يبث للأمة العربية من ان معركتنا القادمة في غزة .
إن الذاكرة العراقية ستظل تحتفظ بصورة الهارب عزة الدوري ومعه قيادات البعث، وأيضا تحتفظ بصورة بعض قادة العشائر ممن تركوا اهالي الموصل نهبا لذئاب داعش.. والاهم ستظل تحتفظ بصور قادتنا الاشاوس الذين تركوا الجنود لمصيرهم وعادوا ليجلسوا في غرف مكيفة يضحكون ولسان حالهم يردد "يامحلا النصر بعون الله".
(المدى العراقية)