هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
بغض النظر عن شكل النهاية التي سيضعها القائمون على المسلسل الدرامي الطويل والمثير المسمى "صواريخ الخضراء" فإنه يحسب للكثير من القوى السياسية أنها لا تزال تواصل اللعب على أكثر من حبل وبمهارة، فلا أحد فينا يعلم علم اليقين حقيقة ما يدار في الخفاء، وكيف أن الكثير من هذه القوى السياسية يدعم أهل الصواريخ.
بالأمس أعلن البعض أن منظر الصواريخ وهي تقع على بيوت المواطنين ليس مناسباً، فيما ذهب البعض لأبعد من ذلك، حين طالبوا الحكومة بأن تعيد هيبة الدولة. التصريحات التي أطلقها بعض الساسة العراقيين توحي للمواطن البسيط أن هذه القوى السياسية وبخت وهددت كل من تسول له نفسه أن يواصل لعبة الصواريخ، وطالبتهم بأن يذهبوا بعيداً عن بيوت المواطنين. لكن التجارب السابقة والقضايا المماثلة ستكشف فيما بعد أن معظمها شعارات بلا لون ولا طعم ولا رائحة وأن ما كان يقال في الغرف المغلقة مختلف كثيراً عما يقال أمام وسائل الإعلام.
في بلاد العجائب والغرائب يبدو المشهد شديد التناقض وموغلاً فى السخرية، جهات مسلحة تصر على أن من حقها مواصلة لعبة إطلاق الصواريخ، في الوقت الذي نمد فيه أيدينا إلى الأمريكان والروس ونقول: "لله لقاح يا محسنين"
ماذا كان يفضّل العراقيون حقاً: العدالة الاجتماعية والرفاهية والأمان، التي مايزال جميع السياسيين يتغنون بها من أجل الحصول على مزيد من الامتيازات والأموال المنهوبة والمناصب، أم اطلاق الصواريخ ونهب الثروات؟ من أوصل المواطن المسكين إلى هذا الخيار، ؟ ماذا حدث لـ"دولة الإصلاح" أين غابت خطب السلاح بيد الدولة ؟ بماذا يفكر العراقي وهو يرى اصحاب الصواريخ يسرحون ويمرحون ليلا ونهارا ، سيقولون له بكل بساطة لم يحن الوقت بعد لأن تصبح صاحب قرارٍ حرٍ، فما زال هناك الكثير من الصواريخ الباليستية التي نريد أن نجربها؟!
هل يجرؤ أحد مهما علا شأنه أن: من أنتم وماذا تفعلون؟، سيُتّهم بالخيانة حتمًا، أليست أحزابنا العتيدة ومعها الحكومة الرشيدة، كانت قد قررت قبل سنوات وفي لحظة تاريخية مهمة أن صواريخ "الكاتيوشا" وحدها يمكن أن تؤسس لعراق ديمقراطي .
هكذا وجدنا أنفسنا بين "حانة " الصواريخ و "مانة " ساسة يمارسون الاستعلاء على عقول الناس يدعون الثورية، وفى الوقت نفسه لا يتورعون عن الاستعانة بالأميركان في الحصول على المكاسب. وفاتهم أننا كعراقيين نستطيع أن نواجه أمريكا عندما تكون جبهتنا الداخلية محصنة ، ونواجهها أيضا ونرفض تدخلها ونستغني عن جيوشها ومعوناتها عندما يكون لنا مشروع حقيقي يستند على الحرية والديمقراطية واحترام الإنسان. وإلى أن يحدث ذلك فستظل أمريكا تتدخل في شؤوننا، ويظل ساستنا يكذبون على أنفسهم قبل أن يكذبوا على الناس.