في إحدى حلقات الجزء الأول من مسلسل باب الحارة الشهير، يلجأ الإيدعشري إلى حيلة ماكرة للعودة إلى حارته، حارة الضبع، التي طرد منها لسوء أمانته وسوء أخلاقه.
يحرض الإيدعشري أبا النار زعيم الحارة التي لجأ إليها، لشن هجوم على حارته التي نبذته، وعندما يصبح أبو النار وجماعته داخل حارة الضبع، يتواجه أبو النار وزعيم حارة الضبع بخنجريهما، فيظهر الإيدعشري فجأة، ويرفع خنجره ويصرخ في وجه أبي النار: "بتتعدى على حارة الضبع يا ندل؟". ينعقد لسان أبو النار من الدهشة، كما يتفاجأ زعيم وأهالي حارة الضبع من موقف الإيدعشري. وبالفعل يهجم الإيدعشري على أبي النار، ويتبارزان بالخناجر، ويستطيع الإيدعشري هزيمة أبي النار، ما يضطره وجماعته إلى الانسحاب يجرون أذيال الخيبة.
في المقابل يحمل أهالي حارة الضبع الإيدعشري على الأكتاف ويهتفون باسمه، وأصبح بطلا في نظرهم، ما اضطر زعيم الحارة إلى تقديم اعتذار شخصي له.
ترى، هل كان لدى المشير عبد الفتاح
السيسي قائد الانقلاب في
مصر فرصة مواتية كفرصة الإيدعشري، كان يستطيع من خلالها تنصيب نفسه بطلا جديدا للأمة العربية؟
يشبه مواقف الشخصيات في ذلك المشهد من باب الحارة، مواقف الشخصيات في واقع الحرب على
غزة اليوم، فهناك نتنياهو الذي يمثل العدو الصهيوني، وهناك قطاع غزة الذي يمثل بمقاومته ضمير الأمة العربية والإسلامية، وهناك عبد الفتاح السيسي الذي خسر رصيده الشعبي داخل مصر والأمة العربية والإسلامية.
ألم يكن بوسع السيسي أن يقف موقفا أقوى من الموقف الذي اتخذه الرئيس الشرعي محمد مرسي إبان العدوان الصهيوني على قطاع غزة عام 2012؟ وماذا كان سيخسر لو فعل ذلك؟
تخيلوا لو أن السيسي وقف مخاطبا العدو الصهيوني بضرورة وقف العدوان فورا على القطاع، ثم أرسل وزير خارجيته إلى غزة لتفقد الأوضاع، وحث الجامعة العربية على اتخاذ موقف صارم تجاه العدوان وفك
الحصار عن غزة.
موقف كهذا كان سيحرج ملايين من معارضيه في الداخل المصري والخارج، وكان سيظهره أنصاره بالاستعانة بالآلة الإعلامية الضخمة التي يمتلكونها، على أنه الزعيم العربي المنتظر.
موقف كهذا كان سيدفع ملايين المصريين للشوارع تعبيرا عن دعمهم لموقف الزعيم العربي البطل، وكانت صوره ستزين شوارع وجدران مصر وكثير من الدول العربية، وما كان لأحد من أنصار الشرعية ومعارضي الانقلاب أن يخرج ضدهم.
موقف كهذا كان سيضعف المعارضة المتنامية للسيسي خصوصا بعد القرارات الاقتصادية القاسية التي اتخذها، وكان سيخدر الشارع المصري الذي يغلي جراء ارتفاع الأسعار.
فهل كانت تلك فعلا فرصة مواتية للسيسي وغفل عنها؟ أم أن السيسي لا يمتلك الإمكانات النفسية والشخصية والفكرية والمعنوية والمادية لاهتبال فرصة كهذه؟ أم أن السيسي بوضعه الحالي لا يملك القدرة على اتخاذ قرار مستقل أصلا حتى يفكر بهذه الفرصة؟