تمر علينا في هذه الأيام ذكرى الثلاثين من يونيو، وذكرى اليوم الأول من
رمضان، ولا بد أن أقف مع القارئ الكريم وقفة للاعتبار في هذين التاريخين الميلادي والهجري.
في ذكرى الثلاثين من يونيو سيعمل جميع أعداء ثورة يناير وأجهزة الدولة العميقة على تأجيج الخصومات بين الثوار، سندخل في دائرة من الذكريات الجهنمية، ذكرى الثلاثين، ثم الثالث من يوليو، ثم مذبحة الحرس الجمهوري، ثم مذبحة المنصة، ثم المذبحة الكبرى في الأربعاء الأسود، وكثير من الذكريات الصغيرة التي تنكأ الجراح.
ستعمل مجموعة (أكاونتات) من أجهزة الدولة العميقة على مواقع التواصل الاجتماعي لكي تؤذي كل واحد منا بوضع الملح في جراحه، ولكي تؤكد على كل أسباب فرقتنا، ولكي تجعل من الشهرين القادمين موسما للفرقة، وهذا يعفيها من مواجهتنا متحدين، ويسهل عليها مهمة أن تبطش بنا منفردين.
(يا أيها الإخوانجي الخروف ... اسمع ماذا قال فلان على منصة رابعة. يا أيها الليبرالي الحقير ... انظر بعينيك في هذا الفيديو الذي تتراقصون فيه لحظة وقوع أكبر مجزرة في التاريخ)
اللجان الإلكترونية مستعدة لهذه الأيام، تنتظرها بفارغ الصبر، إنها أيام عيد، إنهم في ورطة، ولا مخرج لهم سوى بناء مزيد من الأحقاد بين الناس لكي يستمر كل فصيل لوحده، لأن اتحاد
المصريين كفيل بإسقاط بيت العنكبوت الذي يبنون في عدة أيام.
(فيديو يوضح كيف أحرقت الجثث في رابعة والنهضة.. حسبنا الله ونعم الوكيل..فيديو فضيحة.. انظر ماذا فعل
الإخوان الإرهابيون تحت المنصة)
سوف يضعون لك هذه الفيديوهات لتذكيرك بالمجزرة بهدف تفريق الصفوف في الشوارع، بعد أن جمعتها الزنازين.
(فيديو شاهد ماذا قال البلتاجي مهددا)
(فيديو فضيحة ليبرالي كافر يجاهر بكفره وعدائه للدين)
ثم تجد من وضع الفيديو يطالبك بقراءة التعليقات، وتجد آلاف التعليقات التي تخدم الثورة المضادة، لكي يحارب كل فصيل لوحده، ويظل القابعون على العروش مستمتعين بمشاهدتنا يفتك أحدنا بالآخر.
(مقالة: لن ننسى شهداءنا، ولا رئيسنا)
(مقالة: لن ننسى شهداء الجيش والشرطة)
ويطالبك الكاتب الشاب بالوفاء للشهداء، ويذكرك بأنهم استشهدوا وهم يحملون صور الدكتور محمد
مرسي.
ويذكرك الآخر بشهداء الجيش والشرطة، يذكرك وهو يجزم بهوية القاتل، ويطالب بقتل الآلاف هم (واللي يتشدد لهم).
(مقالة: انتصرت الثورة ولا عودة لما قبل الثلاثين من يونيو)
(مقالة: من خرجوا في الثلاثين من يونيو كفار وخوارج)
الكاتب يذكر جيدا كيف امتلأت الميادين، وكيف سقطت شرعية مرسي، لكنه لا يذكر ما هي طلبات الجماهير أصلا.
سترى آلاف المغالطات خلال الأيام القادمة، وسترى ملايين التعليقات التي تسب بالأب والأم، وربما تشاهد اشتباكات بالأيدي في الطرقات، وربما أكثر من ذلك..
كل ذلك يخدم الثورة المضادة، ويعطل مسيرة الحرية، ويعفي خصمنا من هموم كثيرة.
السلطة اليوم مرعوبة، وهي على وشك الفشل، وبينها بين الإفلاس شبر أو شبران، ولا منقذ لها مما هي فيه إلا أن ننشغل ببعضنا، وإذا فعلنا ذلك فتأكدوا أننا أعداء أنفسنا، وتأكدوا أننا أغبى من خصمنا.
ما العمل؟
لا تدخل في أي نقاش من أي نوع حول ما فات، وافتح حوارا جديدا بنَّاء عما هو آت !
لقد نصبوا لنا الكمين تلو الكمين، وكلما هدأت النفوس أثاروا الضغائن، وكلما وحدنا بطشهم تفننوا لكي تفرقنا أخطاء الماضي.
لقد أخطأ الجميع، كلنا أخطأنا، وكلنا اليوم على متن مركب مخطوف، يقوده قرصان موتور إلى هاوية سحيقة، ولا نجاة لنا إلا باصطفاف وطني يتعالى على الجراح، ويتكبر على الصغائر.
لقد ثبت بالمنطق والتاريخ أن مشكلة مصر الكبرى هي الحكم العسكري المستبد، فإما أن نتحد، وإما أن نهزم هزيمة ساحقة لا قيام لنا بعدها.
اختاروا ما شئتم يا قوم، أمامكم حفرة الماضي، بإمكانكم أن تقعوا فيها لكي يدفننا خصومنا الذين يحلمون بخطف ثورتنا إلى الأبد، أو أن نقفز فوق هذه الحفرة، وأن نتعاون لإكمال مسيرة الحرية.
أما بالنسبة لذكرى أول رمضان.. فقبل أن أقول لكم كل عام أنتم بخير، أحب أن أذكركم بجريمة أخرى تمت منذ سنوات ثلاث، في أول يوم من أيام رمضان، مع أذان المغرب، في لحظة الإفطار، دخلت الشرطة العسكرية ميدان التحرير لفض اعتصام سلمي لبعض الشباب، فهربوا ودخلوا مسجد عمر مكرم للاحتماء به، فدخلت الشرطة العسكرية حرم المسجد بالبيادات، وقبضت عليهم من داخل المسجد، وسجل التاريخ كيف اعتدت الشرطة العسكرية على المسجد وانتهكت حرمته، وكيف ضربوهم وسحلوهم، وسبوا الدين والآباء والأمهات، وسجل التاريخ أيضا صمت الجميع، حتى من التيار الإسلامي، لم يخرج تصريح واحد من أي جهة بأي شكل من أشكال الاستنكار.
في ذكرى ذلك الحدث كتبت مقالا بعنوان (خير الأجناد؟ أم جنود فرعون)، لعله أول صيحة استنكار على ما حدث، وقلت أن (خير أجناد الأرض) ليست أكثر من جملة في حديث لا أصل له (كان ذلك في عهد المجلس العسكري)، أدعوكم في هذه الذكرى إلى قراءة هذه المقالة لعل الذكرى تنفع المؤمنين.
https://www.youm7.com/News.asp?NewsID=736468#.U6qGfPmqkmw
كل عام وأنتم بخير ...
عاشت مصر للمصريين وبالمصريين ...
موقع إلكتروني: www.arahman.net
بريد إلكتروني:
[email protected]