شككت صحيفة نييورك تايمز بنسبة المشاركة في الانتخابات
المصرية التي أعلنتها اللجنة العليا للانتخابات والبالغة 47% من عدد الذين يحق لهم التصويت.
ونقلت الصحيفة عن مراقبين دوليين تشكيكهم بالنسبة.
وجاء في تقرير كتبه الصحفي دافيد كيركباتريك من القاهرة انه بعد يوم واحد من فوز ساحق في الانتخابات تجاوز 95 بالمائة من أصوات من شاركوا في الاقتراع حققه ضابط الجيش السابق الذي قاد الانقلاب العسكري الصيف الماضي، قال فريقان من المراقبين الأجانب يوم الخميس بأن
انتخابات الرئاسة في مصر فشلت في الارتقاء إلى المعايير الدولية للديمقراطية.
وقال إيريك بيورنلند، رئيس مؤسسة "الديمقراطية الدولية"، وهي منظمة متخصصة في مراقبة ورصد الانتخابات تمولها الولايات المتحدة الأمريكية: “البيئة القمعية في مصر تجعل من المستحيل إجراء انتخابات رئاسية ديمقراطية حقيقية”. وفي مقابلة أجريت معه وصف السياق السياسي بأنه “مزعج إلى حد كبير جداً”.
وجاء في تصريح صادر عن فريق من المراقبين التابعين للاتحاد الأوروبي أنه رغم الضمانات المنصوص عليها في الدستور، إلا أن احترام الحريات الأساسية في التجمع والتعبير “كان دون هذه المبادئ الدستورية”. ولخص روبرت غوبلز، عضو البرلمان الأوروبي عن لوكسمبرغ عملية التصويت بأنها “حرة ولكن ليست دوماً نزيهة” مشيراً إلى أن الفائز كان في وضع متميز جداً بسبب ما توفر له وحده من موارد مالية ووسائل إعلامية.
لكن المسؤولين المصريين قالوا إن 47% مما يقرب من 54 مليون نسمة يحق لهم التصويت شاركوا في الاقتراع، مما يعني حصول السيد
السيسي على 9ر23 مليون صوت، مقارنة بـ 2ر13 مليون صوت حصل عليها السيد مرسي في انتخابات 2012 في تنافس شديد ومتقارب مع عسكري سابق آخر هو أحمد شفيق.
ويقول كيركباتريك إن الفائز هو عبد الفتاح السيسي، المشير السابق في الجيش المصري، الذي اعتبره الجميع مرشح الدولة والمؤسسة السياسية ونخبة رجال الأعمال، كان فوزه متوقعاً علي نطاق واسع لدرجة أن الأمر كله بات مجرد إجراء شكلي.
ويرى كيركباتريك أن أنصار السيد السيسي اعتمدوا على الانتخابات ليشرعنوا زعامته بعد الانقلاب العسكري الذي أطاح في الصيف الماضي بالرئيس محمد مرسي، عضو الإخوان المسلمين، والذي اعتبر أول زعيم ينتخب بحرية ونزاهة في مصر.
ويلاحظ التقرير أن الإقبال القوي على صناديق الاقتراع جاء بعد أيام من الفزع والارتباك على الملأ بسبب ما شهدته مراكز الاقتراع من عزوف الناخبين، وكان غياب الناخبين في اليومين الأول والثاني المقررين للاقتراع واضحاً جداً لدرجة دفعت المسؤولين عن الانتخابات إلى اتخاذ خطوة غير اعتيادية بإضافة يوم ثالث في اللحظة الأخيرة بهدف رفع النسبة الكلية لعدد المقترعين.
ويرى كلا الفريقين من المراقبين الأجانب أن إضافة اليوم الثالث في اللحظات الأخيرة من الاقتراع كان خطأ، معتبرين ذلك مخالفة لا مبرر لها، كل ما عملته أنها عززت الشكوك في صدقية العملية وفي استقلالية السلطات المشرفة على الانتخابات.
ويرى بيورنلند، من مؤسسة “الديقمراطية الدولية إن "مراقبيه لم يشاهدوا عقبات في وجه المصوتين في اليومين الأول والثاني حتى يبرر إضافة يوم ثالث"، وقالت بعثة الاتحاد الأوروبي إن اليوم الثالث "تسبب في التريب غير الضروري في العملية الانتخابية".
أما المسؤولون المصريون فقالوا إن الإشراف الذي مارسته الهيئة العليا للانتخابات الرئاسية التابعة للحكومة، والمشكلة من عدد من كبار القضاة، كانت مستقلة سياسياً، وكانت تضمن سلامة عملية الاقتراع.
ولكن في الانتخابات المصرية السابقة كانت أفضل وسيلة لمنع التزوير هي العد الموازي من قبل المجموعات السياسية المستقلة — وبشكل خاص من قبل الإخوان المسلمين — وكذلك الرصد الحثيث الذي كان يقوم به ممثلو الحملات المتنافسة.
وتضيف النييورك تايمز "الآن، بات الإخوان المسلمون، الذين سادوا الانتخابات المصرية بواسطة ذراعهم السياسي خلال الأعوام الثلاثة الماضية، جماعة محظورة ومقموعة".
في الليلة التي سبقت اليوم الإضافي للاقتراع سحبت حملة حمدين صباحي مراقبيها من جميع مراكز الاقتراع، رافعة عقيرتها بالشكوى من قوات الأمن التي اتهمتها بإقصاء أفرادها والاعتداء عليهم واعتقالهم.
لذلك، يقول التقرير، أن السيد بيورنلند صرح بأن عدد المواطنين الذين شاركوا في الاقتراع ما كان يمكن التأكد منه نظراً لصغر بعثات المراقبة نسبياً. وقال: "لا نعلم يقيناً نسبة المشاركة في هذه الانتخابات، وفرق المراقبة التابعة لمؤسسة الديمقراطية الدولية لم تشاهد إقبالاً ضخماً، وليس لديها الإمكانيات لتقييم ذلك".
قاض واحد على الأقل من أعضاء هيئة الانتخابات شكك علانية بمراعاة بعض المبادئ الأساسية للديقمراطية؛ فقبيل الانتخابات البرلمانية الأولى في مصر بعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك عام 2011، قال القاضي نبيل صليب في عموده الصحفي بأن الانتخابات الديمقراطية لا تناسب مصر لأن عدداً كبيراً من المصريين فقراء وغير متعلمين.
كتب حينها يقول: أطالب بإلغاء الانتخابات إلى أن يقضى على الأمية ويتم ضمان الأحوال المعيشية للمواطنين على الأقل في حدها الأدنى، وحينها فإن إرادة الناس ستتحرر وسيرتقي مستواهم الثقافي” ومضى يقول: أوصى بأن تناط مهمة اختيار الزعيم بلجنة من القضاة والمفكرين، وويضيف: إن إلغاء الانتخابات هو بداية الطريق الحقيقي والخطوة الصحيحة الأولى في مسار يتجاوز طوله الألف ميل".