تحدثت صحيفة "
واشنطن بوست" عن وجود حالة من الإحباط بين الشباب
المصري الذي يشكل أكثر من نصف المجتمع، لأنهم وبعد كل التضحيات التي قدموها خلال ثورة 2011 إلا أنهم يرون نظام مبارك تعاد صياغته.
وفي تقرير اعدته مراسلتها في القاهرة إيرين كاننغهام قالت فيه إنه "لم يكد علي مصطفى (29 عاما) وأصدقاؤه الجالسون معا في مقهى شعبي أن ينبسوا ببعض الكلمات للتعبير عن حالة الإحباط التي يعيشونها تحت ظل النظام السياسي الجديد حتى قام مجموعة من الكهول يجلسون بالقرب منهم بنهرهم بغضب، وقال أحدهم "أنا أريد
السيسي"، بينما قام رجل آخر باتهام الشباب بأنهم يعبثون باستقرار البلاد وهددهم بالاتصال بالشرطة".
وتذكر أن هذا الحادث الذي وقع بمقهى في منطقة إمبابا الفقيرة يعكس الهوة بين الجيلين حول الطريق الذي تسير فيه مصر نحو الاستبداد، وإن هذا الانقسام سيشكل تحديا للسيسي إذا ما تم انتخابه رئيسا هذا الربيع.
وتضيف أن السيسي (59 عاما) يتفاخر بدعم الكبار في السن له، الذين يرون في تعامله العنيف مع الإسلاميين امتدادا لحقبة الحكم الأمني الذي ساد مصر منذ
انقلاب 1952، ولكنه يواجه أيضا غضب الشباب الذين يرفضون جو القمع السياسي حيث يسجن الناشطون والطلاب بينما ينهار الاقتصاد.
وتشير إلى أن الشباب تحت سن الخامسة والعشرين يشكلون أكثر من نصف المجتمع المصري، وأن النسبة في تزايد بينما يسيطر على الحكومة الكهول، فأصغر وزير في الحكومة هو وزير الشباب، خالد عبدالعزيز، وعمره 55 عاما ورئيس الوزراء إبراهيم محلب عمره 65 عاما، وهو من بقايا نظام مبارك.
وتضيف أن ازدياد عدد الشباب في البلدان النامية حيث يحكم سياسيون مخضرمون أمر معروف، ولكن المحللين يحذرون من أن هذه التوليفة تهدد بعدم استقرار سياسي في مصر بسبب القمع الذي قامت به قوات الأمن للطلاب والمتظاهرين الشباب.
يقول مصطفى: "هناك فرق كبير بيننا وبين كبار السن؛ هم يريدون أن يحكم العسكر ونحن لا نريد أحدا من العسكر أن يحكمنا مرة أخرى"، ويضيف "ولكن ماذا نستطيع أن نفعل؟ إذا حاولنا التغيير سيقومون بسجننا".
وتؤكد الكاتبة أن هذه الفجوة بين الأجيال ليست مطلقة، فهناك شباب يؤيدون السيسي والنظام العسكري القائم وهناك كبار سن يعارضونه ويعارضون الحملات الأمنية التي تقوم بها الحكومة.
وبحسب إحصائيات غير رسمية من راصدي الانتخابات فإن أقل من ربع الشباب تحت سن 30 شاركوا في الاستفتاء على الدستور في كانون ثاني/ يناير، ومع أنه لا توجد أرقام لنسبة الشباب المشاركين في استفتاء الدستور 2012، إلا أن ماجد عثمان مدير المركز المصري لبحوث الرأي العام (بصيرة) يقول إن نسبة مشاركة الشباب كانت أعلى في ذلك الاستفتاء.
وترى الكاتبة أن قلة مشاركة الشباب تشير إلى تعمق اللامبالاة لدى هذا القطاع الهام من المجتمع، بعد ثلاث سنوات من قيادة هؤلاء الشباب للثورة ضد مبارك ومن أجل الديمقراطية. فبالنسبة لهم وعد الحكومة بتحقيق الاستقرار عن طريق الدستور يشبه سنوات مبارك عندما أضطر الشباب أن يعيش تحت نير حكومة بوليسية فاسدة أو البحث عن عمل في أوروبا أو الخليج لأجل الهجرة.
ويقول الخبير السكاني أيمن زهري إن الشباب كانو ساذجين عندما ظنوا أن الثورة ستقضي على الفساد بين ليلة وضحاها، والكبار يتهمون الشباب أنهم ضد الاستقرار وضد الأمن.
وفي الواقع ساعد الإعلام المصري على إظهار قيادات شبابية مثل أحمد ماهر قائد حركة 6 أبريل الشبابية باعتبارهم مجموعة من المخربين المدعومين من الخارج لخلق الفوضى في مصر.
وكانت المجموعات الشبابية مثل مجموعة ماهر استمرت في التظاهر ضد حكم المجلس العسكري ثم ضد حكم مرسي، وشاركت بقوة أقل في المظاهرات منذ الانقلاب في تموز/ يوليو. وقد سجن أهم منظمي هذا التيار وعلى رأسهم أحمد ماهر.
وكذلك المظاهرات المؤيدة لمرسي، فإن من يقودها هم من الشباب وخاصة أن الحكومة سجنت آلافا من قيادة الإخوان المسلمين.
ويعلق عبد النبي عبد الستار المتحدث باسم مجموعة مؤيدة لحملة السيسي قائلا إن هؤلاء الشباب "يعارضون كل من هو في السلطة .. وهدفهم منع الاستقرار"، وعندما سئل عن سنه رفض الإجابة واكتفى بالقول إنه في الخمسينات من عمره، وأصر على أن كثيرا من مؤيدي السيسي هم من الشباب ولكنه لم يستطع إعطاء إسم واحد أو رقم هاتف لشاب متطوع في حملة دعم السيسي.