لم يعد سرا أن قادة
الاحتلال يسعون للبقاء في ما يعتبرونها "حربا أبدية" ضد الفلسطينيين في غزة، وهذا ما تريده الحكومة ونخبتها الأمنية والعسكرية، دون توقف، ولو ليوم واحد، بهدف تحقيق تصورات اليمين المتطرف المسيحاني الذي يسيطر على الحكومة المتعصبة، رغم أنها من أوصلت دولة الاحتلال إلى هذا الوضع الرهيب، لكن القناعة السائدة في أوساط الإسرائيليين أن نهاية
الحرب تعني نهاية الحكومة، ونهاية الحياة المهنية لجميع النخبة العسكرية الحالية والعديد من المنظومات الأمنية والاستخبارية.
وأكد عالم الاجتماع الإسرائيلي، عامير عكيفا سيغال، أن "نهاية حرب غزة تعني الذهاب إلى
انتخابات جديدة سيُهزم فيها اليمين، ونهاية الحرب تعني تشكيل لجنة تحقيق معمقة وصارمة ستنهي الحياة السياسية والأمنية والعسكرية لأقطاب الدولة الحاليين، ونهاية الحرب تعني إجراء تغيير عميق في كل المفاهيم الأمنية الإسرائيلية، بحيث يتغير النظام الأمني، وغيرها وغيرها من النتائج المتوقعة، لذلك فإن هناك من يشعر بالقلق من عدم استمرار الحرب على كل الجبهات الممكنة".
وأضاف في مقال نشره موقع "
زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أنه "في السابع من أبريل علمنا أن جميع وحدات الجيش تقريبا غادرت قطاع غزة، وهذا يعني أن الحرب انتهت، وكان من المناسب الإعلان عن نهايتها، إلى أن ظهرت الوعود التي لا تنتهي حول العملية في رفح، بحيث بدت وكأننا أمام الحرب الأطول والأكثر قسوة وفشلاً في تاريخ الاحتلال، لأنه بعد كل هذه الشهور الطويلة من الحرب فلا تزال حماس تسيطر على القطاع، وتعود إلى شماله، فيما تعيش إسرائيل وضعا أكثر كآبة وصعوبة من أي وقت مضى".
اظهار أخبار متعلقة
وأشار إلى أنه "رغم ذلك، فإن الإعلان عن نهاية الحرب لم يصل بعد، ولا يبدو أن ذلك سيتم من قبل الحكومة والنخبة الأمنية التي جلبت الوضع الحالي على الإسرائيليين، لأنها تجرّ الدولة إلى حرب أبدية، شاملة، ضد الجميع: غزة ولبنان والضفة وإيران واليمن، ومشاجرات مع الإدارة الأمريكية، وتصريحات لا أساس لها من الصحة تذكرنا بما أعلنته ألمانيا في الثلاثينيات، وحتى في المناطق التي يهاجمنا فيها الأعداء، فإن إسرائيل تنتج هجومًا بالفعل من تلقاء نفسها، من خلال تنفيذ عدوانات متواصلة في الضفة وسوريا ولبنان حتى يردوا علينا ضربة بعد ضربة".
وأكد أن "حرب غزة التي بدأت في السابع من أكتوبر الشهير بدأت بخسارة الاحتلال، وصاحبها إذلال عميق لم يتعاف منه، ولن يتعافى منه لفترة طويلة رغم محاولاته تغييب شعوره بالذلّ، أو من أجل استعادة الردع، وعلى وقع تغريدات القاعدة اليمينية المتطرفة، انطلقت الحكومة الحالية في هذه الحرب الفاشلة، ورغم اعتقاد كثير من الإسرائيليين بأن هناك إمكانية لهزيمة حماس في هذه العملية العسكرية الطويلة، فإن ذلك لم يتحقق على الإطلاق، ويبدو أننا أمام مهمة مستحيلة، رغم أن ذلك كان ينبغي أن يكون واضحا أمام جيشنا الفاشل".
وأضاف أنه "من الأفضل ألا نتوقع من الحكومة الحالية القدرة على تنفيذ مثل هذه العملية الاستراتيجية المعقدة في غزة، رغم قسوتها الواضحة والدمار الشامل الذي لحق بقطاع غزة، بما فيها المقابر الجماعية، والمباني المنهارة، والأزمة الإنسانية الفظيعة، لكن حماس لا تزال تسيطر على القطاع، وفي الوقت نفسه أهداف الحرب لم تتحقق، رغم مقتل مئات الجنود، ومئات الآلاف من جنود الاحتياط الذين انقلبت حياتهم رأسا على عقب، وحكم عليهم أن يعيشوا مرحلة ما بعد الصدمة، وأضرارا اقتصادية رهيبة، حتى أصبحت إسرائيل أكثر فأكثر مصابة بالجذام من وجهة نظر العالم".
اظهار أخبار متعلقة
وأوضح أن "الفشل الإسرائيلي لم يقتصر على جبهة غزة، فالجبهة الشمالية أيضاً شهدت تدمير العديد من المستوطنات على الحدود اللبنانية، ولم يعد مستوطنوها إلى ديارهم، وليس من الواضح متى سيعودون، وهكذا تم إجلاء مئات آلاف الإسرائيليين من منازلهم خلال الأشهر الماضية، وهذا الإخلاء جزء من الفشل والخسارة الفادحة التي مُنيت بها إسرائيل مؤخرا، وكل ذلك يؤكد أن أيّاً من أهداف الحرب لم تعد صالحة، رغم الاعتقاد الشائع بأن الحصول على الأمن يحصل كلما سنحت الفرصة لقتل أو ترحيل المزيد من الفلسطينيين".
وكشف أن "عودة المختطفين من أسر حماس لا تهم الحكومة الحالية، على العكس تماما، فقد بدا أنها العائق الرئيسي أمام عودتهم، وقد تخلت عنهم، وما زالت تتخلى، ولعل أشرطة الفيديو التي تصدرها حماس حول المختطفين دليل على إهمال وفشل الحكومة الحالية والنخبة الأمنية في الدولة تجاههم، في ضوء تردي علاقاتنا الدولية، ووضعنا الدولي، والتماسك الاجتماعي الهشّ، بسبب الحرب الأبدية الحالية التي أسفرت عن الانهيار الاقتصادي الناشئ، والأضرار التي تسببت بها هذه الحرب للمجتمعات اليهودية في العالم، وعلاقتها بإسرائيل".
اظهار أخبار متعلقة
يمكن الخروج باستنتاج حقيقي من هذه القراءة الإسرائيلية مفاده أن كل من لديه عين في رأسه يفهم اتجاه الانهيار الحتمي لهذه الحرب الطويلة والمرهقة، التي حققت إنجازا واحدا وهو أن هذه الحكومة لا تزال في السلطة، وبنيامين نتنياهو لا يزال جالسا على عرشه، ويمكنه ترميم حمام السباحة، أو التسكع في المنزل، وكل ذلك من أجل عدم وقف هذه الحرب التي تكلف الإسرائيليين والفلسطينيين ثمنا باهظا، الأمر الذي يدعو للإطاحة بهذه الحكومة التي ارتكبت كل سلسلة الإخفاقات والخسائر، وتقود الاحتلال من فشل يتلوه فشل في حرب غير ضرورية وفاشلة وكارثية للجميع.