نشرت صحيفة "
نيويورك تايمز" تقريرا للصحفية باتريشيا كوهين، أشارت فيه إلى أن "الهجمات التي يشنها المسلحون الحوثيون المدعومون من إيران على السفن التجارية في البحر الأحمر، تستمر في تعطيل طريق تجاري حيوي وزيادة تكاليف الشحن"، لافتة إلى أن الحرب الإسرائيلية على حماس أضرت باقتصادات الدول المجاورة.
وقالت في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن التهديد بالتصعيد هناك وحول نقاط التوتر في
لبنان والعراق وسوريا واليمن، والآن إيران وباكستان، يتصاعد كل يوم.
وأضافت أنه "على الرغم من عدد القتلى المذهل والبؤس المؤلم الناجم عن أعمال العنف في الشرق الأوسط، فإن التأثير الاقتصادي الأوسع حتى الآن كان تحت السيطرة في الأغلب. وقد عاد إنتاج النفط وأسعاره، وهو محرك بالغ الأهمية للنشاط الاقتصادي والتضخم في جميع أنحاء العالم، إلى مستويات ما قبل الأزمة. ولا يزال السياح الدوليون يسافرون إلى بلدان أخرى في الشرق الأوسط مثل السعودية والإمارات وقطر.
اظهار أخبار متعلقة
وتابعت: "مع ذلك، بالنسبة لجيران إسرائيل المجاورين،
مصر ولبنان والأردن، فإن الأضرار الاقتصادية جسيمة بالفعل".
ووفقا لتقييم أجراه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد كلفت الحرب بين إسرائيل وغزة الدول الثلاث خلال ثلاثة أشهر فقط 10.3 مليار دولار، أو 2.3% من ناتجها المحلي الإجمالي مجتمعا. ومن المتوقع أيضا أن يقع 230 ألف شخص إضافي في هذه البلدان في براثن الفقر، حسب التقرير.
وحذر التحليل من أن "التنمية البشرية قد تتراجع لمدة سنتين إلى ثلاث سنوات على الأقل في مصر والأردن ولبنان"، مشيرا إلى تدفقات اللاجئين وارتفاع الدين العام وانخفاض التجارة والسياحة - وهي مصدر حيوي للإيرادات والعملة الأجنبية وفرص العمل.
وأشار التقرير إلى أن هذا الاستنتاج يعكس تحديثا أصدره صندوق النقد الدولي الشهر الماضي، الذي قال إنه من المؤكد أن يخفض توقعاته للدول الأكثر عرضة عندما ينشر توقعاته للاقتصاد العالمي في نهاية هذا الشهر.
ونقل عن جوشوا لانديس، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامعة أوكلاهوما، قوله إن الضربات الاقتصادية الأخيرة لا يمكن أن تأتي في وقت أسوأ بالنسبة لهذه البلدان.
وذكر التقرير أن النشاط الاقتصادي في جميع أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كان في حالة تراجع أصلا، حيث انخفض إلى نمو بنسبة 2% في عام 2023 من 5.6% في العام الذي سبقه. لقد وقع لبنان في شرك ما وصفه البنك الدولي بواحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية والمالية في العالم منذ أكثر من قرن ونصف. وكانت مصر على حافة الإفلاس.
وأشار إلى أن عدم اليقين بشأن مسار الحرب يؤدي في الأردن ولبنان ومصر إلى تآكل ثقة المستهلكين والشركات، وهو ما من المرجح أن يؤدي إلى انخفاض الإنفاق والاستثمار، كما يقول صندوق النقد الدولي، بحسب ما كتبه المحللون.
وقال التقرير إن مصر، أكبر دولة في العالم العربي من حيث عدد السكان، لم تتعاف بعد من ارتفاع تكلفة الواردات الأساسية مثل القمح والوقود، وانخفاض عائدات السياحة، وانخفاض الاستثمار الأجنبي الناجم عن جائحة فيروس كورونا والحرب في أوكرانيا.
وأضاف أن الإنفاق الحكومي الباذخ على المشاريع الضخمة والأسلحة إلى أدى ارتفاع ديون مصر. وعندما رفعت البنوك المركزية في جميع أنحاء العالم أسعار الفائدة للحد من التضخم، تضخمت مدفوعات الديون تلك. ويستمر ارتفاع الأسعار داخل مصر في التسبب بتآكل القوة الشرائية للأسر وخطط الشركات للتوسع.
اظهار أخبار متعلقة
وقال لانديس: "لا أحد يرغب في الاستثمار، لكن مصر أكبر من أن تفشل"، موضحا أن الولايات المتحدة وصندوق النقد الدولي. ومن غير المرجح أن تسمح البلاد بالتخلف عن سداد قروضها الأجنبية البالغة 165 مليار دولار، نظرا لأهميتها الاستراتيجية والسياسية.
ويعد انخفاض حركة الشحن العابر إلى البحر الأحمر من قناة السويس أحدث ضربة تتلقاها مصر. وفي الفترة بين كانون الثاني / يناير وآب/ أغسطس، حققت مصر إيرادات متوسطها 862 مليون دولار شهريا من القناة، التي يمر عبرها 11% من التجارة البحرية العالمية، وفقا للتقرير.
ونقل التقرير عن جيمس سوانستون، خبير اقتصادي الأسواق الناشئة في كابيتال إيكونوميكس، قوله إنه وفقا لرئيس هيئة قناة السويس، انخفضت حركة المرور بنسبة 30% هذا الشهر مقارنة بشهر كانون الأول/ ديسمبر، كما انخفضت الإيرادات بنسبة 40% مقارنة بمستويات 2023.
وقال: "هذا هو أكبر تأثير غير مباشر".
وبالنسبة لهذه الاقتصادات الثلاثة المتعثرة، فإن انخفاض السياحة مثير للقلق بشكل خاص. وفي عام 2019، شكلت السياحة في مصر ولبنان والأردن ما بين 35% إلى ما يقرب من 50% من صادراتها من السلع والخدمات مجتمعة، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وذكر التقرير أنه في أوائل شهر كانون الثاني/ يناير، كانت التذاكر المؤكدة للوافدين الدوليين إلى منطقة الشرق الأوسط الأوسع للنصف الأول من هذا العام أعلى بنسبة 20% مما كانت عليه في العام الماضي، وفقا لشركة ForwardKeys، وهي شركة تحليل البيانات التي تتبع حجوزات السفر الجوي العالمية.
ولكن كلما اقترب القتال، كلما كان الانخفاض في عدد المسافرين أكبر. وتبخرت معظم السياحة الوافدة إلى "إسرائيل"، ما ألحق المزيد من الضرر بالاقتصاد الذي انقلب رأسا على عقب بسبب حرب واسعة النطاق، وفقا للتقرير.
وفي الأردن، لفت التقرير إلى حجوزات الطيران انخفضت بنسبة 18%. وفي لبنان، حيث تقاتل القوات الإسرائيلية مقاتلي حزب الله على طول الحدود، انخفضت الحجوزات بنسبة 25%.
وقال أوليفييه بونتي، نائب رئيس قسم الرؤى في شركة ForwardKeys: "المخاوف من المزيد من التصعيد الإقليمي تلقي بظلالها على آفاق السفر في المنطقة".
وفي لبنان، ساهم السفر والسياحة سابقا بخمس الناتج المحلي الإجمالي السنوي للبلاد، حسب التقرير.
وقال حسين عبد الله، المدير العام لشركة لبنان للسياحة والسفر في بيروت: "الموقع رقم واحد في لبنان هو بعلبك". تعد الآثار الرومانية المترامية الأطراف التي يبلغ عمرها 2000 عام مذهلة للغاية لدرجة أن الزوار اقترحوا أن الجن قاموا ببناء قصر هناك لملكة سبأ أو أن الكائنات الفضائية قامت ببنائه ليكون بمثابة منصة هبوط بين المجرات.
والآن، قال عبد الله: "إنها فارغة تماما".
وقال عبد الله إنه منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، انخفضت حجوزاته بنسبة 90% عن العام الماضي. وقال: "إذا استمر الوضع على هذا النحو، فإن العديد من منظمي الرحلات السياحية في بيروت سيتوقفون عن العمل"، وفقا لحديثه إلى معدة التقرير.
اظهار أخبار متعلقة
كما انخفض السفر إلى مصر في تشرين الأول/ أكتوبر وتشرين الثاني/ نوفمبر وكانون الأول/ ديسمبر. وذكر لانديس من مركز الشرق الأوسط في أوكلاهوما أنه حتى شقيقه ألغى رحلة مخططة إلى نهر النيل، واختار بدلا من ذلك قضاء العطلة في الهند.
ونقل التقرير عن خالد إبراهيم، مستشار شركة أميسول ترافيل إيجيبت وعضو تحالف الشرق الأوسط للسفر، قوله إن عمليات الإلغاء بدأت تتدفق بعد بدء الهجمات. ومثل منظمي الرحلات السياحية الآخرين، قدم خصومات على الوجهات الشهيرة مثل شرم الشيخ في الطرف الجنوبي لشبه جزيرة سيناء، ووصل معدل الإشغال إلى حوالي 80% من المعدل الطبيعي.
وهو أقل تفاؤلا بشأن إنقاذ بقية ما يعتبر الموسم السياحي الرئيسي. وقال إبراهيم من المدينة المنورة بالسعودية، حيث كان يقود جولة: "أستطيع أن أقول إن هذا الشتاء، من كانون الثاني/ يناير إلى نيسان/ أبريل، سيكون مليئا بالتحديات. ربما تنخفض الأعمال إلى 50%"، وفقا للتقرير.