تقارير

مئذنة مسجد القلعة تنتصر وتعود لمعانقة السماء

مئذنة ومسجد القلعة بالقدس العربية المحتلة
مئذنة ومسجد القلعة بالقدس العربية المحتلة
بإزالتها أواخر العام الماضي قبة وهلال مئذنة مسجد قلعة القدس التاريخية، في منطقة باب الخليل بمدينة القدس المحتلة، تكون سلطات الاحتلال قد كثفت حملاتها لتهويد معالم المدينة المقدسة وطمس هويتها الإسلامية والعربية وتبديلها برواية محرفة تغير الواقع الحضاري الإسلامي في المدينة.

وقام ما يسمى "متحف تاريخ أورشليم القدس" بتركيب سقالات حديدية حول المئذنة في عام 2021، زاعما أنه يقوم بعمليات ترميم للمئذنة التي تعد الأعلى في البلدة القديمة، وقد بنيت عام 1310، فوق مسجد القلعة، ثم جددت لاحقا في العهد العثماني.

ويطلق الاحتلال على قلعة القدس اسم "قلعة داود" رغم أنه لا علاقة لها بالنبي داود عليه السلام، فهي بنيت في العهد الروماني، وهناك روايات تقول بأن من بناها هم اليبوسيون.

ويستطيع الزائر لمدينة القدس أن يشاهد من خلال مئذنة القلعة كل البلدة القديمة ومحيط المدينة المقدسة، والمعالم والآثار التاريخية الشاهدة على إسلامية وعروبة المدينة.

وتتكون المئذنة من ثلاثة طوابق حجرية، يشكل أولها قاعدتها المربعة، ويقوم فوقه الطابق الثاني أسطواني الشكل، ومن ثم الطابق الثالث، الذي يعد الأصغر حجما من الطابق الثاني، ويتوسط منتصفه بناء صغير، يشكل طاقية المئذنة.

وبعد احتلال القدس عام 1967، بدأ الاحتلال عمليات حفريات واسعة تخللها تدمير جزء منها وعدد كبير من الآثار الإسلامية فيها.

وفي عام 1980 حولها الاحتلال ومسجدها إلى متحف تهويدي باسم "متحف قلعة داود"، يحكي قصة "الهيكل" المزعوم، ويتم تقديم تاريخ القدس، عبر أحدث الوسائل الإلكترونية من وجهة نظر أيديولوجية إسرائيلية.

ويعتبر مسجد القلعة من أجمل مساجد القدس الواقعة خارج سور المسجد الأقصى، وأتقنها عمارة، تبلغ مساحته 144 مترا مربعا، وارتفاعه من الداخل يصل حوالي 6 أمتار، وبجانبه مئذنة قديمة تعود للفترة العثمانية.

ويتكون المسجد من بيت للصلاة يتم الوصول إليه عبر مدخل شرقي صغير الحجم نسبيا، مسقوف بطريقة القبو البرميلي، وفيه محراب بديع المنظر ومزخرف، عبارة عن حنية حجرية متوجة بطاقية يتقدمها عقد ترتكز أرجله على عمودين قائمين على جانبي المحراب.


                                      قلعة القدس معلم أثري يصارع التزييف الإسرائيلي

ومنع الاحتلال الصلاة مباشرة في مسجدي القلعة، وحول الاحتلال أحد المسجدين إلى قاعة عرض تابعة للمتحف رغم وجود محراب ومنبر بداخلها، وكان هذا المسجد هو الجامع الوحيد غير المسجد الأقصى في مدينة القدس خلال الفترة العثمانية.

وزعمت إدارة المتحف بأن إزالة القبة والهلال كان بإشراف ما تسمى "سلطة الآثار الإسرائيلية" ضمن عملية ترميم شاملة بتكلفة تصل إلى 50 مليون دولار، وبعد الاختبارات الهندسية التي أجريت للمئذنة التي أُنشئت عام 1635، تم تحديد شقوق في الهيكل قد يكون سببها النشاط الزلزالي على مر السنين. وعلى ضوء ذلك، تزعم إدارة المتحف، إنها بادرت بأعمال ترميم المئذنة.

لكن المقدسيين يرون في هذه الخطوة مسارا جديدا يهدف إلى تغيير هوية المدينة، بما فيها المقابر والمآذن بدعوى الترميم وبناء الحدائق.

والترويج لفكرة أن القلعة يهودية يتطلب إزالة كل شيء يثبت عروبة المكان، وهذا ما يفعله الاحتلال، ويجد الزائر في قاعة مسجد القلعة تماثيل صليبية ومجسمات وعروضا ضوئية سمعية وبصرية تتبنى الرواية التوراتية، وتهمش الرواية الإسلامية الصحيحة، وتركز على ما تسمى "فترة الهيكلين الأول والثاني"، وفق الرواية التلمودية.

وتدعي إدارة المتحف الذي افتتح عام 1989 أنها تروي من خلاله قصة مدينة القدس الممتدة قبل 3 آلاف عام، لكنها في الحقيقة تتعمد تجاهل الكثير من الحقائق التي تدل على عروبة وإسلامية المدينة المقدسة. والمتحف لا يذكر العرب، ولا يتناول القدس في الفترات التي ازدهر فيها الوجود الإسلامي طوال 1400 عام.

الاحتلال يسعى من كل ذلك إلى إثبات روايته التي على أساسها قدم نفسه بأنه "صاحب حق بأرض الأجداد"، ويؤكد مختصون بأن الاحتلال لم يتمكن حتى اللحظة من إثبات وتكريس هذه الرواية على الرغم من كل ما يفعله من تهويد وإجرام وسرقة تدعم روايته.

وشهد المقدسيون سلسلة انتهاكات لم تقتصر على أعمال الترميم، بل تعدتها إلى طمس كل ما يشير إلى الحقب الإسلامية المختلفة التي مرت على هذا المكان، ومحاولات إخفاء رموز إسلامية بل وسرقتها أحيانا.


                                مئذنة مسجد القلعة بعد إزالتها بحجة عمليات الترميم

وبعد مماطلة وتجاهل للمطالب المقدسية بإعادة قبة وهلال مئذنة مسجد قلعة القدس التاريخية، التي أزالها بحجة القيام بأعمال ترميم للمئذنة أعادت سلطات الاحتلال قبة وهلال المئذنة في كانون الثاني/يناير الماضي بعد سبعة أشهر من الضغط المقدسي الذي لم يتوقف.

المصادر

ـ مئذنة قلعة القدس.. شاهد جديد يحاول الاحتلال طمسه، المركز الفلسطيني للإعلام، 5/12/2022.

ـ رائف يوسف نجم وآخرون، كنوز القدس، مؤسسة آل البيت، عمان، 1983.

ـ محمد الكفراوي، مساجد بيت المقدس، نادي الخريجين العرب، القدس، 1983.

ـ أسيل الجندي، الاحتلال يزيل قبة وهلال مئذنة قلعة القدس التاريخية، الجزيرة نت، 25/11/2022.

ـ بكيرات: الاحتلال يماطل بإعادة هلال مئذنة قلعة القدس، وكالة صفا، موقع البوصلة، 10/12/2022.

ـ صحيفة الدستور الأردنية، صحيفة الرأي الأردنية، وكالة صفا، قدس برس، بعد7 أشهر من إزالتهما الاحتلال يعيد قبة وهلال مئذنة قلعة القدس،23 /1/2023.
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم