بعد
مرور أكثر من عام على "هبة رمضان" في أيار/ مايو 2021، التي انخرط فيها فلسطينيو48، ما زالت أوساط الاحتلال تنظر إليهم على أنهم "تهديد أمني" من داخل الدولة،
لأنهم ثاروا عليها، وفتحوا جبهة أخرى ضدها، بجانب غزة والضفة والقدس، ما كشف -في نظر
هذه الأوساط- عن سلسلة من الإخفاقات الأمنية والاستخبارية التي وقعت فيها أجهزة الأمن
والشرطة، لأن هذه التظاهرات والاحتجاجات من فلسطينيي48 عبرت بصورة حقيقية عما أسمته
ظاهرة "الفراغ الحكومي".
تتحدث
هذه المحافل الإسرائيلية عن مسؤولية مباشرة وقعت فيها الحكومة برمتها عن تمرد فلسطينيي48
على دولة الاحتلال، بدءا برئيس الوزراء في ذلك الوقت بنيامين نتنياهو، ووزير الأمن
الداخلي الأسبق أمير أوحانا، بجانب المؤسسة الأمنية والمستوى السياسي.
نداف
شرغاي، الكاتب في صحيفة "
إسرائيل اليوم"، ذكر في مقال ترجمته "عربي21"
أن "فلسطينيي48 انطلقوا في هبّتهم تلك من فرضية "الأقصى في خطر"، ومعتقدات
يؤمنون بها تشكل وقودا لمظاهراتهم، منها أن إقامة دولة إسرائيل تعدّ بالنسبة لهم
"نكبة وكارثة"، ليس شعارات نظرية، بل سلوكا عملياً كان حاضرًا خلال الاحتجاجات
الميدانية التي استمرت عدة أيام، ما رفع من مستوى الخطورة التي عاشتها دولة الاحتلال
في تلك الأيام".
وأضاف
أن "الدعم الذي قدمه بعض القادة السياسيين والدينيين من فلسطينيي48 لاحتجاجاتهم،
سواء بالصمت أحيانًا، وأحيانًا أخرى بشكل مباشر، وأحياناً ثالثة بشكل غير مباشر، من
خلال الحديث أن "القدس لديها أخوات عزيزات في يافا وحيفا وعكا واللد والرملة"،
ولذلك فقد تركزت خلال انتفاضة أيار/ مايو 2021 المقاومة الفلسطينية ضد القمع الصهيوني
في هذه المدن التي عملت على إزالة اسم إسرائيل من خارطة فلسطين، لأنها بنظرهم فلسطين،
هكذا سميت قديماً، وستسمى فلسطين مرة أخرى".
تؤكد
المحافل الإسرائيلية أنه بعد مرور عام على تلك الأحداث، فما زال الردع الإسرائيلي تجاه
فلسطينيي48 غير قائم، لعل أخطر ما في هذه الانتفاضة أن الجهاز المسؤول عن الأمن الداخلي
في دولة الاحتلال لم يحقق بعد رادعًا ضد مثيري الاحتجاجات من بين فلسطينيي48، بدليل
أنه في الآونة الأخيرة شهدت المزيد من تعرض المستوطنين اليهود للعديد من الهجمات من
هؤلاء الفلسطينيين، الذين أفشلوا مخططات الأسرلة والتهويد والصهينة التي بدأتها دولة
الاحتلال منذ أكثر من سبعين عاما.
صحيح
أن الأوساط السياسية والأمنية الإسرائيلية تحاول التضخيم من بعض هذه الأحداث من أجل
تحريض أجهزة الأمن ضد فلسطينيي48، لكن الواقع القائم في المدن الفلسطينية والعربية
في الداخل المحتل يكشف عن فشل أساليب الهيمنة والاستيلاء الوحشي من قبل المستوطنين
على الممتلكات الفلسطينية والعربية فيما تسمى "المدن المختلطة".
الخلاصة
الإسرائيلية أن مرور عام على عملية "حارس الأسوار"، التي نفذها جيش الاحتلال
ضد قطاع غزة، بعد أحداث حي الشيخ جراح والمسجد الأقصى، وانخرط للدفاع عنها فلسطينيو48،
تؤكد أن الردع الإسرائيلي ضدهم لم يتحقق، ما يكشف عن سلسلة من الإخفاقات الأمنية والسياسية
الإسرائيلية تجاه جبهة اعتقد الاحتلال لحظة واحدة أنها باتت مستكينة مسالمة تم تدجينها
وترويضها.