هذا الموقع يستخدم ملف تعريف الارتباط Cookie
كشف موقع "ديسكلوز" الاستقصائي تفاصيل ما اعتبره "مساهمة فرنسا في أعمال عبد الفتاح السيسي الديكتاتورية"، بعد قصف مدنيين على الحدود مع ليبيا بدعوى أنهم إرهابيون.
وأكد الموقع أن مصر استغلت مساعدة استخباراتية مقدمة من فرنسا لاستهداف مهربين عند الحدود المصرية-الليبية وليس "جهاديين" بخلاف ما هو متفق عليه، مستشهدا بـ"وثائق دفاع سرّية" تظهر انحراف هذه المهمة الفرنسية عن مسارها.
وتعود القصة إلى شباط/ فبراير 2016، حين بدأت فرنسا مهمة "سيرلي" الاستخبارية لحساب مصر في إطار مكافحة الإرهاب، بعد اتفاق بين الطرفين.
أصل العملية
استنجدت مصر بفرنسا في 25 تموز/ يوليو 2015، إذ سافر جان إيف لودريان، وزير دفاع فرانسوا هولاند آنذاك، إلى القاهرة مع مدير المخابرات العسكرية الجنرال كريستوف غومارت. والتقى بنظيره المصري صدقي صبحي، إذ اشترت القاهرة 24 طائرة مقاتلة من طراز رافال وسفينتين حربيتين مقابل 5.6 مليار يورو.
وفي نفس الزيارة، أكد الوزير المصري "حاجة بلاده الملحة" إلى مساعدة المخابرات الفرنسية الجوية من أجل تأمين 1200 كيلومتر من الحدود مع ليبيا التي كانت تعاني من الفوضى وانعدام الأمن في تلك الفترة.
اقرأ أيضا: فرنسا "تعويض" عملائها في حرب الجزائر
ولاحقا، تعهد جان إيف لودريان بتنفيذ "تعاون عملي وفوري"، كجزء من "مناورة عالمية ضد الإرهاب".
وانطلقت العملية العسكرية في مطلع عام 2016، حيث تم إرسال فريق من القوات الفرنسية سرا إلى الصحراء الغربية، على مساحة 700 ألف كيلومتر مربع تمتد من النيل إلى الحدود المصرية الليبية، وتم حشد عشرة عملاء: أربعة جنود وستة من أفراد الجيش السابقين، أعيد تدريبهم في القطاع الخاص برفقة طياريْن وطائرتين وأربعة محللين. وتم توظيف هؤلاء الأخيرين من قبل شركة "CAE Aviation" المتخصصة في التصوير واعتراض الاتصالات، بحسب الموقع.
انحراف العملية
ومن حيث المبدأ، فإن مهمة العملية، التي أطلق عليها اسم "ELT 16" لـ"فريق الاتصال التقني 16"، هي مسح الصحراء الغربية بحثا عن تهديدات إرهابية محتملة آتية من ليبيا، باستخدام طائرة مراقبة واستطلاع خفيفة مستأجرة من مديرية الاستخبارات العسكرية الفرنسية.
وبحسب مذكرة من هيئة الأركان المسلحة الفرنسية بتاريخ 15 كانون الأول/ يناير 2016، فقد بلغت تكلفة استئجار طائرة "ALSR" المستعملة في العملية 1.45 مليون يورو بين تموز/ يوليو وكانون الأول/ ديسمبر 2016. وقد يصل هذا إلى 18.8 مليون يورو الآن.
اقرأ أيضا: التحقيق باغتصاب مجندة بقصر الإليزيه في فرنسا
وأضاف الموقع الاستقصائي أن العملية تتمثل نظريا في فحص البيانات التي تجمع ومقارنتها، من أجل تقييم حقيقة التهديد وهوية المشتبه بهم. لكن سرعان ما أدرك أعضاء الفريق أن المعلومات الاستخبارية المقدّمة للمصريين، تستخدم لقتل مدنيين يشتبه في قيامهم بعمليات تهريب.
وظهرت الشكوك الأولى بعد شهرين فقط من تنفيذ أول عملية قصف، استنادا إلى تقرير إدارة الحقوق الرقمية بتاريخ 20 نيسان/ أبريل 2016، حيث حذر ضابط اتصال قائلا: "يريد المصريون اتخاذ إجراءات مباشرة ضد المدنيين. تبدو الحرب ضد الإرهاب بعيدة بالفعل".
وتورطت القوات الفرنسية في ما لا يقل عن 19 عملية قصف ضد مدنيين بين العامين 2016 و2018، بحسب الوثائق التي حصل عليها موقع "ديسكروز".
إصرار مصري
ورغم الاحترازات التي قدمها الجيش الفرنسي مع بداية العملية، أصر عقيد في الجيش المصري على القيام بطلعات جوية من أجل الحد بشكل كبير من نشاط المهربين العابرين بين ليبيا ومصر، في منطقة صحراوية شاسعة تمتد من واحة سيوة الجنوبية إلى بلدات دلتا النيل.
وغالبا ما يقود المركبات الصالحة لجميع التضاريس الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و30 عاما، وهم مدنيون يمكنهم حمل السجائر أو المخدرات أو الأسلحة، ولكن يمكنهم أيضا حمل مستحضرات التجميل أو البنزين أو حتى الأرز والحبوب، بحسب ملاحظات إدارة الحقوق الرقمية.
اقرأ أيضا: أحكام "خلية الأمل" تنسف مزاعم السيسي بشأن الحقوق والحريات
وفي مذكرة أرسلت إلى الرئاسة الفرنسية في 23 تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، وأعربت مديرية الاستخبارات العسكرية والقوات الجوية عن قلقهما من التجاوزات في هذه العمليّة.
وتحدثت مذكّرة أخرى بتاريخ 22 كانون الثاني/ يناير 2019 أرسلت لوزيرة القوات المسلحة الفرنسية فلورنس بارلي قبل زيارة رسمية لمصر مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، عن وجود "حالات مؤكّدة لتدمير أهداف اكتشفتها" الطائرة الفرنسيّة. وتقول المذكرة إن "من المهمّ تذكير الشريك بأن طائرة المراقبة والاستطلاع الخفيفة ليست أداة استهداف".
ورغم تسجيل عديد التجاوزات وانحراف أهداف المهمة العسكرية، فإن فرنسا لم تطرح إعادة النظر بهذه العملية، حيث أكد الموقع أن "الجيش الفرنسي ما زال منتشرا في الصحراء المصرية".